الهدف من الأعمال الأدبية أو السينمائية هو التأثير في الناس، وإلهامهم، فأي كاتب يسعد عندما يرى كتبه تؤثر في الناس وتصنع أحداثًا على أرض الواقع، إلا أن هذا التأثير يكون غير مرغوب حين يؤدي لحدوث جرائم وأعمال عنف، قد تصل إلى حد القتل.
1- جامع الفراشات
رواية The Collector أو جامع الفراشات هي رواية من تأليف جون فاولز، ونشرت عام 1963 تتحدث عن جامع الفراشات فريدريك كليج، المصاب بمتلازمة أسبرجر وهي إحدى اضطرابات التوحد، استطاع كليج المصاب بالتوحد أن يكسب رهانًا على كرة القدم، مما سمح له بالعيش منعزلًا عن المجتمع، وعلى الرغم من ميله للعزلة فقد اختطف امرأة تدعى ميراندا كان مهووسًا بها لزمن طويل، واحتجزها في القبو واعدًا إياها ألا يؤذيها إن هي بقيت هناك.
في ثمانينيات القرن الماضي بولاية كاليفورنيا، قام القاتلان المتسلسلان تشارلز نِج وليوناردو لي بتسمية إحدى عملياتهم بـ “العملية ميراندا” حيث قاموا باختطاف وتعذيب إحدى عشرة امرأة حتى الموت، انتحر ليوناردو ليك، بينما تم محاكمة تشالز نِج وسجنه مدى الحياة بتهمة التعذيب والقتل، وأقر تشارلز أنهما استلهما فكرة خطف الفتيات من رواية جامع الفراشات.
كما عثرت الشرطة على نسخة من الرواية ضمن ممتلكات القاتل المتسلسل كريستوفر وايلدر الذي اتهم باختطاف واغتصاب وقتل العديد من الفتيات، وقد قتل وايلدر في أثناء محاولة القبض عليه.
2- البرتقالة الميكانيكية
رواية Clockwork Orange للكاتب البريطاني أنتوني برجس والتي قام المخرج العالمي المبدع ستانلي كوبريك بتحويلها إلى فيلم سينمائي يحمل الاسم ذاته، وتحكي الرواية عن مستقبل مظلم ديستوبي، بطلها الشاب الصغير ألكس وهو عضو عصابة تقوم بضرب المتشردين والتهجم على المنازل والقيام بعمليات السرقة والاغتصاب.
وعلى الرغم من أن الفيلم لا يمجد تلك الأعمال، أو يحاول تحسين صورتها، فإن الفيلم لا يخلو من بعض المشاهد التي تمثل تمرد ضد المجتمع السلطوي، بعد عرض الفيلم اتهمت الجرائد كوبريك بأنه مروج للعنف وحمّلته مسؤولية أحداث العنف التي اجتاحت لندن، فقد تم إبلاغ البوليس عن جرائم ضرب للمتشردين وعصابات تقوم بالاغتصاب، مما دفع الناس للقيام باحتجاجات ومسيرات تم على إثرها سحب الفيلم من سينمات بريطانيا.
3- عرض متواضع إلى هوارد هيوجوز
هي قصة قصيرة كتبها جو هولدمان الذي شارك في حرب فيتنام، ونشرت في مجلة الفانتازيا والخيال العلمي عام 1974 بعنوان To Howard Hughes: A Modest Proposal، ونشرهولدمان بعد ذلك في كتاب Study War No More وهو عبارة عن مجموعة قصص خيال علمي تتناول فكرة الحرب، وجمع فيها قصصًا متفرقة لعديد من كتاب الخيال العلمي مثل ايزاك أزيموف وباول أندرسن وغيرهم.
تتحدث القصة عن شخص يفرض نزع السلاح بالقوة على دول العالم باختراع قنبلة نووية، ولكي يجعل القصة أكثر واقعية وقابلية للتصديق كتب هولدمان تفاصيل دقيقة عن كيفية الحصول على اليورانيوم وصنع القنبلة النووية، بعد نشرها تلقى عمدة لوس أنجلوس خطاب ابتزاز من شخص غامض يهدد بتفجير قنبلة نووية في المدينة ما لم يحصل على مبلغ مليون دولار نقدي، وأرفق بالخطاب وصف دقيق لصنع القنبلة النووية مما جعل السلطات تتعامل مع التهديد بجدية وقامت بتسليم الأموال.
لاحقًا اكتشف مكتب التحقيقات الفيدرالي FBI عدم وجود قنبلة وألقوا القبض على صاحب خطاب الابتزاز الذي اتضح أنه فتى في الخامسة عشر من عمره معجب بقصة جو هولدمان.
4- الحارس في حقل الشوفان
هي أشهر أعمال الكاتب الأمريكي جي دي سلينجر وتتحدث عن رحلة في نيويورك من خلال أعين الفتى المراهق هولدن كولفيلد واكتشافه لزيف وسطحية أقرانه ومجتمعه، حققت الرواية ناجحًا ساحقًا واكتسبت شعبية كبيرة وخاصةً بين أوساط المراهقين، إلا أن العديد من النقاد هاجموا الرواية واتهموها بأنها تشجع على العنف والانحلال بل واتهمها بعضهم بأنها جزء من مؤامرة شيوعية شاملة، ولكن هذا أدى إلى نجاح القصة بشكل أكبر حيث زاد الإقبال عليها ورغبة الناس في قراءتها.
أشهر جريمة قتل حدثت متعلقة بالرواية هي حادثة قتل المغني والملحن الشهير جون لينون والذي كان عضوًا بفرقة البيتلز الشهيرة، حيث كان قاتله مارك ديفيد تشابمان هو شخص مختل عقليًا ومهووس بالرواية، حتى إنه رغب في تغيير اسمه إلى هولدن كولفيلد بطل الرواية، وقام باغتيال جون لينون بإطلاق أربعة أعيرة نارية على ظهره مما أدى لموته.
5- مذكرات تيرنر
هي رواية من تأليف ويليام لوثر بيريس مؤسس “الاتحاد الوطني” وهي مؤسسة عنصرية تمجد الرجل الأبيض، وقام بنشرها تحت الاسم المستعار أندرو ماكدونالد، وتتحدث الرواية عن شخص يسمى إيرل تيرنر يؤمن بتفوق العرق الأبيض ويقوم هو ورفاقه بعمل ثورة مسلحة للإطاحة بالنظام وتخليص المجتمع الأمريكي من أي شخص ليس أبيض، ومن ضمن أحداث الرواية يقوم بطل الرواية بتدمير مقر مكتب التحقيقات الفيدرالي FBI بتفجير شاحنة محملة بنترات الأمونيوم وزيت الوقود.
لاحقًا قام تيموثي ماكفي Timothy McVeigh بتفجير المكتب الفيدرالي بولاية أوكلاهوما بطريقة تشبه إلى حد كبير الطريقة الموصوفة في الرواية، وفي أثناء القبض عليه عثر على نسخة من الرواية بحوزته، وقد أدى التفجير إلى مقتل 168 شخصًا بما في ذلك حضانة مليئة بالأطفال.