أعلنت دولة الاحتلال الإسرائيلي اليوم السبت وفاة رئيس وزراءها الحادي عشر آريئيل شارون عن عمر ٨٥ عاما بعد أن قضى آخر ثمان سنوات في غيبوبة.
“قد يكون شارون هو المجرم الأكثر وحشية وإجراماً في المائة سنة الأخيرة” هذا القول لا ينطوي على أية مبالغة، فالرجل الذي يُلقب بـ”السفاح” أحيانا وبـ”البلدوزر” أحيانا أخرى يستحق أن يزاحم قائمة فيها هتلر وموسوليني وستالين.
وُلد شارون عام ١٩٢٨ في قرية كفار ملال بفلسطين أيام الانتداب البريطاني. كان اسم عائلته الأصلي شاينرمان وكان والداه من اليهود الأشكناز الذين هاجروا من شرقي أوروبا. إذ ولد أبوه في بولندا بينما ولدت أمه في روسيا.
آريئيل شارون، بدأ حياته كمجرم حرب مبكرا للغاية، في سن الرابعة عشرة انضم إلى صفوف عصابات الهاجانا الإرهابية، والتي شكلت لاحقا نواة الجيش الإسرائيلي.
شارك شارون في حرب فلسطين، وكان يحارب في معركة القدس ضد الجيش الأردني ووقع أسيرا بيد الجيش العربي الأردني في معارك اللطرون عام 1948 وقد أسره يومها النقيب حابس المجالي –المشير فيما بعد- الذي عالجه ونقله إلى الخطوط الخلفية، ثم إلى المفرق في الأردن حيث أقيم معسكر اعتقال الأسرى اليهود، وتم تبديله بأسير عربي عندما جرى تبادل الأسرى بعد الهدنة الثانية.
وفي عام 1952 شارك في وحدته في مذبحة قرية شمال غربي مدينة القدس في اللد حيث تم حبس الرجال (حوالي 400 رجل) في المسجد، ومنعوا عنهم الطعام والشراب، وقدموا لهم البول بديلاً عن الماء، ثم أخرجوهم وداسوهم جميعاً بالدبابات، واغتصبوا النساء ثم قتلوهن.
وفي عام 1953 تقدم شارون بطلب تشكيل وحدة خاصة للإرهاب تتكون من المحكوم عليهم جنائياً في السجون الإسرائيلية، وقامت تلك الوحدة بقيادة شارون بتنفيذ خمس مذابح ضد المدنيين الفلسطينيين من 1953 ـ 1956، منها مذبح قرية قبية على الحدود الأردنية حيث قُتل كل أفراد القرية رجالاً ونساء وأطفالاً. ومنها أيضاً مذبحة “بدو العزازمة”، ومذبحة البريج ثم مذبحة قلقلية عام 1956 قبل أن يعُيِّن كقائد لواء مدرع في العدوان الثلاثي على جبهة سيناء.
وفي حرب يونيو/حزيران، ارتكب شارون مذبحة ضد الأسرى المصريين عام 1967، مما أدى إلى مصرع ثلاثة آلاف أسير أعزل، بالاشتراك مع آخرين من ضباط الجيش الصهيوني.وقد تباهى شارون بذلك ونُقلت عنه تصريحات يقول فيها “لقد كنت آمر الجنود الأسرى بحفر قبورهم بأيديهم.”
وفي عام 1971 ترأس شارون عملية هدم ألفي منزل فلسطيني في محاولة للقضاء على مقاتلي جيش التحرير الفلسطيني (الجناح العسكري السابق لمنظمة التحرير الفلسطينية).
وشارك شارون في حرب 1973 ثم ترك الجيش ليأسس حزب الليكود. وشجع شارون، خلال توليه وزارة الزراعة في حكومة مناحيم بيغن، سياسة بناء المستوطنات على الاراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967.
وأدار شارون، في منصبه كوزير للدفاع، الاجتياح الاسرائيلي للبنان عام 1982. واتخذ شارون القرار بالسماح لجنود الكتائب المسيحية باقتحام مخيمي صبرا وشاتيلا.
