لم يخيِّب الرئيس الأمريكي المنتخَب، دونالد ترامب، التحليلات التي سبق وأن قدمناها في صدد توصيف شخصية بدقة، بحيث خرجنا عن نطاق النظرة التقليدية التي شاعت عنه في أوساط غالبية الإعلام العربي والعالمي، كـ”أحمق” “مندفع” “غير كفؤ سياسيًّا”.
ولقد وقع الكثير من المحللين العرب المرموقين – لشديد الأسف – في ذات فخ التنميط، والاستناد إلى الشائع من القول، في تقييم ترامب، مع تأثير واضح لنواحٍ قيمية تتعلق بالموقف من ترامب ذاته، على حساب الموضوعية المطلوبة.
فمنذ أن أُعلن عن فوزه؛ وهو يحقق الكثير من النقاط التي تثبت صدقيَّة ما ذهبنا إليه في الكثير من المواضع السابقة، بشأن أن كل المؤشرات والظواهر التي دفعت المحللين إلى وصف ترامب بهذه السمات؛ إنما كانت فقط لاعتبارات الدعاية الانتخابية؛ حيث كان ينبغي لرجل نصف معروف في المجال السياسي، أن يفجِّر من حوله ألف قنبلة وقنبلة، إعلاميًّا وسياسيًّا؛ حتى يكون له حضورٌ لدى جمهور ناخبيه، وجمهور حزبه، والأهم، الجمهور الأمريكي العام.
وبتحليل الأسلوب الذي أدار به فريق ترامب حملته الانتخابية، وحتى خلال يوم الاقتراع ذاته؛ سوف نجد أنه قد ركز على مستويَيْن من القواعد الانتخابية، التي أهلته للفوز، على المستوى الرأسي، ركز على الشريحة الأقل تعليمًا، وعلى المستوى الأفقي، على الولايات المترددة التي كان من الواضح أنها تميل إلى كفَّة كلينتون؛ بحيث كانت مقاعدها إضافة له، وحسمًا من حصة كلينتون!
وهذا التفكير في حد ذاته، يقول إن الرجل قد يكون شريرًا وعنصريًّا وكريهًا، ولكنه ليس بالأحمق إطلاقًا.
ويمكن ملاحظة ذلك في الطريقة التي تعامل بها مع المظاهرات التي خرجت ضده في أكثر من ولاية أمريكية؛ حيث تعامل معها إعلاميًّا بمنتهى الهدوء، وبحسِّ “رئيس دولة” وليس بحسِّ “مرشح انتخابي”، مع إدراك كامل أنها ظاهرة سوف تمر سريعًا، وهو ما تم بالفعل.
ولكن ليست هذه هي العلامة المهمة في سياساته الأخيرة التي توضح أنه “يفهم في السياسة” أو على الأقل محاط بعدد من المستشارين القادرين على إدارة عملية تسلُّم السلطة، وإدارة عملية اختياراته لفريقه الرئاسي، ممن لديهم خبرة كبيرة في هذا الأمر.
وليس أدل على ذلك، من ارتفاع شعبيته، وفقًا لاستطلاع أجرته مجلة “بوليتيكو” بالتعاون مع شركة “مورنينج كونسلت”.
وجاء اختيارنا هذا الاستطلاع، الذي أشار إلى أن 46 بالمائة من المشاركين لديهم نظرة إيجابية تجاه ترامب، بينما ينظر إليه 12 بالمائة بشكل سلبي، و34 بالمائة بشكل سلبي جدًّا؛ إلى أن ذات المجلة، كانت قد أجرت استطلاعًا سابقًا عن شعبية ترامب، وبالمقارنة معه؛ فإن الاستطلاع الجديد أظهر صعود شعبيته بنحو تسع نقاط مقارنة بالاستبيان السابق للمجلة، والذي أجرته قبل الانتخابات.
ولكن، وقبل النظر إلى الطريقة التي يدير بها ترامب عملية تشكيل فريقه الرئاسي؛ تجب الإشارة إلى حادثة مهمة جرت قبل أيام، وهي تصويت الكونجرس الجمهوري في غالبية مجلسَيْه؛ النواب والشيوخ، لصالح قرار باستمرار العقوبات على إيران لعشر سنوات قادمة.
هذه الخطوة جاءت دعمًا لبرنامج ترامب في هذه النقطة؛ حيث حوى برنامجه الكثير من الأمور فيما يتعلق بإيران، فهو أولاً يرى أن لإيران دورًا كبيرًا في حالة الفوضى وعدم الاستقرار في الشرق الأوسط، والتي ساهمت في خلق الهاجس الأكبر لترامب، وهو التنظيمات والجماعات السلفية الجهادية، المصنَّفة إرهابية في الميزان الأمريكي، وعلى رأسها تنظيم الدولة “داعش”.
