جاء حكم محكمة جنح القاهرة، أمس السبت، بحبس نقيب الصحفيين المصريين، وعضوين في مجلس النقابة لمدة سنتين، وكفالة 10 آلاف جنيه لكل منهم، على خلفية اتهامهم بإيواء صحفيين كانا مطلوبين للعدالة، ليلقي بظلاله القاتمة على المشهد السياسي والحقوقي برمته.
الحكم وإن لم يكن نهائيًا إلا أن يعد سبةً في جبين حرية التعبير في مصر، ونقطة سوداء في ثياب الصحافة المصرية التي ما تعرضت طيلة تاريخها الطويل إلى مثل هذه الحملة الشرسة التي تستهدف تطويعها وإخضاعها وإذلالها بصورة تكسر قامتها وتحني رأسها، حتى تصبح بوقًا جديدًا للنظام وحكومته.
وبالرغم من تقارير منظمة مراسلون بلا حدود بشأن حريات الصحافة، والتي وضعت مصر في مرتبة متأخرة من حيث حرية الإعلام والصحافة، إلا أن قرار حبس أعلى منصب صحفي، يضع العديد من علامات الاستفهام حول استراتيجية الدولة نحو حرية التعبير والإعلام التي طالما عزفت عليها ليل نهار، فضلاً عن الرسائل التي يبعث بها هذا الحكم للداخل والخارج.
الصحفيون في مرمى الملاحقات
البداية تعود إلى توجيه النيابة العامة لنقيب الصحفيين وعضوي المجلس تهمة إيواء أشخاص صادر بحقهم أمر قضائي بالضبط والإحضار في قضايا جنايات وجنح معاقب عليها قانونًا، وهما عمرو بدر ومحمود السقا، اللذان ألقي القبض عليهما من داخل نقابة الصحفيين مطلع مايو الماضي، بعد اعتصامهما بمقر النقابة احتماءً بها كونها المظلة الشرعية النقابية لهما.
وعقب اقتحام الداخلية للنقابة للقبض على الصحفيين، نظم العشرات في الرابع من مايو تظاهرات حاشدة أمام النقابة فضلاً عن عقد جمعية عمومية طارئة أعلنوا فيها عدة قرارات تصعيدية رفضًا لاقتحام النقابة، حيث طالبوا بتقديم اعتذار واضح من رئاسة الجمهورية عن انتهاك القانون والدستور باقتحام النقابة، والإفراج عن جميع الصحفيين المحبوسين في قضايا نشر.
ردًا على هذا التصعيد، تقدمت وزارة الداخلية ببلاغ ضد نقيب الصحفيين اتهمته فيه بإيواء مطلوبين للعدالة، وعلى الفور تم عرض النقيب وعضوي المجلس على النيابة ومن ثم المحاكمة ليسدل الستار في الجولة الأولى على الحكم بعامين حبس وكفالة 10 آلاف جنيه
كما قررت النقابة إقامة دعوى قضائية ضد الداخلية لاقتحامها مقر النقابة دون إذن منها، كما نشرت الصحف افتتاحيات واحدة تطالب بإقالة وزير الداخلية، وتسويد الصفحات الأولى، ووضع شارات سوداء على المواقع، كما جددت الجمعية ثقتها المطلقة في مجلس نقبتها المنتخب، والوقوف خلفه صفًا واحدًا لحين انتهاء الأزمة.
وردًا على هذا التصعيد، تقدمت وزارة الداخلية ببلاغ ضد نقيب الصحفيين اتهمته فيه بإيواء مطلوبين للعدالة، وعلى الفور تم عرض النقيب وعضوي المجلس على النيابة ومن ثم المحاكمة ليسدل الستار في الجولة الأولى على الحكم بعامين حبس وكفالة 10 آلاف جنيه.
