يرى متخصصون في الشأن الآسيوي وفي المنطقة المحيطة ببورما، من بينهم البروفيسور ميا مونغ، صاحب كتاب “طريق بورما إلى الرأس مالية: نمو اقتصاد على حساب الديمقراطية”، أن الدعم الاقتصادي القادم من سنغافورة هو عصب الحياة الأساسي لنظام الحكم العسكري في بورما، حيث تصنف سنغافورة من بين أقوى أربع شركاء اقتصاديين لبورما، ومن بين أكثر القوى الاقتصادية قوة وتأثيرا على المنطقة بشكل عام وعلى بورما بشكل خاص بحكم العلاقات الوثيقة التي تجمع حكام سنغافورة بحكام بورما.
وبالرغم من توجه عدد من دول العالم إلى تسليط عقوبات اقتصادية على بورما بسبب الوضع الإنساني المتردي وبسبب اتهامها بارتكاب جرائم إبادة وممارستها للتمييز الديني، فإن سنغافورة، وبتوجيهات رئيس وزرائها السابق لي كوان يو، الملقب ب”أب سنغافورة”، والمعروف بعدائه للإسلام ووضفه إياه ب”الدين السام”، حافظت على علاقاتها الاقتصادية والسياسية والعسكرية مع بورما، لتصبح ذات نفوذ قوي داخلها.
ويتكون المجتمع السنغافوري من أغلبية بوذية تمثل حوالي 33 بالمائة من إجمالي السكان، و18 بالمائة من المسيحيين، بالإضافة إلى قرابة 15 بالمائة من المسلمين، يعيشون في سلام منذ منتصف القرن الماضي، على عكس ميانمار/بورما ذات الأغلبية البوذية الحاكمة، والتي تقدر بأكثر من 80 بالمائة، وأقلية مسلمة محرومة حتى من حق الحصول على الجنسية.
علاقات تاريخية وسياسية واقتصادية وثيقة، أشار نائب رئيس الوزراء التركي، بولنت أرنتش، إلى أن رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان عمل على توظيفها من أجل إيقاف الإبادة الجماعية التي تمارس ضد المسلمين في بورما، حيث دعا أردوغان سنغافورة لبذل جهد أكبر من أجل التدخل في الصراع بين المسلمين والبوذيين في بورما/ميانمار، وإيقاف النزاع الدائر فيها.
وتحدث أردوغان مع المسؤولين السنغافوريين عن الاشتباكات الدائرة بين المسلمين والبوذيين في بورما/ميانمار، ولفت أنظارهم إلى أن سنغافورة لديها حرية دينية كبيرة ويقطنها أغلبية من البوذيين، وهو ما رد عليه المسؤولون السنغافوريون بالقول بأنهم وإن لم يتدخلوا بشكل مباشر، فإنهم لا يرغبون بوقوع صراعات من هذا القبيل في بورما/ميانمار، مؤكدين عزمهم على لعب دور بناء في إيقاف إراقة الدماء بين المسلمين والبوذيين.