ترجمة حفصة جودة
وصلت الطائرات الروسية والسفن الحربية إلى سوريا، وكذلك فرقة من الميلشيات الإيرانية وحزب الله، مع تعزيز النظام السوري لقوته والاستيلاء على مناطق رئيسية، فجميع الدلائل تشير إلى أن معركة حلب التي طال انتظارها، سوف تبدأ قريبًا.
لكن استرداد النصف – لأكبر مدينة في سوريا وعاصمتها التجارية – الذي تسيطر عليه المعارضة، هو فقط الخطوة التالية في المهمة الروسية، حتى لو خسرت داعش الموصل والرقة (عاصمة الخلافة)، فالهدف كما يقول مسؤولون في الكرملين، ضمان الانتهاء من جبهة النصرة (التابعة للقاعدة) وحلفائها كتهديد.
يضم التحالف جبهة النصرة والعديد من الجماعات المعارضة المدعومة من الغرب، وتعتبر النصرة من أكثر الفصائل التي تواجه النظام وداعش في الوقت نفسه، وكانت هناك اتهامات متكررة من الولايات المتحدة والمملكة المتحدة والحلفاء الأوروبيين، من أن القصف الروسي لا يستهدف تدمير داعش فقط، لكنه يسعى لتدمير جميع المعارضين لنظام الأسد.
من المرجح أن تنتهي الانتقادات الأمريكية عقب انتخاب ترامب، الذي تحدث علنًا عن إعجابه ببوتين، وأعرب عن تأييده لإجراءات الرئيس الروسي ضد الإرهاب، وصرح ترامب بأنه قد يتخلى قليلاً عن دعم المعارضة المعتدلة، حيث قال: “أرى أنكم تقاتلون سوريا، بينما تقاتل سوريا داعش التي ينبغي أن نتخلص منها سريعًا، لقد انحازت روسيا إلى جانب النظام السوري تمامًا، أما نحن فندعم المعارضة، دون أن نعرف من هم هؤلاء المعارضون”.
كانت جبهة النصرة من بين الجماعات الإسلامية التي تلقت دعمًا من دول الخليج، لكن الولايات المتحدة وروسيا قامتا بتصنيفها رسميًا كجماعة إرهابية، وأعلنت مؤخرًا تحت الضغط القطري أنها قطعت علاقتها بالقاعدة، وغيرت اسمها إلى جبهة فتح الشام.
كان السفير الروسي في المملكة المتحدة ألكسندر ياكوفنكو، قد صرح للإندبندنت قائلاً: “جبهة النصرة منظمة إرهابية وجزء من القاعدة، لقد غيرت اسمها مؤخرًا لكنها ما زالت تابعة للقاعدة، وهناك العديد من الجماعات المعارضة التي تدعمها، ومن بينهم جماعات مدعومة من الغرب لكنها تعمل لصالح جبهة النصرة”.
وأضاف “كيف نقوم بإقرار وقف إطلاق نار مناسب، بينما تقوم جبهة النصرة – والتي أعلن الأمريكيون أنفسهم أنها إرهابية – بشن هجمات على القوات الحكومية وتنضم إليهم الجماعات المعتدلة في ذلك، تشكل جبهة النصرة مشكلة كبيرة، لكن بقدر ما يعنينا الأمر، فإن أي جماعة تقوم بالقتل واختراق وقف إطلاق النار، سيتم اعتبارها جماعة إرهابية”.
كان مستشار سابق في الكرملين للشؤون الخارجية قد علق قائلاً: “هناك تقارير إعلامية تقول بأن عملية حلب تعتمد بطريقة أو بأخرى على توقيت الانتخابات الأمريكية، لكن في الحقيقة ستبدأ العملية عندما تتوفر جميع العوامل اللوجستية، وبالطبع فنتائج الانتخابات تقدم فرصًا جديدة للمضي في سياسة متناسقة طويلة المدى بين روسيا والولايات المتحدة في مواجهة الإرهاب”.
