ترجمة حفصة جودة
من السهل أن تفزع عندما تكتشف أن طفلك يكذب، ففي هذا العالم الذي تعد تربية الطفل فيه أمرًا شاقًا بما فيه الكفاية، يبدو القلق من انحراف طفلك أمرًا مخيفًا، على أية حال هناك العديد من الدراسات في مجال علم نفس الطفل، خاصة في موضوع الكذب، وكما اتضح فالأمر طبيعي تمامًا، فالأطفال عادة ما يبدأون في الكذب عند عمر عامين ونصف أو ثلاثة أعوام، يقول كانج لي أستاذ علم نفس تنموي بجامعة تورونتو ويدرس الكذب عنذ الأطفال منذ 20 عامًا: “هذا أمر طبيعي للغاية”.
عادة ما نقوم بالكذب لإخفاء خطأ ما، لكن الأمر بالنسبة للطفل أعمق من ذلك بكثير، فالكذب يتطلب ما يسمى بـ”الأداء التنفيذي”، وهذا يتطلب القدرة على التحكم في الذاكرة العاملة والتحكم في المثبطات وقدرات التخطيط، جميعهم في نفس الوقت، إنهم يتجاهلون الواقع ويقومون ببناء واقع آخر مختلف خاص بهم مع مفاهيم مختلفة تمامًا، يبدو هذا مدهشًا لطفل بعمر الثلاث سنوات.
في الواقع – مع أخذ كل الأمور في الاعتبار – يعد الكذب علامة تطور صحية، فالأطفال دائمًا ما يبحثون عن استراتيجيات جديدة وأشياء تساعدهم في البقاء على قيد الحياة والمضي قدمًا، وكنتيجة لذلك، فمن الطبيعي لديهم محاولة دفع حدودهم.
تشير بعض الدراسات إلى أن الأطفال يقومون بعرض مهاراتهم المعرفية الهامة ونقص المهارات المعرفية في الوقت نفسه، حيث إن عقولهم تتطور وتتفاعل مع العالم لمحاولة اكتشاف كيف يعمل كل شيء وما حدوده، لذا قبل أن تشعر بالفزع، تذكر أن العقل يتطور، لكنك بالطبع تحتاج لأن تقوم بتثبيط هذا الكذب، ومن الممكن أن تقوم بذلك، دون الحاجة للخوف بشأن مستقبلهم حتى الآن.
“عندما يكذب الأطفال، فهذه ليست علامة على أنهم في طريق الانحراف، لكنها علامة على تطوير مهارات نفسية هامة”.
الدراسة
في عام 1989 وعام 2002، تم إجراء اختبارات لمحاولة فهم كيف يكذب الأطفال، ومدى تكرار الأمر مع تقدم العمر، تم اختيار مجموعة من الأطفال وإدخالهم غرفة بها صندوق، طفل واحد في كل مرة، يتم إخبار الطفل أن الصندوق بداخله لعبة لكن غير مسموح له بالنظر داخله، ثم يتركون الطفل في الغرفة وحده دون أن يخبروه أن المرآة ذات اتجاه واحد، والغرض من الاختبار هو اكتشاف مدى صدق الطفل بشأن اختلاس نظرة.
بعد مغادرة الغرفة، يقوم المراقبون بالانتظار خمس دقائق ثم يعودون إلى الغرفة ويسألون الأطفال: هل نظرتم إلى اللعبة؟ في الحقيقة كانت النتائج مدهشة للغاية، كان هناك مجموعتين للأطفال إحداهما لأطفال بعمر 3 سنوات، والأخرى لأطفال تتراوح أعمارهم بين 4 و7 سنوات، حوالي 54% من الأطفال الذين نظروا داخل الصندوق، قاموا بالكذب وكأنهم يحاولون إخفاء هذا الذنب، بالنسبة لمجموعة الأطفال بين 4 و7 أعوام قام 75% من الأطفال بالكذب بشأن هذا الأمر.
الكذب جزء من النمو
هناك نظرية أخرى يظهرها الكذب وهي “نظرية العقل”، هذه النظرية تعترف أن الناس لديهم أفكار ومشاعر تختلف عنك، فطفلك ذو السبع سنوات يعلم أنه سرق آخر كعكة، لكنك لا تعلم، لذا فهو يحاول الكذب لإخفاء الأمر لأنه يعلم أنك لست متأكدًا بنسبة 100%، قد تكون محاولاتك ليستمع الأطفال إليك محبطة، لكن أحد الأسباب الكبيرة لإساءتهم التصرف هو صراعهم مع “السيطرة التثبيطية”، فهم بالأساس لا يقصدون إساءة التصرف، إنه يحدث فقط، وهذا بالطبع أحد مظاهر النمو العقلي.
كلما تقدمنا في العمر كلما فهمنا أكثر عن العالم وعن أنفسنا، هناك عامل آخر متعلق بكذب الأطفال، هذا العامل هو البيئة، فبعض الناس يقومون ببعض الأكاذيب الصغيرة في كل الأمور، وعندما يبدأ الأطفال بإدارك تلك الحقيقة، فهم يدركون أنها تحدث، وبالرغم من أن الكذب أمر خاطيء إلا أن الجميع يقومون به في كل مكان، وحينها يصبح هذا هو التفسير الواعي للعالم من حولهم.
لذا فبالطبع ينبغي أن تتحدث مع أطفالك عن الكذب، لكن لا تخشى من تدمير حياتهم، فهم مجرد أطفال وهذا الأمر جزء من نموهم.
تحدث مع أطفالك عن الصدق والأمانة، وتعامل مع كذبهم بشكل منفصل عن التجاوزات الأخرى، وتأكد من أنهم يفهمون معنى الأمانة، قد تصبح الأمور أكثر تعقيدًا، لكن عليك فقط أن تعلم أطفالك أن الكذب سلوك خاطئ، مع الأخذ في الاعتبار أنه سلوك طبيعي أيضًا.
المصدر: لايف هاك