وتُعدّ مذبحة صبرا وشاتيلا من أهم المحطات في حياة شارون، لقد هزت مذابح صبرا وشاتيلا التي وقعت في منتصف سبتمبر/ أيلول 1982 في بيروت في فظاعتها الضمير الإنساني والعالمي بمجرد نقل أجهزة الإعلام أخبار وصور ضحاياها إلى مختلف أنحاء العالم.
إسرائيل شكلت لجنة تحقيق قضائية للتحري في ظروف هذه الجريمة والمسؤولين عنها. واستنتجت اللجنة في تقريرها النهائي عام 1983 بأن المسؤول المباشر عن قيادة هذه المذابح هو إيلي حبيقة الذي كان يقود ميليشيات الكتائب بلبنان آنذاك.
وأكدت أن أرييل شارون الذي كان وزيرا للدفاع أثناء ارتكاب المذابح ورئيس الوزراء الإسرائيلي الحالي وعددا من الضباط الكبار بالجيش الإسرائيلي كانوا مسؤولين مسؤولية غير مباشرة عن هذه المذابح. وبعد إعلان نتائج التحقيق استقال شارون أو أقيل من منصبه.
وأوضحت اللجنة أن السلطات أو القوات الإسرائيلية ساهمت بطريقة مباشرة أو غير مباشرة في المذابح وعمليات القتل التي يقال إنها نفذت من طرف الميليشيات اللبنانية في مخيمات اللاجئين بصبرا وشاتيلا في بيروت من 16 إلى 18 سبتمبر/أيلول 1982.
عدد القتلى في المذبحة لا يعرف بوضوح وتتراوح التقديرات بين 750 و3500 قتيل من الرجال والأطفال والنساء والشيوخ المدنيين العزل من السلاح، أغلبيتهم من الفلسطينيين ولكن من بينهم لبنانيين أيضا.
وأمضى شارون اعواما في الظل بعد استقالته. شغل خلالها مناصب وزارية ولكن لم يكن له نفس النفوذ كما كان من قبل. ولكن قرب نهاية التسعينات بدأ نجمه في البزوغ مجددا.
وفي 1993 عارض توقيع اتفاقية السلام مع منظمة التحرير الفلسطينية بعد مصافحة رئيس الوزراء الإسرائيلي حينها، إسحق رابين، الزعيم الفلسطيني الراحل ياسر عرفات.
اجتمع شارون مع الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، والرئيس الأمريكي، جورج بوش، وملك الأردن، عبد الله الثاني، لمناقشة “خارطة الطريق”، في مدينة العقبة الأردنية عام 2003
وفي عام 1999 اختير لزعامة حزب الليكود.
وفي خطوة استفزازية للغاية زار شارون المسجد الأقصى وقبة الصخرة ما كان السبب الرئيسي في اعادة اشتعال الانتفاضة الفلسطينية.
ففي يوم الخميس 28 سبتمبر 2000 قام شارون بزيارة الحرم الشريف بالقدس رغم معارضة شديدة من قبل لجنة الوقف الإسلامي التي تدير الحرم والقادة الفلسطينيين. وأدت الزيارة إلى اشتباكات بين الشرطة الإسرائيلية والمصلين الفلسطينيين الذين تظاهروا ضدها، انتهت ب20 قتيلا وب100 جريح من بين المتظاهرين فلسطينيين و25 جريحا من بين الشرطيين الإسرائيليين. وفي اليوم التالي انتهت صلاة الجمعة في مسجد الأقصى بمظاهرات ضد ما سماه الفلسطينيين ب”تدنيس شارون للحرم الشريف”، فتدهورت المظاهرات إلى اشتباكات عنيفة مع الشرطة الإسرائيلية وكانت أول حدث فيما يسمى اليوم بانتفاضة الأقصى التي استمرت 4 سنوات تقريبا.
وفي عام 2001 فاز شارون بالانتخابات العامة اثر تعهده بالتصدي للهجمات الفلسطينية، إلا أنه لم يستطع إيقاف العنف رغم اعتماده على الشيء الوحيد الذي يجيده: القتل.
ففي 2002 ارتكب الجيش الإسرائيلي مجازر عديدة في الضفة الغربية أبرزها مجزرة جنين التي استُشهد فيها المئات.
وأعيد انتخاب شارون لدورة ثانية لرئاسة الوزراء عام 2003 ليدخل في حكومة ائتلافية مع حزب العمل الإسرائيلي.