ولم تكن هذه هي المرة الأولى التي تتعرض فيها الصحافة للانتهاك، ففي تقرير صادر عن مرصد “صحفيون ضد التعذيب“، قال إن النصف الأول من 2016 شهد حدوث 582 انتهاكًا ضد الحريات الإعلامية في مصر، والتي كانت أبرزها واقعة المنع، حيث سجَّل المرصد 195 واقعة منع التغطية الصحفية بنسبة ثلث الانتهاكات، ثم تلتها تعدٍ بالقول أو التهديد بعدد 74 حالة، وتعدٍ بالضرب أو إحداث إصابة بعدد 73، و57 حالة من احتجاز غير قانوني، ثم 51 حالة تقاضي بتقديم بلاغات ومحاضر.
وأضاف التقرير أن من ضمن الانتهاكات استيقاف وتفتيش بعدد 32 حالة، ثم 228 حالة قبض وإحالة للنيابة، ثم 18 حالة من الاستيلاء على معدات صحفية، و12 حالة لكل من أحكام قضائية بالحبس وفرض غرامة مالية، و11 حالة منع إذاعة أو بث محتوى إعلامي، و4 حالات لكل من إجراء إداري تأديبي، وإتلاف أو حرق معدات صحفية، وإخلاء سبيل مالية، وتعدٍ بالضرب داخل مكان احتجاز، يليهم مرتان تم فيهما اقتحام مؤسسات صحفية، وأخيرًا حالة واحدة لمنع من دخول البلاد.
النصف الأول من 2016 شهد حدوث 582 انتهاكًا ضد الحريات الإعلامية في مصر
وأشار إلى أن وزارة الداخلية هي الأكثر ارتكابًا للانتهاكات بعدد 230 حالة، تلتها جهات حكومية ومسؤولون بعدد 120 حالة، ثم 109 حالات تم ارتكابها بواسطة مواطنين، ثم جهات قضائية بعدد 86 حالة، ثم 24 حكمًا قضائيا، وأخيرًا 13 انتهاكًا تم بواسطة هيئات ومؤسسات صحفية، وجاء مراسلو الصحف المصرية الخاصة في صدارة قائمة جهة الضحية الأكثر تعرضًا للانتهاكات بعدد 196 انتهاكًا، وجاء من بعدهم مراسلو القنوات الفضائية الخاصة وشبكات أخبار وصحف إلكترونية بعدد 59 انتهاكًا، تلتهم صحف مصرية حكومية بعدد 22 حالة، ثم 15 حالة انتهاك ضد كل من صحف مصرية حزبية وقنوات عربية، و10 انتهاكات ضد إداريين بنقابات، و8 ضد كل من قنوات مصرية حكومية وقنوات أجنبية، و7 ضد وكالات إخبارية مصرية، و6 ضد قنوات أجنبية، ثم 3 ضد صحف أجنبية، وأخيرًا انتهاكان ضد صحف عربية، فيما كان هناك 172 انتهاكًا آخر لم تتحدد فيها جهة الصحفي.
نقيب الصحفيين يحيى قلاش وزميليه جمال عبد الرحيم وخالد البلشي
إساءة لمصر
شنً الكاتب الصحفي جمال عبد الرحيم سكرتير عام نقابة الصحفيين، هجومًا عنيفًا على قرار حبسه ونقيب الصحفيين ووكيل النقابة، ملفتًا أن قرار الحبس الذي صدر أمس بحق مجلس النقابة أساء لمصر كثيرًا، وبعث برسالة للعالم أجمع أن مصر ضد حرية الرأي والتعبير.
وأضاف عبد الرحيم في مداخلة هاتفية لبرنامج مساء القاهرة المذاع عبر قناة TEN، أن القرار بحبس نقيب الصحفيين والسكرتير العام ووكيل النقابة سابقة هي الأولي من نوعها، موضحًا أن المتهمين الأساسيين في القضية “عمرو بدر ومحمود السقا” تم الإفراج عنهما بينما صدر القرار ضدهم بالحبس رغم كونهم متهمين ثانويين بالقضية.
لا أحد فوق القانون
بداية عبر بعض الإعلاميين والسياسيين عن رضاهم لهذا القرار، مبدين احترامهم لأحكام القضاء، وأنه لا أحد فوق القانون، وهو ما أشارت إليه الكاتبة الصحفية والبرلمانية نشوى الحوفي، بقولها: لا علاقة له بحرية الرأي والتعبير.
