ما أسباب الخلاف بين تحالف الحوثي وصالح في اليمن؟

mideast_yemen-jpeg-02ac5

في الـ28 من يوليو 2016، أعلنت جماعة الحوثي وحزب المؤتمر الشعبي العام وحلفاؤه، عن تشكيل مجلس سياسي لإدارة شؤون البلاد، الاتفاق المشار إليه الموقع في العاصمة اليمنية صنعاء ينص على تشكيل مجلس سياسي أعلى لإدارة البلاد يتكون من عشرة أعضاء، وللمجلس الحق في إصدار القرارات واللوائح اللازمة لإدارة البلاد، ورسم السياسة العامة للدولة.

ووقع الجانبان ما أسمياه “الاتفاق الوطني السياسي”، الذي بموجبه ستتحدد مسؤولية قيادة البلاد وتسيير أعمال الدولة وفقًا للدستور الدائم للجمهورية اليمنية والقوانين النافذة وحسب البيان الصادر عن اللقاء بين الجانبين.

وبموجب الاتفاق، يتم إلغاء الإعلان الدستوري الذي أعلنه الحوثيون في فبراير 2015، وحل اللجنة الثورية التي كانت تحكم البلاد خلال الفترة الماضية، والعودة إلى العمل بالدستور اليمني النافذ.

الاتفاق المشار إليه أعاد المؤسسات الدستورية اليمنية (مجلس الشورى والبرلمان اليمني الذي منح الثقة للمجلس السياسي المكون من قبل طرفي صنعاء، إضافة إلى كونه تم لمواجهة ضغوط المفاوضات حينها ولقطع الطريق على محاولات شق الصف بينهما)، إلا أن عدم المساس بما يسمى “اللجنة الثورية العليا” والتي ما زالت تمارس سلطات خارج إرادة المجلس السياسي الأعلى حتى الآن يعكر صفو المؤتمر الشعبي العام.

أسباب الخلاف

وفي خطة لتنفيذ بنود الاتفاق السياسي بين الحلفين بفضل الواقع الذي جعلهما يتحالفان، كلف المجلس السياسي الأعلى الذي يديره الحوثيون في الـ2 من أكتوبر 2016 الدكتور عبد العزيز صالح بن حبتور بتشكيل ما أسموها “حكومة وحدة وطنية”، أي بعد شهرين ونيف من إعلانهم تشكيل المجلس.

ومنذ ذلك الوقت حتى لحظة كتابة هذه المادة، لم يتم الإعلان عن التشكيلة التي باتت شبه جاهزة، نتيجة لعدة عوامل، رفضها حزب المؤتمر الشعبي العام، واعتبر أن الإعلان عن التشكيل الحكومي الجديد، مخالف للاتفاق المبرم بينهما.

ويرفض المؤتمر الشعبي العام إعلان تشكيل الحكومة بين الطرفين، إضافة لذلك وضع شروطًا هي:

1- إخلاء جميع المؤسسات من اللجان الثورية بشكل كامل وعدم تدخلها في أعمال أي مؤسسة.

2- جميع الإيرادات يتم توريدها إلى البنك المركزي وعدم تدخل المشرفين في أي إيراد.

3- إجراءات الصرف من البنك تتم حسب النظام والقانون.

4- القيادات السيادية وخاصة العسكرية منها يجب أن تكون تحت قيادة منتسبيها حسب الكفاءة والنظام المعمول به في المؤسسة العسكرية والأمنية.

شروط المؤتمر الشعبي العام، تدل على أن هناك معضلة حقيقة أمام المجلس السياسي الأعلى لتحقيقها، وممارسة عمله السياسي والأمني كأعلى سلطة سياسية في المناطق التي تحت سيطرة الحوثيين، وهو ما يعني أن ما تسمى بـ”اللجان الثورية” لم تلتزم بالاتفاق بين المؤتمر الشعبي العام والحوثيين الذي تمخض عنه إعلان المجلس السياسي الأعلى في نهاية يوليو الماضي.

يتضح من خلال شروط أكبر الأحزاب السياسية في اليمن لتشكيل ما تسمى “حكومة الوحدة الوطنية” أن اللجان الثورية الحوثية ما زالت تحكم قبضتها على المؤسسات الحكومية، وتستحوذ على كل الإيرادات الخاصة بالبنك المركزي اليمني بطرق غير شرعية، وهو ما تسبب في عجز كبير لدى البنك المركزي اليمني وتسليمه رواتب موظفي الدولة لثلاثة أشهر متتالية.

وتبيّن أيضًا أن “المليشيا” التي ليس لها كفاءة في الإدارة أو القيادية العسكرية، هي من تسير الجيش اليمني بطرق غير دستورية ومهينة، وما قد يترتب عن ذلك من ثورة لدى الوسط العسكري، ويحرص المؤتمر الشعبي العام على عدم الوصول إلى تلك النقطة، مطالبًا بتداركها في الوقت المناسب.

ويبدو أن ذلك لم يتماش مع المليشيا أو من يدعمها أو المستفيد من عدم تطبيق النظام والقانون من قبل إعلاميي الحوثي وناشطيهم، وبدأوا في شن حملة منظمة ضد المؤتمر الشعبي العام، وهددوهم بالسحل وإخراجهم من العاصمة صنعاء، وهو ما رد عليه نشطاء وإعلاميو المؤتمر الشعبي العام، وبرزت تلك الخلافات بين الطرفين عبر القنوات الفضائية التابعة للطرفين.

