بعد أن ضربت صاعقة فوز المرشح الجمهوري دونالد ترامب بانتخابات الرئاسة الأمريكية، معظم السياسيين حول العالم، وبينما اتجهت الدول العظمى إلى دراسة وتقييم النتائج المترتبة على هذا الفوز، توقع عدد من المحللين أن يبادر تنظيم داعش وعدد من التنظيمات الإرهابية الأخرى إلى مباغتة ترامب، بعمليات قد تضرب المصالح الأمريكية حول العالم، أو ربما داخل البلاد نفسها.
سيناريو الـ30 يومًا
سيناريو اختبار ردة فعل ترامب، بدأ منذ اللحظة الأولي التي هدد فيها داعش بخطة الـ30 يومًا، حينما قال في أحد مؤتمراته الانتخابية إنه في أول يوم لرئاسته سيطلب من ضباطه الكبار أن يقدموا إلى المكتب البيضاوي خلال 30 يومًا، خطة لنصر كامل وسريع على داعش، مضيفًا أن ذلك لا يعني حربًا تقليدية، ولكن أيضًا حربًا عبر الإنترنت وحربًا مالية وحربًا إيديولوجية.
عنصرية ترامب
في المقابل يقع التنظيم الأخطر والأكثر دموية في العالم الآن، تحت الضغط في معظم مناطق نفوذه، بدءًا بسوريا مرورًا بالعراق حتى ليبيا، بالإضافة لسقوط عدد كبير من مناصريه تحت نيران الجيوش المحلية مثل جماعة بوكو حرام في نيجيريا، وأنصار بيت المقدس في سيناء المصرية، وغيرها من الجماعات الإرهابية حول العالم، لذلك قد يسعى لاستغلال تصريحات ترامب العنصرية ضد العرب والمسلمين والمهاجرين على حد سواء، في تجنيد أو إحياء عدد من ذئابه المنفردة، بكل من أمريكا وعدد من الدول الأوروبية والآسيوية، لاستخدامها في ضرب أماكن حيوية داخل الولايات المتحدة، أو مصالح أمريكية حول العالم، فيما يشبه الاختبار لردة الفعل لدى ترامب.
حيث يأمل التنظيم أن يكرر الرئيس الأمريكي الجديد، خطأ الرئيس الأسبق جورج بوش الابن، حينما رد على تفجيرات سبتمبر بمركز التجارة العالمي، باحتلال أفغانستان والعراق، ما أسهم في انتشار تنظيمات إرهابية جديدة، إضافة إلى تنظيم القاعدة، الذي كان الأكبر والأخطر والأجهز حينها.
لقطة من أحدى إصدارات داعش التهديدية
تهديدات مبطنة
بقراءة معلوماتية للإصدراين الأخيرين للتنظيم على المواقع التابعة له على الإنترنت، يتضح أن هناك ما يجري التخطيط له، حيث تركز الفيديوهات المجمعة للعمليات الاستشهادية لأعضاء التنظيم، في كل من سوريا والعراق وليبيا، خصوصًا منطقة سرت الليبية التي يرفض أعضاء التنظيم فيها الاستسلام للقوات الحكومية المهاجمة، ويقومون بتفجير أنفسهم في الجنود، على الجنة، وما وراء القتال في سبيل الله، وأهمية قتال المشركين في عقر دارهم ، وكيف يمكن القضاء على “رأس الحية”، في إشارة ربما للولايات المتحدة، وغيرها من الكلمات الحماسية.
نغزوهم ولا يغزوننا
الفيديو الأخير الذي نشره التنظيم بعنوان “الآن نغزوهم ولا يغزونا”، وانتشر كالنار في الهشيم خلال الأسبوعين الماضيين، على الحسابات الداعمة والمؤيدة له، خصوصًا حسابات “صولة الحق ومؤيدو الدولة وطالب الحق على تويتر، وصفحات “باقية وتتمدد والخلافة باقية” على الفيسبوك، قبل أن يتم حذفها جميعًا فجأة، يوشي بأن التنظيم قد أعد العدة على نقل المعركة خارج حدوده، مع ازدياد الضغط عليه في معاقله داخل الرقة والموصل وسرت، عبر شبكة عالمية، قد لا تكون مرتبطة ببعضها البعض لكنها تؤدي الهدف بالشكل المطلوب، وفق نظرية الذئاب المنفردة، وهو ما يعني أن الهجمات القادمة ستكون من الداخل الأمريكي والغربي، وليس من الشرق الأوسط.
عشوائية القرارات
ما يصب في صالح التنظيم هو عشوائية التفكير والقرارات والتصريحات لدى ترامب، حيث صرح خلال حملته الانتخابية، بمنع دخول اللاجئين وتهجير العرب والمسلمين من الولايات المتحدة، قبل أن يعود حسابه على تويتر لحذف التغريدة، بعد أقل من ساعة على فوزه بالانتخابات، لتعود للظهور من جديد بعدها بيومين فقط، وهو ما يدعم دعاوى التنظيم بأنه يتعرض لحرب على الإسلام، ويدافع عن الإسلام في كل العالم، ويحمل لواءه، مما يسهل من عملية انتشار أفكاره بين المهاجرين والأجيال المتقدمة منهم تحديدًا، وتجعل الاستخبارات الغربية تواجه أبناءها، وليس القادمون من الخارج.
وقائع سابقة
سيناريو الهجوم على المصالح الأمريكية ليس تخيليًا لكنه مبني على وقائع سابقة لرد فعل التنظيم، إحداها حينما نشرت “ولاية خراسان” مقطع فيديو بعنوان “لن تحلموا بالأمن” بعدة لغات، تعقيبًا على عملية إطلاق النار على ملهى ليلي للمثليين في مدينة أورلاندو الأمريكية، والتي أودى فيها الأمريكي عمر متين بحياة نحو 50 شخصًا وأصاب 53.
وهدد مجموعة من أعضاء التنظيم الإرهابي بتفجير “جميع مراكز الكفر والفجور” على حد تعبيرهم، كالمعابد والأماكن الأثرية والكنائس ودور السينما وملاهي المثليين وبيوت الغناء والموسيقى، كما هددوا بإعدام قيادات أعدائهم قائلين: “سنُلبس كبرائهم وساداتهم لباس الذل البرتقالي” في إشارة إلى زي الإعدام الذي يستخدمه التنظيم.
ووجه التنظيم رسالة إلى الولايات المتحدة مفادها: “نحن قادمون إلى حصونكم وسنقتحم بيوتكم، وسنثأر لإخواننا وننغص عيشكم، كما فعلنا في باريس وبروكسل، فأتوا بجنودكم كي نذبحهم، وأتوا بما لديكم من تقنيات حديثة حتى تكون غنيمة لنا”.
وامتد تهديد التنظيم إلى المسلمين ممن يعيشون في البلاد غير الإسلامية، الذين رأى أنه لا عذر لهم بأن يعيشوا حياة مطمئنة هناك وهم يرون ما تفعله الديانات الأخرى بالمسلمين، وفقًا لتعبيره، معتبرًا أن السبيل الوحيد لهم هو ممارسة كل أشكال العنف على غير المسلمين في بلادهم، وأضاف: “إن كانت قلوبكم مع التنظيم وعرفتكم أن أبا بكر البغدادي هو الخليفة، فنكّلوا بالكفار بكل وسيلة متاحة، اذبحوهم، ادهسوهم بسياراتكم، سمموهم، اطعنوهم بالسكين، وادفعوهم، فإن لم تستطيعوا فابصقوا في وجوههم، فإن عجزتم عن ذلك فجددوا إيمانكم”.