الصورة: أنابيب الغاز الموصلة لإسرائيل من مصر تعرضت لعشرات الهجمات عبرت عن الرفض الشعبي لصفقة الغاز. الأمر الذي أدى في النهاية لوقف تصدير الغاز المصري لإسرائيل
قبل عدة أشهر تداولت بعض المواقع الإلكترونية أخبارا تفيد بأن مصر قد تستورد الغاز من إسرائيل عن طريق قبرص، بعد أن أعلنت صحف مصرية أن مصر على وشك أن تستورد الغاز من قبرص في الوقت الذي لا تصدر فيه قبرص الغاز من الأساس!!
وكان وزير الطاقة المصري قد صرح قبل أسابيع إن بلاده تدرس إمكانية استيراد الغاز من قبرص، الأمر الذي شكك فيه خبراء متخصصون بالطاقة نظرا لأن قبرص لن تكون قادرة على تصدير الغاز قبل عشر سنوات من الآن، بل إنها لا تزال تستورد حاجتها من الغاز من الخارج، ومن المحتمل أن توقع قريبا عقدا مع كل من الحكومة “الإسرائيلية” وشركة “نوبل” الأمريكية لاستيراد الغاز الإسرائيلي.
وقال موقع ”غلوبز” الاقتصادي الإسرائيلي إن مفاوضات تجري بين مندوبين من مصر وإسرائيل؛ بهدف الوصول إلى توقيع اتفاقية لتصدير الغاز الإسرائيلي لمصر.وأضاف “غلوبز”، الذي يعتبر الموقع الاقتصادي الأهم في “إسرائيل”، إن ممثلي مصر و”إسرائيل” يسعون لتوقيع اتفاقية رابحة لجميع الأطراف، بحيث توفر غازا بسعر جيد لمصر، وتحسن السمعة التجارية لقطاع الغاز في مصر أمام المستثمرين الأجانب، وفي نفس الوقت تؤمن تصدير الغاز الإسرائيلي بتكاليف منخفضة وأسعار جيدة.
وزير البنى التحتية “الإسرائيلي” السابق بنيامين بن أليعازر كان قد دعا في تصريحات صحفية لموقع غلوبز نفسه إلى إعطاء الأولوية لتصدير الغاز الإسرائيلي للدول العربية المجاورة، مع تأكيده على ضرورة أن يتم استخدام محطة تسييل الغاز في مدينة دمياط المصرية لهذا الغرض.
وقال الموقع الإسرائيلي في مقال نُشر في ٢٤ من الشهر الماضي أنه “في عام 2005 وقعت الحكومة المصرية اتفاقية مع الحكومة الإسرائيلية تلتزم بموجبها بضمان انسياب الغاز من مصر إلى إسرائيل في كافة الأوقات وفي كافة الظروف.” وتابع الموقع مشيرا إلى الأحداث التي تلت الثورة المصرية والرغبة الشعبية العارمة في إلغاء تلك الاتفاقية قائلا “إلا أن الحكومة المصرية قبل عامين هزئت بالاتفاقية وبالتزاماتها، وتجاهلت تعهداتها وسمحت للشركات المصرية بإلغاء اتفاقية توريد الغاز إلى مؤسسة الكهرباء الإسرائيلية”
وحتى مطلع عام ٢٠١٢ كانت إسرائيل تستورد كثير من احتياجاتها من الغاز من مصر، فما يقرب من ٤٥ ٪ من استهلاك إسرائيل من الغاز كان يأتي من مصر. وكانت هذه الصفقة قد أبرمت في عهد الرئيس حسني مبارك، وبموجبها كان الغاز يضخ عبر خط أنابيب يمتد بين العريش وعسقلان. ولم يكن ذلك يلقى تأييداً من كثير من المصريين بسبب مشاعر العداء لدى عامة الشعب المصري تجاه إسرائيل، ولذلك ما لبثت الصفقة أن ألغيت بعد الإطاحة بمبارك مباشرة عام ٢٠١١، فيما اعتبرته الحكومة المصرية الجديدة “نزاعاً تجارياً”.
