قوانين بلدية إسطنبول تضع المستثمرين السوريين في مأزق

cb_syriankitchen_salloura_dm_final1

تركت الاستثمارات السورية في إسطنبول بالعموم وفي منطقة الفاتح بالخصوص بصمة واضحة في الاقتصاد التركي لا يمكن إلا الإقرار بها، والأرقام الرسمية الصادرة من غرف التجارة في الولايات التركية شاهدة على ذلك. فاسطنبول وحدها احتضنت 60% من الشركات السورية التي أسسها السوريون في الأشهر الخمسة الأولى من العام الجاري حيث بلغت عدد الشركات نحو 873 شركة بقيمة إجمالية بلغت 127.3 مليون ليرة تركية.

وبالمجمل احتلت الاستثمارات السورية في تركيا طوال السنوات الخمسة الماضية الحصة الأكبر من الاستثمارات الأجنبية بتأسيسهم ما يقرب من 4500 شركة ورفدهم السوق التركية بما يقارب من 700 مليون ليرة تركية منذ بدء الأزمة السورية، حيث أشارت بيانات اتحاد الغرف التركية أن عدد الشركات المملوكة لسوريين في تركيا منذ العام 2011 إلى اليوم ارتفعت لتصل إلى 4 آلاف و 450 شركة برأس مال صافي وصل إلى ما يقارب 700 مليون ليرة تركية.

استثمر السوريون في أغلب القطاعات الاقتصادية وبالأخص التي تعتمد على السياح العرب وتمركزوا في الأماكن التي يتوافدون عليها بكثرة فاختاروا منطقة الفاتح في قلب اسطنبول حيث تتواجد فيها الأسواق والمساجد والشوارع العثمانية العريقة والتي تجذب السياح العرب والأجانب من كل أنحاء العالم.

هناك مستثمر سوري بين كل 4 مستثمرين أجانب في تركيا

ولأن السوريون يستهدفون بالدرجة الأولى الزبون العربي عمدوا إلى كتابة علاماتهم التجارية باللغة العربية ولا يخلو شارع في المنطقة تقريبًا من مطاعم ومحال مختلفة إلا وغلب عليها الطابع السوري من حيث العلامة التجارية والسلعة والخدمة والعمال وأشياء أخرى تعد معروفة لدى السوريين والعرب إجمالًا. 

حتى سميت الحارة المقابلة لمسجد الفاتح بـ”دمشق الصغيرة” لكثرة المحال والمطاعم السورية المتواجدة هناك، كما تجمعوا في جادة وطن ويوسف باشا وأكسراي وهي مناطق مشهورة جدًا في اسطنبول، فظهرت منافسة كبيرة مع التجار الأتراك الذين خسروا الزبون العربي لصالح تلك المحال.   

الإنذار الأخير من بلدية الفاتح

وجهت بلدية الفاتح في اسطنبول إنذارات لأصحاب المحال والمطاعم السورية المتواجدة ضمن منطقة الفاتح فقط لتبديل أسماء محالهم من اللغة العربية إلى التركية خلال مدة أقصاها شهرين ضمن شروط معينة منها اللون والحجم وذلك بهدف توحيد لون ولغة المحال التجارية والحفاظ على الانسجام في اللوحة البصرية للمدينة.  

المستثمرون السوريون عبروا عن غضبهم من هذا القرار الذي يستهدف الشركات العربية عمومًا والسورية خصوصًا بينما اللافتات الموجودة باللغة الإنكليزية والفرنسية تم السماح لها بالبقاء كما هي.

أحد المطاعم السورية الموجودة في منطقة الفاتح في اسطنبول

القرار الصادر من البلدية يفرض على المستثمرين اختيار ألوان الشعار من اللونين الأصفر والفضي علمًا أن أغلب المحال لها سجل تجاري وترخيص رسمي وقامت بتسجيل علاماتها التجارية في أنقرة لحمايتها من حيث الشكل واللون والحجم ودفعت رسوم على ذلك، لذا يرى أحد التجار أن التدخل في حجم وألوان العلامة التجارية مخالف للقانون ولا يمكن لأي جهة أن تفرض على التاجر تغيير هذه الثوابت.

وهذا ما أكده رئيس تجمع المحامين السوريين الأحرار في تركيا بقوله أن مؤسسات الحكم المحلي تملك الحق في إصدار قرارات تنظيمية على مختلف المستويات ومنها اللوحات واليافطات لغة ولونًا ولكن لا يحق لها التعسف في استخدام هذا الحق ففي حال احتواء اللوحات على رسوم وشعارات مسجلة ومحمية بموجب القانون فلا يحق لها أن تطلب تغييرها أو تغيير الألوان المميزة لها كعلامة تجارية.

لكن من جهة أخرى من حق البلدية أن تطالب بكتابة اللوحات والشعارات باللغة الوطنية إلا أنه ليس من حقها أن تفرض على المستثمر تغيير اللوحات المكتوبة باللغة العربية بينما تبقى اللوحات المكتوبة بلغات أخرى كما هي دون تغيير مثل الإنكليزية والفرنسية وغيرها، فهذا قد يفهم منه نوع من التمييز.  

وذكر تجار آخرين لوسائل إعلام أنهم تقدموا بشكايات ضد القرار الصادر من بلدية الفاتح وعلى حد قولهم أنهم ملتزمون بدفع ما عليهم من التزمات ضريبية وغيرها للحكومة والتي تعرف بالضرورة أن هذه المحال تعتمد في عملها بشكل رئيسي على الزبائن العرب فإذا تم تبديل الأسماء فقد تفقد تلك المحال الكثير من الزبائن وبالتالي التأثير على عملها وقد تضطر لإغلاق المحال بالمحصلة وهذا ما لا يريده التاجر والحكومة التركية.  

مطاعم سورية في منطقة الفاتح

البعض يرى في قرار البلدية أنه عبارة عن عرقلة لعمل التجار السوريين بعد تحقيق نجاح كبير في أعمالهم وتأثيرهم بشكل كبير على التجار الأتراك الذين لا مجال لهم للمنافسة في جذب السائح العربي الذي يختار المحل والمطعم القريب من ذوقه الاستهلاكي.

ويذكر أن عدد الشركات السورية المؤسسة في تركيا خلال العام الماضي 2015 بلغ نحو 1284 شركة ليأتي السوريوين بالمركز الأولى في قائمة الاستثمارات الأجنبية المؤسسة في تركيا بعدما حلت في المرتبة ذاتها في العام 2014 وذكرت التقارير الرسمية التركية أن من بين 4 مستثمرين أجانب في تركيا هناك مستثمر سوري.