تستعد الجزائر التي تعاني الاختناق جراء انخفاض إيراداتها، إلى اتباع سياسة التقشف واللجوء إلى الاستدانة الخارجية لسد احتياجاتها المالية، نتيجة انهيار أسعار البترول في الأسواق العالمية في السنوات الأخيرة، حسب مشروع قانون المالية الجديد.
رفع الضرائب وخفض الرواتب
تضمن مشروع قانون المالية الجزائري لسنة 2017، رفع قيمة الضرائب وخفض كتلة رواتب الموظفين، مع توقع بتراجع نفقات الدولة في المجال الاقتصادي بـ32%، وترغب الحكومة الجزائرية في زيادة ترشيد النفقات وتسقيفها مع رفع الإيرادات، باحتساب سعر مرجعي لبرميل النفط في حدود 50 دولارًا للعام القادم، وفق نص المشروع الذي عرضه وزير المالية حاجي بابا عمي، مطلع الأسبوع الحالي، على المجلس الشعبي الوطني.
وأنجزت الميزانية مع احتساب سعر 50 دولارًا لبرميل النفط، على اعتبار أن تصدير المحروقات يشكل 95% من مداخيل البلاد، وكانت الجزائر تعتمد سعرًا مرجعيًا للبرميل بـ37 دولارًا، حتى عندما فاق سعره 100 دولار، لتقوم بتحويل الفارق إلى صندوق ضبط الإيرادات (بلغ حجمه 51 مليار دولار عام 2015)، الذي يمول العجز في الميزانية.
ورفع المشروع، الضريبة على القيمة المضافة من 17% إلى 19%، ورفع بعض الرسوم المفروضة على العقارات والوقود والتبغ، كما تم رفع الضريبة على بعض أنشطة الشركات الأجنبية، إضافة إلى استحداث رسم على الأجهزة الكهربائية التي تستهلك الكثير من الطاقة.
وصل عجز الميزان التجاري الجزائري إلى حوالي 3.10 مليار دولار أي بانخفاض 31% مقارنة مع الفترة نفسها من سنة 2015
وتضمن مشروع الميزانية، الذي يتطلب مصادقة البرلمان، “إيرادات مقدرة بـ51 مليار دولار، وهو ما يمثل زيادة تناهز 13% مقارنة بسنة 2016″، فيما تم تحديد النفقات بـ62 مليار دولار، منها 14 مليار دولار لدعم أسعار المواد الاستهلاكية والسكن والصحة.
ووصل عجز الميزان التجاري الجزائري إلى حوالي 3.10 مليار دولار أي بانخفاض 31% مقارنة مع الفترة نفسها من سنة 2015، بينما ارتفع عجز الخزينة بـ611 مليار دينار، ليصل إلى 1.769 مليار دينار، كما ارتفع كذلك معدل التضخم ووصل إلى 6.03% مقابل 5.32 خلال منتصف العام الماضي.
ونزلت إيرادات الطاقة التي تشكل 95% من صادرات الجزائر – العضو في منظمة أوبك و60% من موازنتها العامة، إلى 11.34 مليار دولار خلال النصف الأول من السنة، مقابل 17.20 مليار دولار في الفترة نفسها من سنة 2015.
وأمرت الحكومة الجزائرية، في وقت سابق، بالخفض التدريجي للعلاوات والمنح المرتبطة بالرواتب كمنحة المسؤولية ومنحة المردودية والتخلي عن التعويضات تدريجيًا، فيما تراجعت رواتب موظفي قطاع الصحة دون أن تقدم الإدارة أي تفسيرات أو حتى التزام بتسوية الوضعية.
سندات لدعم المالية
جمعت الجزائر 568 بليون دينار (5.210 بليون دولار)، من خلال إصدار سندات محلية بهدف المساعدة في تعويض انخفاض عائدات الطاقة، ووافق بنك التنمية الإفريقي هذا الشهر على قرض بقيمة 900 مليون يورو (بليون دولار) للجزائر، لتعزيز العائدات المحلية ودعم مناخ الاستثمار، إضافة إلى تعزيز كفاءة قطاع الطاقة وتشجيع الطاقة المتجددة، في أول قرض أجنبي للجزائر منذ أكثر من عشر سنوات، ومن المنتظر أن تبلغ المديونية الخارجية الجزائرية مع نهاية السنة الجارية 2.9 مليار دولار، حسب توقعات بنك الجزائر.
وبدأ الإصدار الذي يهدف لاستثمار اقتصادي كبير في كل القطاعات، في نيسان/ أبريل، باستحقاق بين ثلاث وخمس سنوات ومعدل فائدة يتراوح بين 5 و5.75%، وهو جزء من مصادر تمويل جديدة.
بلغت احتياطات الجزائر من العملة الصعبة 121.9 مليار دولار إلى غاية سبتمبر 2016 مقابل 129 مليار دولار حتى نهاية يونيو
وأوقف الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة سنة 2005 الاستدانة من الخارج، وقرر الدفع المسبق للديون الخارجية بعد الزيادة المالية التي شهدتها البلاد جراء ارتفاع أسعار النفط، وتراجعت بذلك ديون الجزائر إلى نحو 4 مليارات دولار أمريكي في العام 2016 بعدما كانت في حدود 30 مليار دولار في 1999، وبلغت احتياطات الجزائر من العملة الصعبة 121.9 مليار دولار إلى غاية سبتمبر 2016، مقابل 129 مليار دولار حتى نهاية يونيو 2016، فيما بلغت 152.7 مليار دولار في سبتمبر 2015.
وتوقع تقرير البنك العالمي نمو الناتج الداخلي الخام للجزائر في 2016 ليسجل نسبة 3.9% مقابل 2.8% في 2015 بالرغم من انخفاض أسعار النفط ليرتفع إلى 4% في 2017، وتتوقع الموازنة العامة في عام 2016، عجزًا بقيمة 32 مليار دولار، هو الأعلى في تاريخ الجزائر، وسجلت الحكومة الجزائرية، عجزًا قياسيًا في الميزانية بنحو 16% من الناتج المحلي الإجمالي سنة 2015، فيما أكّد تقرير الوضع الاقتصادي والمالي للبلاد الصادر عن البنك المركزي الجزائري، مؤخرًا، أن الأمور غير مطمئنة على مستوى التوازنات الكبرى للاقتصاد.
وقدّر عجز الميزان التجاري في 2015 بنحو 13.7 مليار دولار، بسبب تراجع الإيرادات النفطية بنحو 40% لتبلغ 37.7 مليار دولار، بينما بلغ حجم الواردات 51.5 مليار دولار، بحسب بيانات رسمية.