وذكر المقال الذي تُرجم كاملا على موقع “عربي ٢١” الإخباري أنه “يتوفر لدى مصر ما يقدر بسبعة وسبعين تريليون قدم مكعب من الاحتياطي المؤكد للغاز، وهذا ضعف الاحتياطي المتوفر لدى إسرائيل. ويكفي هذا الاحتياطي احتياجات الاقتصاد المصري لأكثر من 40 عاماً بمعدل الاستهلاك الحالي. ولكن، وبعد ارتكاب كل ما يمكن من الأخطاء، باتت مصر الآن في وضع يجعلها في حاجة ماسة لاستيراد الغاز الطبيعي. فاستهلاك الغاز في مصر يتصاعد بمعدلات خيالية وبأسعار مدعومة بينما لم تطرأ أي زيادة على معدلات إنتاجه.”
وفي ظل الانقلاب العسكري والتداعيات التي نتجت عنه، تعزف معظم الشركات العالمية عن الاستثمار في مصر خاصة في القطاعات الحساسة والضخمة بسبب تدهور الوضع الأمني وعدم استقرار الوضع الاقتصادي.
الموقع أطلق على الصفقة اسم “الصفقة الحلم” وقال أن ذلك يعني أن ينشئ المصريون خط أنابيب يربط مرافق إسالة الغاز بالحقل الإسرائيلي، ليفانتين وهو حقل بحري في البحر المتوسط يقع في المنطقة بالقرب من لبنان وقبرص والأراضي المحتلة.
وبذلك تربح جميع الأطراف من تصدير الغاز الإسرائيلي عبر مصر حسب الموقع.
وأشار الموقع الإسرائيلي كذلك إلى خشية الحكومة المصرية من رد فعل الشعب المصري، وهو ما ظهر حين “ نشر وزير الطاقة المصري تصريحاً ينفي فيه نفياً قاطعاً ما صرح به وزير الطاقة الإسرائيلي سيلفان شالوم أثناء مقابلة له مع الإذاعة الإسرائيلية من أن إسرائيل مهتمة بتصدير الغاز إلى مصر.”
وحسبما ذُكر في مقال ترجمه نون بوست في أواخر شهر نوفمبر الماضي بعنوان “مصر تتفاوض على شراء الغاز من إسرائيل عبر قبرص” فإنه “كان واضحاً أنه ستكون هناك تداعيات دبلوماسية وسياسية حينما أعلن العام الماضي عن اكتشاف كميات كبيرة من احتياطي الغاز الطبيعي في المياه الإقليمية الإسرائيلية والقبرصية. فحقل غاز ليفانتين هو أكثر حقول الغاز في العالم استراتيجية من حيث الموقع وأكثرها حساسية من الناحية السياسية. هذه الحقول التي اكتشفت تحت قعر البحر على عمق سحيق على بعد ٢٠٠٠ متراً من سطح المياه وتبعد عن شواطئ كل من البلدين أكثر من مائة كيلومتر سوف تمكن إسرائيل وقبرص من أن يصبحا مصدرين للطاقة.”
وتوقع خبراء إسرائيليون بحسب الموقع أن تنضج المحادثات لاستيراد الغاز الإسرائيلي بحلول منتصف العام الجاري بعد أن تكون مصدر قد استقرت سياسيا، في رؤية تبدو متفائلة للغاية لمستقبل الأوضاع شديدة التوتر في البلاد.
و منذ ثورة ٢٥ يناير تعرض خط أنابيب الغاز المؤدي إلى إسرائيل لعشرات الهجمات، وكان ذلك تعبيراً واضحا عن مشاعر العداء لإسرائيل في مصر، وإن كانت حالة الفوضى وانعدام الأمن في شبه جزيرة سيناء، حيث كانت تقع معظم الاعتداءات، قد ساهمت في ذلك. وفي إبريل (نيسان) من عام ٢٠١٢ ألغت مصر الاتفاقية التي صدرت بموجبها الغاز إلى إسرائيل. (هذا رغم أن رئيس شركة غاز مصر كان يصر في ذلك الوقت بأن “القرار الذي اتخذناه كان لأسباب اقتصادية وليس لأسباب سياسية”).