“قوات الحشد ستدخل سوريا عقب تحرير كل الأراضي العراقية التي تحتلها داعش”، هذا ما صرح به الأمين العام لمنظمة بدر والقيادي في الحشد الشعبي هادي العامري خلال لقاء متلفز الأسبوع الماضي، والذي أكد أيضًا أن هيئة الحشد الشعبي تلقت طلبًا من الرئيس السوري بشار الأسد للقضاء على تنظيم داعش في الأراضي السورية، فهل ستدخل ميليشيا الحشد الشعبي الأراضي السورية بالفعل، أم إنها مجرد حرب نفسية تقودها الميليشيا على عدوها الأول تنظيم الدولة أو ما يعرف إعلاميا بـ”داعش”؟
سيطرة الحشد الشعبي على تلعفر مؤخرًا – شمال العراق – بدا وكأنه ربط بري بين إيران وسوريا، استعدادًا لما يتداول عن “معركة حلب الكبرى” لمواجهة قوات المعارضة السورية، بحيث تعتبر هذه الخطوة استكمالًا لما يسمى بـ”الهلال الشيعي”، بحسب خبراء عسكريين.
أزمة الحشد والحكومة العراقية
على الأرض، يبدو أنه بالفعل بدأ تدخل ميليشيا الحشد الشعبي في الأزمة السورية، حيث نقل موقع “أورينت” المحسوب على المعارضة السورية عن مصادره الخاصة، أن عددًا من أفراد الحشد الشعبي دخلوا إلى سوريا مؤخرًا، بهدف القتال إلى جانب قوات الأسد، وذلك بعد أن أجرت الحكومة العراقية تغييرات مفاجئة طالت قيادات في الحشد الشعبي، الأمر الذي دفع بعض زعمائها أيضًا للسفر إلى إيران.
وبحسب الموقع نفسه فقد كشفت مصادر سياسية وأخرى مقرّبة من مليشيات الحشد عن مغادرة قائد المليشيا والرجل الأقوى فيها أبو مهدي المهندس إلى طهران صباح الجمعة، بعد ساعات من إصدار رئيس الحكومة حيدر العبادي قرارًا بإقالته وتسمية ضابط متقاعد يُدعى محسن الكعبي بديلًا عنه.
ووفقًا للمصادر ذاتها، فإنّ التغييرات طالت شخصيات قيادية غير المهندس، من بينها أبو منتظر العوادي أحد قادة المليشيات، كما تم إصدار توجيه بمنع المليشيات من عمليات التصوير التي تتم في مناطق القتال، بعد جملة من الأفلام التي تظهر عمليات تنكيل بالمعتقلين وتمثيل بالجثث وحرق للممتلكات.
ويأتي قرار تغيير قيادات بارزة في الحشد، بعد يوم واحد من إصدار بيان رسمي عن الهيئة تضمن قرار تسريح 30% من عناصر المليشيات، عزاها البيان إلى الأزمة المالية ولخفض النفقات في الموازنة العامة للقوات المساندة للجيش العراقي.
وبحسب مصادر إعلامية، فإنّ عددًا من الذين تم تسريحهم سينتقلون إلى سوريا لدعم نظام بشار الأسد، حيث يبلغ عددهم الكلي نحو 27 ألف مسلّح بينهم من وافق على الاستمرار بالقتال دون راتب، وآخرين سيعودون لمنازلهم وبعضهم سينتقل إلى سوريا برعاية إيرانية.
وربطت المصادر بين زيارة وفد من مليشيات الحشد إلى دمشق الأحد الماضي، والوفد السوري في بغداد وما يجري من عملية إعادة هيكلة وتنظيم في صفوف تلك المليشيات، التي يبلغ قوامها الفعلي حاليًا 98 ألف مقاتل تقريبًا، يتوزعون بين 53 ميليشيا أبرزها العصائب وبدر وحزب الله وسرايا السلام والأبدال والنجباء.
دخول عسكري بصبغة رسمية
هذه الميليشيات نفسها، لم يكن دخولها لسوريا بالأمر الجديد أو الغريب، فهي عرفت منذ مدة طويلة بمقاتلتها إلى جانب النظام السوري، إلا أن هذه هي المرة الأولى التي تأخذ فيها تلك المشاركة صبغة “رسمية” بإعلان الحشد الشعبي التابع للحكومة العراقية، عن فكرة دخوله للأراضي السورية.
وتشير التقديرات – رغم غياب توفر إحصاء دقيق – أن عدد مقاتلي الميليشيات الشيعية العراقية التي تقاتل في سوريا منذ بدء الثورة يتراوح بين 15 – 20 ألف مقاتل، وهذا بالطبع إلى جانب الآلاف من المقاتلين الأفغان والإيرانيين واللبنانيين وغيرهم، بحسب دراسة أعدها الباحث أحمد أبازيد، مع “الشبكة السورية لحقوق الإنسان” منتصف 2014.
لكن هل توجد مخالفات دستورية أو قانونية لدخول الحشد إلى سوريا، وهل سيعني الكثير هذا الأمر مع هذه الميليشيا أو سيوقفها عن متابعة خطتها؟
الوضع القانوني للتدخل العسكري
الخبير وأستاذ القانون الدستوري في جامعة صلاح الدين الدكتور عبد الحكيم خسرو، قال لموقع “الجزيرة نت”: “إن دخول مليشيات الحشد إلى سوريا من دون أوامر من القائد العام للقوات المسلحة حيدر العبادي يعتبر مخالفة قانونية ودستورية، كون هيئة الحشد مرتبطة بالعبادي”.
وأضاف خسرو أنه في حال دخول الميليشيا إلى سوريا بأوامر من العبادي فهذا يعني أن العراق دخل نطاق الحرب الطائفية الدائرة في الشرق الأوسط، وبالتالي أصبح جزءًا من الاستقطاب الطائفي الإقليمي، ما يعكس حقيقة الحكومة العراقية الطائفية، وعدم إيمانها بالشراكة الوطنية مع شركاء الوطن، على حد تعبيره.
يذكر أن الحشد الشعبي عبارة عن منظومة أمنية كاملة ضمن المؤسسة الأمنية العراقية كما صرح بذلك رئيس وزراء العراق حيدر العبادي في آذار 2015، وله ميزانية خاصة تقدر بنحو 60 مليون دولار أمريكي من الميزانية العراقية المخصصة لسنة 2015.
وهو المدعوم ماديًا وعسكريًا من الحاضنة الإيرانية، حيث اشتمل الدعم الإيراني للحشد في مواجهة داعش على الأسلحة والخبرات العسكرية، كما بيّن ذلك نائب الرئيس العراقي السابق نوري كامل المالكي في قوله “الحشد الشعبي أوقف تقدم الإرهابيين ومنع انهيار الجيش وسقوط بغداد، ولولا الدعم الإيراني لكان الوضع في العراق صعبًا جدًا”.
ويعتبر الدعم الإيرانيّ لميليشيا الحشد جديًا وسريعًا، حيث نقلت مصادر إعلامية متعددة أن إيران كانت تدعم الحشد من بعض القطاعات العسكرية الإيرانية ومن مخازنها بشكل مباشر وفعال.