أزمة صحيفة الشرق الأوسط مع العراق تفتح ملف “جهاد النكاح” مرة أخرى

201652383435498

أثار تقرير نشرته صحيفة “الشرق الأوسط” السعودية، أمس الأحد، غضبًا واسعًا في أوساط برلمانية وسياسية ورسمية عراقية، حيث نسبت الصحيفة إلى مسؤول في منظمة الصحة العالمية تصريح بشأن حدوث العشرات من حالات “الحمل غير الشرعي” في مدينة كربلاء جنوب العراق، تلك المدينة التي تعتبر مقدسة لدى الشيعة، وذلك إثر زيارات دينية العام الماضي.

جاءت هذه الأزمة بعدما نشرت الصحيفة التي تصدر من لندن، تقريرًا بعنوان “تحذير أممي من حدوث حالات حمل غير شرعي في كربلاء”.

ونقلت الصحيفة عن المتحدث باسم منظمة الصحة العالمية غريغوري هارتل، قوله: “المناسبات الدينية التي تقام في جنوب العراق تشهد في الغالب اختلاطًا غير منتظم بالوفود القادمة من الخارج، خصوصًا من جمهورية إيران المجاورة له، ويصعب على القوات الأمنية السيطرة على الوضع بسبب كثرة أعداد المشاركين”.

وأضاف هارتل بحسب التصريحات التي نقلتها الصحيفة أنه بعد “زيارة الأربعين العام الماضي حصلت فيها حالات حمل غير شرعي لأكثر من 169 امرأة عراقية”.

المنظمة تنفي

عقب انتشار تقرير الصحيفة ورود الأفعال العراقية الواسعة عليه نفت المنظمة صحة التصريح المنسوب لها، وأدانت في بيان لها ما نشرته صحيفة الشرق الأوسط قائلة: “بأشد عبارات الإدانة ندين إقحام اسم المنظمة في تقرير مفبرك لا يمت لمبادئها بصلة”، مشيرة إلى أنها تتحرى حاليًا عن مصدر الخبر الخاطئ، مرجحة لجوئها إلى “مقاضاة ناشريه”.

ثورة في بغداد بعد التقرير

طالبت الأوساط البرلمانية والسياسية العراقية حكومة بلادها بمقاضاة الصحيفة السعودية، وإغلاق مكاتبها في البلاد، فيما طالبت بغداد الصحيفة بتقديم اعتذار عن التقرير الذي اعتبرته “مسيئًا” لمواطنيها.

توالت بيانات رجال الدين والسياسيين الشيعة المنددة بالتقرير، والتي تطالب الحكومة بمقاضاة الصحيفة، وإغلاق مكاتبها في العراق.

إذ قال رجل الدين الشيعي النافذ وزعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر، إن تقرير الصحيفة “تعدٍ قذر”، مهددًا بغلق مكتب الصحيفة لدى بغداد بطرق “معهودة” في حال لم تقدم اعتذارًا للعراقيين، كما طالب الصدر الحكومة العراقية باتخاذ موقف حازم إزاء ذلك.

بدوره، طالب نائب رئيس البرلمان همام حمودي، بـ”رفع دعوى قضائية حكومية، أممية متمثلة بمنظمة الصحة العالمية، ضد الصحيفة لتطاولها السيء بنشر خبر كاذب”.

حمودي (الذي ينتمي للمجلس الأعلى الإسلامي الشيعي بزعامة عمار الحكيم) دعا لـ “إيقاف عمل الصحيفة داخل العراق ومقاطعتها بجميع الوسائل الممكنة سيما الشراء ونشر الإعلانات فيها”.

ودعا مكتب رئيس الوزراء العراقي العبادي الصحيفة والجهة المالكة لها إلى تقديم اعتذار للشعب العراقي على التقرير السيء الملفق الذي كذبته منظمة الصحة العالمية، وأضاف: “في الوقت الذي ندعو إلى الابتعاد عن نشر الأخبار المضللة والتحريضية، فإن بلادنا تحتفظ بحقها في مقاضاة الصحيفة المذكورة وفق الأصول والقوانين المعمول بها”.

رد فعل الصحيفة

بعد هذه الضجة أعادت الصحيفة نشر رد منظمة الصحة العالمية على موقعها، وقالت إنها ومن خلال التزامها بالمبادئ المهنية والمصداقية التي تلزم بها صحيفة العرب الدولية “الشرق الأوسط” فإنها تنشر هذا النفي لتصحيح المعلومات المغلوطة التي تضمنها، وأفادت الصحيفة: “تم إيقاف التعامل مع محرر الصحيفة في بغداد الذي تسبب بنشر التقرير”.

أزمة تفتح ملف الشائعات الإعلامية من هذا النوع

لا تعتبر هذه الشائعات من هذا النوع جديدة على العراق، حيث ظهرت في منتصف العام 2014 بعد سيطرة تنظيم الدولة الإسلامية “داعش” على مدن عراقية عدة، حيث اتهمت وسائل إعلام تابعة للنظام السوري النساء في المدن الواقعة تحت سيطرة “داعش” بممارسة ما أسموه “جهاد النكاح”.

وذلك بعدما أخذت منابر الإعلام السوري في ترويج هذه الشائعة بوسائل مختلفة، ثم ظهرت عقب ذلك في الإعلام المصري في أثناء انقلاب الثالث من يوليو واعتصام الإسلاميين الرافض لعزل الرئيس المنتخب، وكذلك استخدمته أجهزة الأمن التونسية وروجت له، إلا أن أحدًا من هؤلاء لم يستطع إثبات هذا المصطلح وما يعنيه، وإنما كان في إطار حروب إعلامية.

المثير في الأمر فيما يخص الشأن العراقي، أن هذه التهمة لم تلق كل هذا الاستنكار في وقتها، وأخذت ردود الأفعال في حالة “صحيفة الشرق الأوسط” جانبًا طائفيًا بما أن التهمة هذه المرة في الجانب العراقي الشيعي، حيث ثارت الأوساط الشيعية مستهجنة تقرير الصحيفة السعودية، حيث اعتقدوا أنها نشرت هذا التقرير في إطار الحرب الإعلامية على إثر الخلاف بين بغداد والرياض، بينما صمتت نفس هذه الأوساط إبان شائعات “جهاد النكاح” المماثلة بل وساهم البعض في ترويجها.