وقالت الحوفي في تدوينة عبر حسابها على موقع التواصل الاجتماعي فيس بوك: “سيادة القانون يا سادة، قضية المواطن مجدي مكين تنتظر تقرير الطب الشرعي وتفريغ كاميرات القسم اللي تم التحفظ عليها والتحقيق النهائي، افتكروا إن السنة اللي فاتت فيها قضايا اتحكم فيها على ضباط اخطأوا وأمناء تجاوزوا”.
وتابعت: “وبنفس المنطق حكم المحكمة على أعضاء النقابة ما لوش أي علاقة بحرية الرأي والتعبير وممارسة المهنة لكن له علاقة بمخالفة القانون في عدم تسليم مطلوبين للنيابة، سيادة القانون يجب ألا تفرق بين مكين وقلاش وأي شخص”.
القط: لم أتوقع الحكم على نقيب الصحفيين أن يصل لهذا الحد، ولكن “شئنا أم أبينا يجب أن نحترم أحكام القضاء أيًا كانت إرادتنا”
بينما علق الإعلامي أحمد موسى، على الحكم، قائلاً: “لا أحد فوق القانون، وأهم شيء هو احترام العدالة “، مضيفا في برنامجه “على مسئوليتي” المذاع على فضائية صدى البلد “نقابة الصحفيين عليها أن تسلك المسار القانوني في التعامل مع الحكم، وأن تطعن على الحكم بشكل طبيعي”.
وفي نفس السياق، قال ممتاز القط، رئيس تحرير جريدة أخبار اليوم الأسبق، لم أتوقع الحكم على نقيب الصحفيين أن يصل لهذا الحد، ولكن “شئنا أم أبينا يجب أن نحترم أحكام القضاء أيا كانت إرادتنا”.
وأضاف القط في تصريحات صحفية له أنه يجب اتخاذ الإجراءات القانونية وألا تتعجل النقابة في اتخاذ أي إجراءات، وألا يتم استغلال الحدث واستخدام الصوت العالي لإثارة البلبلة.
وتابع حديثه: “الحكم كان مفاجأة وأنا متضامن مع يحيى قلاش وعضوي مجلس النقابة بالرغم من أنني كنت ضد موقف النقيب في بداية الأزمة، وضد مطالب الجمعية العمومية لأن بها تجاوزات”.
أحمد موسى أبرز الإعلاميين الداعمين للنظام المصري
تيران وصنافير كلمة السر
من جانبه شن الكاتب والمحلل السيد الربوة حملة انتقادات لاذعة ضد قرار حبس النقيب، مشيرًا أنه منذ جلوس عبد الفتاح السيسي علي كرس الرئاسة، وهو يقود قاطرة تسلك دروب لم نشاهدها من قبل، ومن حوله بعض المنتفعين يلهثون من أجل مصالحهم، ولا يشير أحد عليه بالتوقف من أجل مصلحة حقيقية لهذا البلد، على حد قوله.
الربوة في حديثه لـ”نون بوست” أكد أن النظام حمّل القضاء والشرطة ما لا طاقة لهم به، صارت المواجهة مع الشعب فى كل شيء عن طريق الداخلية ويليها القضاء، حتى لا يستطيع أحد أن يتحدث عن الانتهاك تم تطويع القانون لخدمة أهدافهم، ملفتًا أن نقابة الصحفيين كانت وستظل قلعة للحريات، فمنذ عهد الملك فاروق إلى عهد مرسي، لم نسمع يومًا عن حكم بحبس نقيب الصحفيين أو السكرتير والوكيل، برغم الجولات الشرسة التي خاضتها النقابة في قضايا سياسية مختلفة.