وبالتالي – ثانيًا – فإن من بين أهم أركان استراتيجية ترامب لمحاصرة هذه التنظيمات، هو إعادة إيران إلى ما وراء حدودها، وذلك من خلال ممارسة ضغوط سياسية عليها من خلال الروس، واقتصادية من خلال العقوبات، بحيث لا تستطيع إيران الاستمرار في تمويل أنشطتها الطموحة في الإقليم.
وكان هذا هو أول دعم يلقاه ترامب من حزبه، حتى من قبل أن يتولى الرئاسة رسميًّا، وبجانب دلالة ذلك؛ فإن هناك دلالة أخرى لا تقل أهمية عن ذلك، وهي أن هناك تصيم من جانب ترامب على تنفيذ كامل برنامجه، بما في ذلك ما يتعلق بالمهاجرين والمسلمين، و– كذلك – الإخوان المسلمين، كما سوف نرى.
كما من الأهمية بمكان هنا أن نشر إلى أنه من أوائل قادة العالم الذين اتصل بهم ترامب بعد فوزه، كان الرئيس الفرنسي، فرانسوا هولاند، الذي أعلن عن “قلقه” صراحةً من فوز ترامب، عقب الإعلان عنه بساعات.
ووفق ما ذكره موقع ترامب؛ فإن الرجلَيْن قد “اتفقا على العمل معًا”، واتفقا على توضيح المواقف من مجموعة من القضايا المهمة، وبعضها خلافي بينهما، مثل مكافحة الإرهاب، وأوكرانيا، والأوضاع في سوريا والعراق، بالإضافة إلى معاهدة “باريس” حول الانبعاثات الكربونية والتغير المناخي.
وهو ما يعكس رؤية لدى ترامب، وليس كما يُشاع من أنه يعمل من دون رؤية أو خبرة.
فريق ترامب الرئاسي
وفق بيان نشرته “رويترز”، عن ترامب، فإن ملامح فريقه الرئاسي قد بدأت تتشكل على النحو التالي؛ أولاً سوف يقود نائبه، مايكل بنس، الفريق المشرف على انتقال السلطة خلفًا لحاكم ولاية نيوجيرسي كريس كريستي، الذي سيبقى بدوره في الفريق، كنائب لبنس في هذا المضمار، بجانب نواب آخرين، وهم مستشار ترامب السياسي، بن كارسون، ورئيس مجلس النواب السابق، نيوت جينجريتش.
يضاف إلى هؤلاء النواب لبنس في فريق انتقال السلطة، الجنرال المتقاعد مايكل فلين، المرشح لمنصب مستشار ترامب للأمن القومي، والمقرب من روسيا، وهي لفتة أخرى تؤكد إصرار ترامب على تنفيذ برنامجه الرئاسي وكان من بينه تحقيق تقارب مع روسيا وتحسين العلاقات مع الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين.
بالإضافة إلى هؤلاء، عين ترامب رئيس بلدية نيويورك السابق رودي جولياني، والسيناتور جيف سيشنز، نوابًا لبنس في إدارة عملية انتقال السلطة.
أما أعضاء الفريق؛ فمن بينهم رئيس اللجنة الوطنية للحزب الجمهوري، رينس بريبوس، ومستشاره ستيفن بانون، وثلاثة من أبناء ترامب، وهم: إيفانكا ترامب، وإريك ترامب، ودونالد ترامب جونيور، بالإضافة إلى زوج ابنته، جاريد كوشنر.
كما يضم الفريق كذلك، الملياردير بيتر ثيل، وريبيكا ميرسر، والأخيرة مِن أبرز ممولي الحزب الجمهوري، وبام بوندي، ممثلة الادعاء العام في فلوريدا، بالإضافة إلى عدد من النواب الأمريكيين.
الملمح الآخر في هذا الاتجاه، هو ما كشفت عنه صحيفة الواشنطن تايمز، وهي من أكثر الصحف يمينيةً في الولايات المتحدة، في صدد أن فريق ترامب الذي يعمل على تشكيل أركان إدارته الجديدة، يعتمد أكثر ما يعتمد على فريق باول رايان، رئيس مجلس النواب الأمريكي، ولاسيما فيما يتعلق بوضع خطة تشريعية لأول 100 يوم لترامب في البيت الأبيض.