“لا يبدو منطقيًا أن نركز على داعش فقط وليس جبهة النصرة، وقد كنا واضحين جدًا من البداية بهذا الشأن، فكلتاهما وجهان لعملة واحدة، وكلتاهما تقومان بنفس الأعمال الإرهابية، وقد أظهرت استخبارات جديدة أن مقاتلي داعش ينضمون للنصرة ومقاتلي النصرة انضموا لداعش في الماضي، وهناك أيضًا جماعات أخرى منضمة للنصرة لمقاتلة القوات القوات الحكومية ومهاجمة المدنيين، كيف تستطيع أن تفصل بينهم جميعًا؟ حتى الولايات المتحدة قد بدأت في تفهم الأمر”.
كان جون كيري صريحًا في زيارته للندن قبل أسبوعين، حيث تحدث عن الصعوبات التي يواجهها الغرب في منع الجماعات “المعتدلة” من القتال بجانب جبهة النصرة، وقال: “عندما قررت جبهة النصرة مهاجمة النظام خلال وقف إطلاق النار، انضمت إليها فصائل المعارضة الأخرى وبدأت اتفاقية وقف إطلاق النار في التمزق”.
وأضاف كيري أن نظام الأسد يلعب دورًا هامًا في انهيار وقف إطلاق النار، عندما قام بقصف المعارضة وادعى أنه يقصف داعش وجبهة النصرة، “وبذلك تغضب المعارضة وتقول إن النظام لا يظهر حسن النية لأنه ليس كذلك، وهكذا تفلت من الأمر”.
كانت جبهة النصرة قد عرضت مكافآت على الجماعات الأخرى، للقبض على جنود وطيارين روس، وكان أحد قادتها، أبوعبيد المدني – والذي يتحدث الروسية – قد ظهر في مقطع فيديو وهو يقول إنهم سيقتلون جميع الأسرى الروس، وقام أبو محمد الجولاني القائد العام للجبهة بمطالبة المسلمين القوقاز من الاتحاد السوفيتي السابق، بتنفيذ تفجيرات ضد أهداف مدنية روسية.
ولذلك، فالروس والنظام أمامهم مهمة صعبة في مواجهة النصرة وحلفائها، وبالرغم من أن داعش من أقوى الجماعات المعارضة وتسيطر على مناطق كبيرة من سوريا والعراق، إلا أنها أصبحت منعزلة عن الجماعات المعارضة الأخرى وتواجه الآن انشقاقات واسعة النطاق.
يقول عبد الكريم النصري والذي كان حتى وقت قريب مقاتلاً في صفوف أحرار الشام المدعومة من تركيا وأعلنت مؤخرًا تحالفها مع جبة النصرة: “النصرة ليست داعش، هذا ما يراه معظم مقاتلينا الذين واجهوا الأسد، وسوف ننضم إلى النصرة لمقاتلة الروس”.
“نحن نعلم أن ترامب سيقوم بخيانتنا، ونعلم دائمًا أن الأمريكيين سيقومون بخيانتنا، لذا فقد انتهى وقت الاستماع لوعود كاذبة من أمريكا وأوروبا، ليس أمامنا خيار آخر سوى القتال، والحرب الآن في حلب”.
كانت قوات المعارضة والمدنيين في شرق حلب قد تلقوا تحذيرًا من النظام بأن أمامهم 24 ساعة لمغادرة حلب، وكان الأسطول الروسي المكون من 8 سفن تقوده حاملة الطائرات “أدميرال كوزنتسوف” ويضم السفية الحربية “بيوتر فيليكي” والتي تعمل بالطاقة النووية، يقف الآن مستعدًا قبالة الشواطئ السورية، لتنفيد مهمته، حسب ما قاله قائده “سيرجي أرتامونوف”.
يقول المحلل الأمني روبرت إيمرسون: “لا تحتاج روسيا إلى كل تلك السفن وهذا التشكيل، من أجل حلب فقط، إنه مؤشر لحصولها على مهمة طويلة المدى، والتي يستطيع بوتين أن يقوم بها الآن بكل حرية مع اقتراب دخول ترامب إلى البيت الأبيض”.
المصدر: الإندبندنت