جميع الصحفيين يعلمون أن حصار نقابتهم من قبل الداخلية والتشديد عليهم، بدأ عقب التظاهرة المزلزلة التي نُظمت على سلالم النقابة للتأكيد على أن” تيران وصنافير” مصريتان
وأضاف الكاتب الصحفي أن سلالم نقابة الصحفيين كانت دائما منبرًا لكل صاحب شكوى من عمال وفلاحين وموظفين وغيرهم من أبناء الشعب المصري، وجميع الصحفيين يعلمون أن حصار نقابتهم من قبل الداخلية والتشديد عليهم، بدأ عقب التظاهرة المزلزلة التي نُظمت على سلالم النقابة للتأكيد على أن تيران وصنافير مصريتان، مختتمًا حديثه بأن النقابة مكان عام للصحفيين لم يستطع أي نقيب منذ إنشائها أن يمنع صحفي من الدخول أو الاعتصام بها، إذًا الموضوع محاولة للترويع والإنذار بشكل أو بآخر وهم في ذلك واهمون.
الصحافة باقية والطغاة زائلون
“حبس نقيب الصحفيين وعضوي مجلس النقابة عامين سابقة لم تحدث في تاريخ مصر” بهذه الكلمات علقت الإعلامية جيهان منصور على الحكم الصادر بحبس قلاش ورفيقيه، منصور كتبت في تغريدة عبر حسابها الشخصي على تويتر: “الصحافة باقية والطغاة زائلون!”.
بينما انتقد خالد داود المتحدث باسم تحالف التيار الديمقراطي، الحكم، واصفًا إياه بـ”الظالم”، حيث كتب في تغريدة عبر حسابه على موقع التدوين المصغر تويتر: “الحبس عامين لنقيب الصحفيين والبلشي وعبد الرحيم وكفالة 10 آلاف للطعن على الحكم.. يسقط الظلم”.
وتابع: الرئيس ونظامه يريدون إعلامًا خاضع خانع دعائي لا ينفذ سوى الأوامر، ولكن هيهات، لا يخيفنا الحبس، عاشت حرية الصحافة، عيش، حرية، عدالة، كرامة.
بينما أبدت السياسية المصرية جميلة إسماعيل، عدم رضاها عن قانون الجمعيات الأهلية الذي أقره البرلمان المصري، بالإضافة للحكم الصادر، اليوم، بحبس نقيب الصحفيين يحيى قلاش، وعضوي مجلس النقابة جمال عبدالرحيم وخالد البلشي.
وكتبت “إسماعيل” في تغريدة، عبر حسابها الشخصي على تويتر: “في أسبوع واحد أسود في تاريخ مصر ووصمة على جبين برلمانها وحكومتها ورئيسها، صدر قانون الجمعيات والحكم بحبس نقيب الصحفيين وأعضاء بالمجلس”.
عشرات الصحفيين لازالوا معتقلين داخل السجون المصرية
عام الكلابشات
“نحن نشهد عاما مليئا “بالكلابشات” بداية من حبس الشباب وأخيرًا بحبس نقيب الصحفيين” بهذه الكلمات الممزوجة بالحسرة، علقت الكاتبة الصحفية هند العربي على قرار حبس نقيب الصحفيين، ملفتة أن الكل الآن بات معرضًا للحبس والاعتقال في ظل غياب القانون والعدالة.
العربي في تصريحاتها لـ”نون بوست” أكدت أن عام 2016 اتسم منذ بدايته بالقسوة المفرطة والاعتداء على الحريات بكل أوجهها وكله بموجب القانون، منوهة أن القضية ملفقة من الأساس من أجل القضاء على حرية الكلمة وتكمم الأفواه وقصف الأقلام، مرجعة السبب في ذلك إلى رغبة النظام في إعلام بلا حرية أو تداول آراء، يريدون إعلامًا من نوع خاص لا يعارض ولا يناقش، فهم على يقين أن الصحافة المسمار الأخير في نعش الفساد واكتشاف الحقائق وتوعية الناس، وعليه كان واجبًا وإلزامًا القضاء عليها بشتى السبل.
وتابعت العربي: وصمة سوداء في جبين القضاء لم نشهدها في عصر مبارك أو مرسي أو أي عصر، وإذا كان الصحفي (ليس على رأسه ريشة) و(لا أحد فوق القانون) فأين ذلك القانون من قتلة متظاهري 25 يناير ومن محاكمة الإخوان وآل مبارك والضباط المتهمين بقتل المواطنين وتعذيبهم وآخرهم ضابط الأميرية الذي قتل القبطي مجدي مكين.
