دافعت الكاتبة المغربية مايسة سلامة الناجي في مقال لها على هامش رفع الراية الصهيونية “بالكوب 22″، تحت عنوان “لا أحد يزايد على المغاربة حبهم لفلسطين وإن رفع علم إسرائيل في الكوب22″، عن المشاركة الإسرائيلية في مؤتمر المناخ، الذي أقيم بمدينة مراكش، ولكن بطريقة غير مفهومة، حيث اعتبرت أن ذلك يمثل احتراما للالتزامات الدولية، وخلطت بين الدولة المغربية والمغاربة كشعب، وخرجت عن الموضوع حين اعتبرت أن الدولة تحاول التوفيق بين القضية الإنسانية “فلسطين”، والقضية الهوياتية “اليهود المغاربة” الذين يعيشون في دولة الاحتلال، إضافة إلى زلات أخرى في سطورها تثير الاستغراب.
مظاهرات لعرب إسرائيل
أشادت الكاتبة بإسرائيل لأنها توفر جوازات سفر لفلسطيني 48، و توفر لبعضهم العمل، وطرحت الموضوع بشكل تهكمي في الفقرة الأولى والثانية والثالثة من مقالها، وقالت أن هذا يمثل فصلا بين الحرب الاستعمارية وبين العلاقات الديبلوماسية والاقتصادية ! وكأن للفلسطينيين بديلٌ، تركوه وتوجهوا للاحتلال ! واعتبرت أنه إذا كان الفلسطنيون يتعاملون مع إسرائيل، كما أن كل الدول العربية تفعل ذلك، فمن حق المغرب أيضا أن يطبع علاقاته معها.
ومما أثار انتباهي هو تناولها للمغرب كدولة، والمغاربة كمواطنين، على أنهما وجهان لعملة واحدة، فعلا الشعب المغربي لا يشك في حبه لفلسطين أحد، ولا يجادل في ذلك مجادل، وقد شاهدنا الملايين التي توجهت للرباط تضامنا مع فلسطين سنة 2014 وقبلها وبعدها في مناسبات عدة. لكن المخزن، وعبر تاريخه، سواء في “العهد الجديد”، أو في فترة الحسن الثاني، كانت له علاقات مع إسرائيل، والأكثر من ذلك أنه حين كانت كل “الدول العربية” تحاربها، كان الحسن الثاني يقدم المساعدة للصهاينة، وهذا ما أفصحت عنه صحيفة “يدعوت أحرنوت” قبل أسابيع، حيث كشفت على أن الملك الراحل استضاف الموساد الإسرائيلي في الفندق الذي أقيمت فيه القمة العربية سنة 1965 بالدار البيضاء، وسرب ما دار في هذا الاجتماع، وقد كان هذا سببا من أسباب هزيمة الجيوش (العربية) في حرب 1967.
في حين أن الشعب المغربي بكل ألوانه، يرتبط ارتباطا وثيقا بالقضية الفلسطينية، وهذا الموقف لم تغيره تغير السياسة المغربية تجاه دولة الاحتلال، رغم أن العلاقات السابقة كانت تتم في سرية، وكان من الطبيعي والمنتظر، أن تطفوا على السطح عاجلا أم آجلا، وهذا ما حدث فعلا، عبر المشاركة الأخيرة للوفد الصهيوني في “الكوب22″، إضافة إلى إرسال وفد صحفي من المغرب لإسرائيل استجابة لدعوة وزارة الخارجية.
لجنة القدس برئاسة ملك المغرب
وفي مغالطة أخرى، تحدثت الكاتبة في الفقرة الرابعة، عن أن رئيس لجنة القدس يصرخ كل سنة طلبا للدعم، مع العلم أن هذه اللجنة ورئيسها لم نسمع بهما منذ فترة طويلة، وهي في الأصل لا تعدوا كونها مناسباتية وشكلية أكثر من أي شيء أخر.
وفي خلط أخر غير مفهوم، بررت هذه المشاركة وكذلك إرسال وفود أو مغنيين لإسرائيل في الفقرة الخامسة، وقالت أن المغرب يحاول التوفيق بين القضية الإنسانية التي هي فلسطين، وبين قضية الهوية المتعلق باليهود المغاربة الذين يعيشون في إسرائيل، ناسية أو متناسية أن من توجه لإسرائيل التي هي دولة احتلال اغتصبت أرضا ليست من حقها منذ سنة 1948، هو محتل بصفة جندي، بحكم التجنيد الإجباري، أما اليهود المغاربة المشتتين في العالم كما قالت والذين رفضوا خدمة الصهيونية المحتلة، فهناك طرق أخرى لتحسيسهم بأن هناك وطنا يرحب بعودتهم، وليس برفع راية دولة إسرائل التي يعادونها أصلا على الأراضي المغربية، والتي لا تمثل اليهود، بل تمثل الصهاينة فقط، ولا بإرسال وفود إلى المحتلين.
وفي الفقرة السادسة تعود من جديد لتخلط بين الشعب والدولة، فعلا كل المغاربة يحزنون لحزنهم ويفرحون لفرحهم، ويدعون لهم في صلواتهم، أما مسألة دعاء الإمام لهم فهذا ليس معيارا أبدا، إن كانت هي حقا وأظنها كذلك ممن يعلمون جيدا أن المساجد مسيسة وهي تخضع للأوامر التي تحاول التطبيع بشكل ناعم دون لفت الانتباه.
أما استشهادها في الفقرة الأخيرة بأن رسول الله صلى الله عليه وسلم، كان يتعامل باتفاقيات مع الأعداء ويحترم حالة السلم، فهذا لا نقاش فيه، لكن هناك فرق بين العدو والمحتل آن ذاك، وبين الزمن الذي لم يكن للمسلمين دولة وحين صار لهم دولة، فلم يسبق لي أن مررت بحدث تعامل فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم مع المحتلين بهذا المنطق، ولا أحد من قادة المسلمين عبر التاريخ فعل ذلك، سواء مع المغول أو التتار أو الصليبيين، إلا من دخل الوهن لقلوبهم، بل أن دخول العدو لبلد من بلاد المسلمين محتلا، يفرض على عامة المسلمين قتاله، وما دمنا في الوقت الراهن قد وهنا، ما عدا طائفة في أكناف بيت المقدس ما تزال حاملة لواء الكفاح إلى غاية الانتعتاق والتحرر، فأقل ما يمكن أن نفعله هو مقاطعة الاحتلال وعدم التعامل معه بأي شكل من الأشكال، ولا الدفاع عن أخطاء الأنظمة “العربية”، الخاضعة للاستبكار العالمي بقيادة الصهاينة.