ترجمة حفصة جودة
في يوم الثلاثاء 8 من نوفمبر، فشلت هيلاري كلينتون في تحطيم السقف الزجاجي، لكن عددًا من النساء في الولايات المتحدة نجحن في ذلك وتحدين الواقع وصنعن التاريخ، وذلك بالحصول على مناصب في الكونغرس ومجلس الشيوخ والمجالس التشريعية في الولايات.
من بين هؤلاء إلهان عمر، والتي تم انتخابها لتصبح ممثلة للدولة بمنطقة “60B” في جنوب شرق مينابوليس، لتصبح أول أمريكية صومالية مسلمة تحصل على منصب تشريعي، الأكثر إثارة أنها أم لثلاثة أطفال وتبلغ من العمر 34 عامًا، وقد جاءت إلى الولايات المتحدة كلاجئة، بعد أن فرت من الحرب الأهلية في الصومال وعاشت طفولتها في مخيم كينيا للاجئين.
خلال الانتخابات التمهيدية، كانت عمر تواجه في هذا المنصب زميلها محمد نور وهو أمريكي صومالي أيضًا، وفيليس كان الذي يشغل المنصب حاليًا ولمدة 22 دورة ماضية، ولبعض الوقت تجمعت الظروف ضدها، حتى فازت بترشيح الحزب الديموقراطي في أغسطس بعد فترة قصيرة من انسحاب منافسها الجمهوري لأسباب شخصية، مما مهد لها طريق الفوز.
في يوم الانتخابات، فازت عمر بنسبة 80% من الأصوات، وفي خطاب الفوز تحدثت عن ذكريات الطفولة التي انعكست على فوزها التاريخي، تقول عمر: “لقد كان هذا الانتصار لطفلة الثماني سنوات في مخيم اللاجئين، كان انتصارًا لامرأة أجبروها على الزواج وهي طفلة، كان انتصارًا لكل شخص أخبروه أن لأحلامه حدًا”.
مشاهدة عمر وهي تتحدث، مرتدية قميصًا وحجابًا أبيض، وتحاول التغلب على عواطفها، جعل من المستحيل أن تصور تلك القصة وهي تحدث في أي مكان آخر، ففوز عمر التاريخي لم يكن مجرد قصة نجاح شخصية، لكنه قصة أمريكية أولاً وأخيرًا.
Minneapolis organizer Ilhan Omar made history this week becoming the nation’s first Somali-American legislator. #ThisIsHISTORY #HistoryNOW pic.twitter.com/hPyzofMwq4
— HistoryNow (@GetHistoryNow) November 10, 2016
إلهان عمر تصنع التاريخ هذا الأسبوع، وتصبح أول مشرّعة صومالية أمريكية في البلاد
Strong African and Muslim women—that’s the new 2016. And this state is going to continue electing progressive women. pic.twitter.com/i0tQRsKUJf
— Ilhan Omar (@IlhanMN) November 11, 2016
نساء إفريقيات مسلمات قويات – هذه هي 2016 الجديدة، سوف تستمر هذه البلاد في انتخاب النساء التقدميات
كان لانتخاب عمر رمزية أخرى في عام الانتخابات، لأن كونك مسلمةً وصوماليةً ولاجئةً وامرأةً، كلها عوامل تعرضك للسب والقذف، فقبل يومين من الانتخابات، قام الرئيس المنتخب ترامب بزيارة ولاية مينيسوتا وألقى اللوم على عمليات فحص اللاجئين الخاطئة والتي سمحت لأعداد كبيرة من اللاجئين الصوماليين بالقدوم إلى البلاد، وفي اجتماع حاشد بشهر أغسطس الماضي في ولاية ماين، خص ترامب اللاجئين الصوماليين بالحديث، وقال إنهم قادمون من أراضٍ خطرة، وشبكات أمن اجتماعي مهترئة.
عند النظر إلى كلمات ترامب بمعناها الظاهري، نجد أن الصوماليين بالفعل قد جاءوا من منطقة خطرة، فمنذ ربع قرن وحتى الآن، عانى الصوماليون من حرب أهلية دامية دمرت جميع نواحي الحياة، لم تعد الصومال دولة فاشلة الآن لكنها هشة، وتبتلع شعبها في رمال متحركة لحرب لا نهاية لها، فهي تعتبر من أفقر دول العالم في جميع النواحي، من صحة الأم والطفل إلى التعليم وحرية الإعلام ومتوسط دخل الفرد.
ومن بين عدد سكانها الذي يبلغ 10 مليون نسمة، استقر حوالي 1.5 مليون صومالي في جميع أنحاء العالم منذ بداية الحرب، فمنذ أوائل التسعينيات هاجر حوالي 100 ألف صومالي إلى أمريكا، وبدلاً من مشاركتهم في ارتفاع معدل الجريمة كما قال ترامب، أعاد الصوماليون بناء حياتهم في أمريكا وساهموا في تقدم وطنهم، فالصوماليون في المهجر يرسلون حوالي 1.4 مليار دولار كتحويلات مالية كل عام لإطعام أسرهم ودفع الرسوم المدرسية والرعاية الصحية التي تشتد الحاجة إليها، كما يساهمون بشكل مباشر بحوالي 23% من إجمالي الناتج المحلي للبلاد.
بعيدًا عن الوطن، فنجاح الصوماليين الأمريكيين يلهم ملايين الأشخاص الذين يعانون من حرب أهلية دامية، هذا الإلهام لم يأت فقط من إلهان عمر، لكنه جاء من أشخاص آخرين مثل برخد عبدي وهو ممثل وأول صومالي يترشح لجائزة أوسكار، وهذا التحفيز يأتي أيضًا من خضرة محمد أول صومالية تعمل كضابط بوليس، ومن مصممين مثل أخوات ماتانو، ومن عارضات أزياء مثل إيمان، وصانعي أفلام مثل إيديل إبراهيم، ومن أكاديميين متميزين مثل كاوا عبدي وعبدي إسماعيل ساماتار، ومن ناشطين حاصلين على جوائز بيئية مثل فاطمة جبريل، ومن رجال أعمال ناجحين مثل عبد الرحمن كاهن.
قامت إلهان عمر بإدارة حملة مثيرة تركز على العدالة الاجتماعية والاقتصادية العرقية، وجمعت أشخاص من خلفيات مختلفة للعمل معًا، هذا الفوز لم يكن لها وحدها، لقد كان للفتيات الصغيرات العالقات في مخيمات اللاجئين مثل داداب، وللفتيان في مقديشيو وهرجيسا، وللآباء والأمهات الصوماليين في مينيسوتا الذين يرغيون في رؤية أطفالهم الأمريكيين أحد أعمدة هذا المجتمع.
لكن الأهم من ذلك كله، أن انتخابها هو فوز للولايات المتحدة، ربما انتخبت أمريكا ترامب، المرشح الذي نشر كراهية النساء والعنصرية تجاه المسلمين والمهاجرين، وربما تكون أمريكا أيضًا البلد الذي يهاجم النساء المحجبات وينتشر فيها الإسلاموفوبيا، ومع ذلك، اختارت أمريكا أيضًا إلهان عمر، لتثبت أنها ما زالت البلد التي كان يحلم بها إبراهام لنكولن “أفضل آخر أمل للأرض”.
المصدر: كوراتز