وصمة سوداء في جبين القضاء لم نشهدها في عصر مبارك أو مرسي أو أي عصر، وإذا كان الصحفي (ليس على رأسه ريشة) و(لا أحد فوق القانون) فأين ذلك القانون من قتلة متظاهري 25 يناير
واختتمت الصحفية المصرية حديثها بأن هذا الحكم سيكون له آثار سلبية في خلق مناخ من القلق والتخوفات بشأن حالة حقوق الإنسان في مصر، مما يصنع مفارقة كبيرة بين إصدار رئيس الجمهورية قرارات العفو عن سجناء الرأي والسياسيين وفي نفس الوقت الحكم بحبس نقيب الصحفيين علاوة علي بعض الانتهاكات في أقسام الشرطة خصوصًا في الفترة الأخيرة، ووجود حالة من التباين والاضطراب في العديد من قضايا حقوق الإنسان.
ردة ديمقراطية والسجن للجميع
من جانبه علق الإعلامي عمرو أديب على هذا الحكم قائلاً: “في مصر كلنا هنتسجن، علشان أريحكم كده”، مضيفا في برنامجه “كل يوم” المذاع على فضائية on: “زي ما أنتم شايفين أن الدولة عاملة زي الخلاط، وكل يوم اللي فوق تحت واللي تحت فوق، وكله بالقانون”، منوهًا إلى أن هذا الحكم القضائي وقعه سيء للغاية، وجميع الصحف الأجنبية تتحدث عن حبس نقيب الصحفيين المصري
بينما أشار أسامة شرشر، عضو لجنة الثقافة والإعلام بمجلس النواب، أنه في الوقت الذي نعيش فيه موجات من الفرح لصدور قرار من رئيس الجمهورية بالإفراج عن عدد ليس بالقليل من الشباب في قضايا الرأي والحريات، نرى صدور حكم صادم للجماعة الصحفية بحبس نقيبهم، موضحًا أن هذا الأمر يعبر عن تناقض كبير ستدفع ثمنه الدولة المصرية من قبل المنظمات العالمية والمجتمع الدولي بشأن أوضاع الحريات في مصر.
ولفت عضو مجلس النواب إلى أنه يرى ضرورة التدخل للحفاظ على الحريات في مصر، والإفراج عن نقيب الصحفيين، حتى لا تترتب سلبيات تسيء للدولة المصرية، مشيرًا إلى أنه على المستوى الشخصي مصدوم خاصة أن نقابة الصحفيين التي تدافع عن الحريات في مصر والكتاب وحقوق الناس، يحبس نقيبها.
من اللا مقبول إلى اللامعقول
بعد صمت دام طويلاً، وغياب شبه تام عن المشهد منذ فترة ليست بالقليلة، استنكر حمدين صباحي مؤسس التيار الشعبي والمرشح الرئاسي الخاسر، الحكم بحبس نقيب الصحفيين وعضوي المجلس.
صباحي في تدوينة له عبر حسابه الشخصي على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك قال: “مصر تنتقل من اللامقبول إلى اللامعقول، هذا هو الحال في ضوء الحكم على نقيب الصحفيين وقيادات مجلس النقابة بتهمة ملفقة”.
وتابع: “إن صحت التهم الموجهة للنقيب والقيادات فهي شرفهم الإنساني وواجبهم النقابي وامتحانهم الأخلاقي الذي نجحوا فيه بجدارة تليق بهم وبنقابة الرأي العريقة”، وأردف: “سنبقى مع وطننا ونقابتنا ونقيبنا حتى سيادة العقل والعدل والحرية.. اللهم استر مصر وانصرها”.
مصر تنتقل من اللامقبول إلى اللامعقول، هذا هو الحال في ضوء الحكم على نقيب الصحفيين وقيادات مجلس النقابة بتهمة ملفقة
بينما علّق الناشط السياسي ممدوح حمزة، على الحكم، مسلطًا الضوء على موعد إصداره، إذ جاء بعد يوم واحد فقط من قرار العفو الرئاسي.
