تسعى السعودية للمعاملة بالمثل في مسألة التأشيرات بالرغم من تحذيرات لدبلوماسيين وخبراء بأن التعرفة الجديدة على التأشيرات ستشكل عائقًا أمام الاستثمار الأجنبي في الوقت الذي تعد البلاد بأمس الحاجة لتلك الاستثمارات بغرض تنويع اقتصادها المتأزم بسبب انخفاض أسعار النفط.
هل تؤثر الرسوم الجديدة على الاستثمار؟
أشار ماجد القصبي وزير التجارة السعودي على هامش منتدى (مسك) في الرياض أن الاستثمار لن يتأثر بالرسوم الجديدة على التأشيرات، وذكر أن حكومته تدعو المستثمرين للمجيء إلى السعودية لمعاينة الأوضاع بأنفسهم وحجم التطور الذي شهدته البلاد إبان إعلان رؤية المملكة 2030.
وحول طبيعة الاستثمار الأجنبي في السعودية أوضح القصبي أن النظام يسمح للشريك غير السعودي الاستثمار بنسبة 100% في عدد من القطاعات ومن حق هذا الشريك اختيار الشريك السعودي الذي يعمل معه بما تحدده العلاقة التجارية وتتفق عليه الأطراف.
وزير التجارة السعودي ماجد القصبي
وأضاف في إطار تعزيز سياسة الاستثمار في السعودية أن هناك العديد من المتطلبات التي يمكن تحسينها وأتمتتها وتوحيدها بما يسهل ويحفز معدل الحصول على موافقة للاستثمار في السعودية مشددًا أن الحكومة تحرص على إزالة كل المعوقات التي تحول دون تحسين بيئة الاستثمار ومن أهمها ما يتعلق بتحسين البيئة التحتية القانونية.
وفي إطار عمل هيئات المنشآت الصغيرة والمتوسطة أشار القصبي أنه تم حصر ما يقارب من 28 نظامًا ونحو 18 لائحة من أنظمة الإفلاس والرهن التجاري والتجارة الإلكترونية بالإضافة إلى أنظمة كثيرة يجري العمل على إعدادها بغرض تمكين الشباب للقيام بأعمالهم على أكمل وجه.
حتى هنا بقي التساؤل حول الاسثمارات الأجنبية حاضرًا حتى أجاب الوزير عنه عندما قال أن الرسوم الجديدة للتأشيرات التي دخلت حيز التنفيذ في تشرين الأول/أكتوبر لا تنطبق على الاتحاد الأوروبي أو الولايات المتحدة في حين أنها زادت قليلا بالنسبة لبريطانيا.
إذن فالرسوم لا تنطبق على المستثمر الأجنبي القادم من الولايات المتحدة ومن الاتحاد الأوروبي في حين أنها تنطبق على باقي المستثمرين من دول العالم الأخرى ومن بينها المستثمرين العرب من الدول العربية! وعليه فإن الاستثمار قد لا يتأثر فعلًا في حال كانت أغلب الاستثمارات الأجنبية في السعودية قادمة من أمريكا والاتحاد الأوروبي، ولكن هل سيزيد بسبب هذه التعديلات؟ المؤكد أن حجم الاستثمارات الأجنبية الموجودة الآن لا ترضى عنها الحكومة وتتطلع لزيادتها، ولكن في خضم ما تمر به السعودية من حوادث داخلية وخارجية وبقاء رؤية 2030 قيد الاختبار من قبل المستثمرين، فإن قدوم الاستثمارات إلى السعودية سيضل في هذا النطاق وقد لا يشهد فورة كبيرة كما ترغب وتتمنى الحكومة.
الجدير بالذكر أن حجم الاستثمارات الأجنبية في السعودية بلغ 18.6 مليار دولار في مختلف القطاعات الاقتصادية، وقد جاءت السعودية في المرتبة الأولى عربيًا في السنوات الماضية في قائمة الدول المتلقية للاستثمار الأجنبي المباشر حسب تقارير دولية.
وحسب التقرير الوارد فقد عزا الأسباب إلى تطور تشريعات حماية الاستثمارات الأجنبية وإجراءات تشجيع وجذب وتخفيف القيود على دخولها إلى السوق المحلي خاصة في قطاعات البنوك والعقارات والاتصالات، كما أسهمت عمليات الخصخصة في العديد من القطاعات في تدفق الاستثمار الأجنبي لاسيما في الطيران. ويبقى شرط الشريك السعودي مقابل دخول المستثمر الأجنبي في استثمار في السعودية أحد المسببات في انخفاض حجم الاستثمارات الأجنبية في السعودية مقارنة مع غيرها من الدول.
وفي معرض دفاعه عن زيادة الرسوم على التأشيرات ذكر الوزير أن الحكومة السعودية تريد اتفاقيات ثنائية قبل التوقف عن تطبيق الرسوم المرتفعة للتأشيرات لكي يتم التعامل مع السعوديين بالطريقة ذاتها.
وكانت الحكومة أصدرت سابقًا نشرة الرسوم التي اعتمدتها الحكومة السعودية، وبحسب وكالة الأنباء السعودية فإن رسم تأشيرة الدخول المتعدد للمملكة أصبح 8 آلاف ريال و5 آلاف ريال للتأشيرة التي مدتها سنة و3 آلاف ريال للتأشيرة التي مدتها ستة أشهر، وستبلغ رسوم الدخول لمرة واحدة ألفي ريال على أن تتحمل الدولة هذا الرسم بالنسبة للشخص القادم للمرة الأولى بغرض أداء فريضة الحج أو العمرة.
وزادت رسوم التأشيرات للخروج والعودة لتصبح 500 ريال لعدة سفرات لمدة 3 أشهر و 200 ريال عن كل شهر إضافي وكانت الرسوم من قبل تبلغ 500 ريال للخروج المتعدد لمدة ستة أشهر. وأقرت الحكومة تعديل في رسوم الطيران المدني وزيادة على رسوم بعض المخالفات المرورية ومن بينها فرض غرامات كبيرة على قيادة السيارة بسرعات عالية.
ومن المتوقع أن يتأثر استصدار تأشيرات الحج والعمرة لتؤثر بهذا على الإيرادات المتأتية منها عكس ما تخطط له الحكومة السعودية بزيادة وتنويع الإيرادات للميزانية من غير النفط، وقد احتجت عدة دول عربية على رسوم تأشيرة الحج والعمرة والبالغة ألفي ريال للأشخاص الذين سبق لهم الدخول للسعودية لهذا الغرض، ومن بين تلك الدول الأردن فما يقرب من 154 شركة عاملة في مجال السياحة الدينية من إجمالي 194 شركة مهددة بالإغلاق بسبب التراجع الحاد في الإقبال على رحلات العمرة حيث تراجع عدد المعتمرين بنسبة 80% منذ تطبيق الزيادة في رسوم التأشيرات.