ولعل حديث عادل الشجاع القيادي في المؤتمر الشعبي العام الذي يتزعمه علي عبد الله صالح الرئيس اليمني السابق، كان المرآة التي كشفت الأزمة الحقيقة بين الحلفين الداخليين، عندما اتهم الحوثيين بالعنصرية، وذكرهم بأن بقائهم على سدة الحكم مرهون باحترامهم للمؤتمر الشعبي العام.

عنصرية الحوثي

ودعا الشجاع في رسالة وجهها إلى عبد الملك الحوثي زعيم الحوثيين، ونشرها عبر صفحته في الفيسبوك، أن يتجاوز كل أمراض العنصرية والطائفية المذهبية، ويعلن رسالة سلام إلى الأحزاب والفئات الاجتماعية، واحترام خيارات الشعب اليمني من خلال “المجال السياسي”.

وطالبه بأن يأمر ما تسمى “اللجان الثورية” بإعادة الأموال التي نهبتها، لإنفاقها على مواجهة الفقر ومكافحة الأمراض، ولتوفير فرص عمل للشباب الذين حولتهم اللجان الثورية إلى حطب لمعاركها بدلاً من أن يكونوا بذرة للسلام.

وهو ما استغله التحالف العربي الذي تقوده المملكة العربية السعودية، لزيادة التوتر بين الطرفين، والتأثير على نشطاء المؤتمر الشعبي العام لدفعهم لمواصلة الهجوم على الحوثيين، لكي تزداد تلك التوترات لتصل إلى القيادات المسلحة ومن ثم انفجار الوضع عسكريًا بين الطرفين فيكون مناسبًا لقوات التحالف استغلال تلك الخلافات للقضاء عليهما.

إخماد المشكلة

لكن علي عبد الله صالح، اعتبر في منشور له على فيسبوك، أن من يهاجم المؤتمر الشعبي العام أو يهاجم الحوثيين في الوقت الحاليّ، هو مندس من قبل “العدوان” لمحاولة شق الصف الوطني، والتشكيك في مصداقية تحالف المؤتمر الشعبي العام، داعيًا إلى التصدي لكل تلك المحاولات وإفشال تلك المخططات.

وهذا رد يأتي من أعلى شخصية في المؤتمر الشعبي العام، يؤكد بالفعل أن تلك الخلافات التي نشبت قبل أيام بين نشطاء وإعلاميي الطرفين، كانت تتصاعد تدريجيًا وضايقت القيادات العليا، وتنبئ بانفجار الوضع في أي وقت، وأدرك صالح أن لها مخاطر، إن لم يخرج ويطفئ نارها، بحكم خبرته السياسية في حكم البلاد لثلاثة وثلاثين عامًا، وقال: “المصلحة العامة تقتضي وتفرض توحيد الصف ومضاعفة الجهود من أجل مواجهة العدوان وإنقاذ الوطن”.

تلك الكلمات كانت كفيلة بتهدئة الأوضاع من قبل نشطاء المؤتمر الشعبي العام، وأعلنوا التزامهم بحديث صالح، إلا أن الحوثيين مستمرون في ذلك، ويبدو أنهم ينتظرون توجيهات مماثلة لذلك.

هل ينحسب المؤتمر؟

أسئلة كثيرة تبادر إلى الذهن، هل ينسحب المؤتمر الشعبي العام إذا استمر الحوثيون بمهاجمة صالح، وتهديده بالانتقام منه نتيجة مقتل مؤسس الحركة الحوثية حسين بدر الدين الحوثي، إبان حكم الرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح، واستمرار اللجان الشعبية بممارسة علمها ورفض الانصياع للاتفاقيات التي أبرمت بين المؤتمر والحوثيين؟ حقيقة يبدو ذلك مستبعدًا في الوقت الحاليّ.

لن ينسحب المؤتمر من التحالف أو المجلس السياسي الأعلى، ولن يبارك الإعلان عن التشكيل الحكومي، لأن ذلك مشروطًا بخروج “اللجان الثورية الحوثية” من الوزارات والمؤسسات الحكومية، والانسحاب من الشوارع والنقاط التي استحدثها الحوثيون عندما اقتحموا العاصمة اليمنية صنعاء في سبتمبر 2014، والخلافات القائمة في الإعلام والنشطاء تبدو متوترة، لكنها على مستوى القيادات أقل، لأنهم يدركون المخاطر التي تهددهم جميعًا.

الخلاصة

التحالف (الحوثي/ صالح) القائم هو تحالف الضرورة لهذا سوف يستمر على الأقل في مرحلة الحرب، وقد يخمد بتوجيهات من القيادات الحوثية والمؤتمرية بشكل مؤقت، غير أنه ينذر بخلافات قادمة قد تعصف بالحوثيين، لا سيما وأن بقائهم وقوتهم معتمدة فقط على صالح، ويتضح ذلك من خلال الهتافات الحوثية بعد كل خطبة جمعة عندما يصرخ حفنة من الحوثيين صرختهم المعهودة، ليرد عليها اليمنيون “بالروح بالدم نفديك يا يمن” لتغطي على صرخاتهم، وذلك يكشف أقليتهم في المجتمع اليمني، بل أن غالبية اليمنيين يرفضونهم، ومساندتهم في الوقت الحاليّ أو الصبر على “أذاهم” ما هو إلا رد غرائزي ناتج عن الحرب التي تشنها السعودية تجسيدًا للمثل اليمني “جارك القريب ولا أخوك البعيد”.