وكتب حمزة في تغريدة، عبر حسابه الشخصي على موقع تويتر” “لعبة الثلاث ورقات: عفو اليوم وسجن نقابة الصحفيين غدًا والله يرحمك يا جدتي: جت الحزينة تفرح ملقتلهاش مطرح”.
الكاتب الصحفي والمرشح الرئاسي الخاسر حمدين صباحي
الصحف الأجنبية: قبضة حديدية على الإعلام
استنكرت العديد من الصحف الأجنبية قرار الحكم بحبس نقيب الصحفيين ووكيلي النقابة، حيث نقل موقع (بي بي سي) عن منظمة العفو الدولية إدانتها لهذا الحكم، معلقة عليه بقولها: سابقة لم تشهد البلاد مثيلاً لها، إنها أكثر الهجمات على الإعلام سفورًا في البلاد منذ عشرات السنين”.
من جانبها قالت ماغدالينا مغربي النائب المؤقت لمدير قسم الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في المنظمة، إن احتجاز رموز إعلامية في نقابة الصحفيين يعد مؤشرًا على تصعيد خطير في حملة السلطات المصرية شديدة القسوة على حرية التعبير ويظهر الإجراءات المتشددة التي تجهزها السلطات بهدف تشديد قبضتها الحديدية على الإعلام.
أما وكالة رويترز عبر نسختها المصرية “أصوات مصرية” فقد نقلت عن شريف منصور منسق برنامج الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في لجنة حماية الصحفيين قوله: “السلطات تعاقب القلاش والبلشي وعبد الرحيم الذين يمثلون أكثر الأصوات تأثيرًا من أجل حرية الصحافة في مصر، ولعملهم على حماية الصحفيين من المضايقات والتهديدات والاعتقالات”.
العفو الدولية: سابقة لم تشهد البلاد مثيلاً لها، إنها أكثر الهجمات على الإعلام سفورًا في البلاد منذ عشرات السنين
ودعت اللجنة السلطات المصرية إلى “السماح لنقابة الصحفيين وجميع العاملين في الصحافة بالقيام بعملهم دون خوف من الانتقام”.
كما نقلت الوكالة أصوات بعض المنددين بهذا الحكم، حيث وصف جمال عيد رئيس الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان الحكم بأنه أشد من الحكم الصادر في قضية قتل 37 مواطنًا في سيارة ترحيلات أبو زعبل التي خففت فيها المحكمة الحكم الصادر على 3 ضباط إلى السجن عام مع إيقاف التنفيذ.
من جانبه قال محمد أحمد الباحث في شؤون مصر بمنظمة العفو الدولية وهو محام حقوقي، تعقيبًا على الحكم، “لم يكن واجبًا ابتداء إحالة الصحفيين الثلاثة للمحاكمة لأنهم كانوا يؤدون واجبهم، حكم عليهم بينما لم يحاسب رجال الشرطة الذين اقتحموا النقابة”.
أما موقع “فرانس 24” الفرنسي فنقل اتهام منظمات حقوقية للرئيس السيسي بإقامة نظام أكثر سلطوية من الرئيس الأسبق حسني مبارك الذي أسقطته ثورة 25 يناير 2011، ومنذ الإطاحة بالرئيس الإسلامي محمد مرسي في يوليو 2013، شهدت مصر حملة قمع دامية ضد جماعة الإخوان المسلمين، امتدت بعد ذلك إلى المعارضين الليبراليين واليساريين.
مما سبق يتضح أن هناك مشهد سوداوي يخيم على المناخ السياسي والحقوقي في مصر، يضاف إلى قائمة ما تواجهه خلال الفترة الأخيرة من موجات انتهاك حقوق الإنسان وغياب العدالة، بلا شك سيكون له أثر سيء على صورة البلاد في الخارج قبل الداخل، يحمل معه تهديدًا صريحًا بإجهاض حرية التعبير وخنق الصحافة المستقلة، فما مستقبل الحريات في مصر خاصة حرية الصحافة؟ هذا ما ستكشف عنه تفاصيل تبعات هذا الحكم خلال الأيام القادمة.