وقام شارون بالإشراف على العشرات من عمليات الاغتيال التي شملت قيادات في المقاومة الفلسطينية. في فتح وحماس والجهاد الإسلامي،
أما عام 2005، فكان عاماً مليئاً بالأحداث في حياة شارون، إذ بدأ بالإعلان عن المضي في محادثات السلام مع عباس، ثم نجح في ترؤس الوزراء للمرة الثالثة، وقدم استقالته من حزب الليكود، ليؤسس حزباً جديداً باسم “كاديما”، أي “إلى الأمام” بالعبرية.
وفي صيف 2005 مضى شارون في خطة إخلاء المستوطنات والرحيل من قطاع غزة، حيث قام الاحتلال بإخلاء المستوطنات ومعسكرات الجيش من قطاع غزة و4 مستوطنات أخرى متفرقة في شمال السامرة. وانتشرت قوات الجيش الإسرائيلية على الشريط الحدودي مع قطاع غزة. وكان يسكن في القطاع عند القيام بالخطة التي قادها شارون أكثر من 8.600 إسرائيلي.
تزوج شارون مرتين، الأولى مارغاليت التي توفيت في حادث سيارة في ١٩٦٢، والثانية ليلي التي ماتت عام ٢٠٠٠.
في 18 ديسمبر 2005 ، أصيب شارون بجلطة دماغية خفيفة إلا أنه أفاق منها وتم تحديد موعد لعملية جراحية لاحقة من اجل اجراء قسطرة القلب لإصلاح ثقب في قلبه ، وكان من المقرر ان تكون يوم 5 يناير 2006 .
في 4 يناير 2006، عشية موعد العملية ، أصيب شارون بنزيف حاد بالمخ . أحضر إلى المستشفى، ومنذ ذلك الوقت وحتى اليوم ظل شارون في غيبوبة تختلف درجاتها.
وصنف الأطباء شارون على مدار السنوات الثمانية التي قضاها في المستشفى على انه مصاب بالحالة الخضرية الدائمة وهي حالة طبية معروفة, وتختلف عن الغيبوبة كونها قد يوجد فيها اليقظة والنوم والاحساس والمشاعر والتعبير وفتح العينين والكلام غير المفهوم او الصراخ.
واليوم السبت 11 يناير أعلنت دولة الاحتلال الإسرائيلي وفاة رئيس وزراءها الحادي عشر آرئيل شارون عن عمر ٨٥ عاما.
قبل أيام كتب “جدعون ليفي” مقالا في صحيفة هآرتز الإسرائيلية ينتقد فيه شارون بشدة ويقول فيه “‘سيتذكر التاريخ شارون بأنه هو الذي صاغ توجه اسرائيل الأساسي منذ كانت، أعني مبدأ ‘بالقوة فقط’. ولم تُجرب الدولة قط لغة اخرى سوى لغة شارون، فالعرب لا يفهمون سوى القوة كما كان يقين مجدد اللغة، واستعمالها هي الطريقة الوحيدة للبقاء.
جدد شارون لغة عدد من أبطال الكتاب المقدس بالاحتلالات والحروب والابادات. كان اريئيل بن شموئيل (شارون) شخصية كأنها من الكتاب المقدس بقدر لا يقل عن يربعام بن يوآش أو النبي يوشع بن نون. كان ذلك منذ أيام الوحدة 101 غير البهيجة، مرورا بدورية ريمون القاسية الى حرب لبنان الاولى؛ ومن قبية مرورا بجباليا ثم الى بيروت، كان شارون وزير حروب اسرائيل. ويحسن تذكر ذلك مع كل التأبينات والمديح الآتي”
لم يكن هذا هو الرأي الوحيد الذي يثبت أن شارون يكرهه الكثير من الصهاينة كذلك، حيث اتهم وزير الاقتصاد الصهيوني “نقتالى بنت” شارون بأنه كان رجلا لا يعمل من أجل مصلحة “إسرائيل”. وذكرت صحيفة “هآرتس” الإسرائيلية أن بنت فال على صفحته الشخصية على الفيس بوك ” لن أسامح أبدا شارون لأنه قاد خطة فك الارتباط عن قطاع غزة، حيث أعلن عن انسحاب الجيش الصهيوني من قطاع غزة في عام 2005.”