أهمية هذه النقطة، في أن رايان كان من بين المعارضين لترشح ترامب، ولم يكن على وفاق معه خلال الحملة الانتخابية.
الصحيفة الأمريكية ذكرت أن كلا الفريقَيْن، فريق رايان وفريق ترامب يعملان على الآتي:
– ربط حزمة الإصلاح الضريبي وبرنامج ترامب لإعادة تأهيل البنية التحتية في الولايات المتحدة، في مشروع قانون واحد.
– رفع سقف الديون السيادية على الولايات المتحدة، من أجل منح الجمهوريين المبرر لمجال أوسع فيما يتعلق بالضرائب والإنفاق العام، على مدى السنوات الأربع المقبلة.
– إلغاء برنامج الرعاية الصحية الشامل الذي يحمل اسم الرئيس الأمريكي المنتهية ولايته، باراك أوباما، “أوباما كير”، بحلول مطلع العام 2018م، بالشكل الذي يتيح للجمهوريين الفرصة لتشريع قانون جديد في مجال الرعاية الصحية.
وهي نقطة مهمة – أيضًا – تضاف لما سبق الإشارة إليه في شأن إصرار ترامب على تنفيذ برنامجه الانتخابي بالكامل، حتى في الأمور والقضايا ذات الحساسية، مثل الرعاية الصحية والضرائب.
الإجراء المصاحب لكل هذه التطورات على المستوى الداخلي في الحزب الجمهوري، وأبرز بالفعل أن هناك مُخطِّط استراتيجي جيد داخل فريق ترامب الرئاسي المشرف على تشكيل إدارته الجديدة، هو اختياره “المبدئي” لميت رومني، المرشح الجمهوري في انتخابات الرئاسة الأمريكية للعام 2012م، لمنصب وزير الخارجية في إدارة ترامب.
لقاء ترامب ورومني بادرة مهمة لمحاولات الأول لاحتواء معارضيه الجمهوريين لنيل دعم حزبه في الكونجرس بمجلسَيْه
وبقطع النظر على مسألة قبول رومني، الذي سبق وأن وصف ترامب صراحةً بالعنصرية والكذب، وبأنه “لا يتمتع بالحساسية أو البصيرة ليكون رئيسًا”؛ لهذا العرض الذي لم يتأكد بعد، من عدمه؛ إلا أنه تبقى أهم دلالة للاجتماع الذي جمع بين الرجلَيْن يوم السبت الماضي، والذي شمل كل شيء وبمنتهى الصراحة، وفق رومني، أنه يعبر عن إيجابية تعاطي ترامب مع الانقسامات التي ضربت بأطنابها داخل حزبه، بعد ترشُّحه رسميًّا عن الحزب، لانتخابات الرئاسة، و”ذكاء ملعبي” حقيقي، من أجل أن يضمن تأييد الجمهوريين لقراراته في الكونجرس بمجلسَيْه في العامَيْن الأوَّلَيْن لإدارته [يجري تجديدٌ نصفي لمجلس النواب بعد عامَيْن من الآن].
برنامج ترامب واختياراته
في هذا الصدد، نؤكد أولاً على بعض النقاط التي أشرنا إليها في المواضع السابقة من هذا الحديث في صدد برنامج ترامب، ووضوح إصراره على المضي فيه قُدُمًا، وأن التنوير الذي سيُقدم له في هذه المرحلة قبل توليه الرئاسة رسميًّا في العشرين من يناير 2017م، لن يحدَّ من نواياه إلا في الإطار الجزئي.
وفي هذا؛ فإن ما يُقال عن أن الجنرالات وفريق الأمن القومي في مراكز التفكير ووكالات الاستخبارات سوف يعطون ترامب تنويهات تعطل مساعيه في شؤون السياسة الخارجية على وجه الخصوص؛ إنما هو محض قياس خاطئ؛ لأن هؤلاء الموجودين في مناصبهم الآن، هم من عطلوا خطط أوباما، التي كانت على عكس برنامج ترامب على طول الخط، بمن فيهم رئيس الأركان الحالي، جوزيف دانفورد، الذي رفض رؤى أوباما وهيلاري كلينتون، لفرض منطقة حظر طيران فوق سوريا، أو قصف أهداف تابعة للجيش النظامي السوري.
هذا على سبيل المثال، كما أن هؤلاء الجنرالات وكبار رجال الأمن القومي في الولايات المتحدة، هم من رفضوا خطط أوباما للخروج من أفغانستان والعراق، وإغلاق معتقل جوانتنامو.
بل إن مرشح ترامب لمنصب مستشاره لشؤون الأمن القومي، عارض سياسات أوباما في مجال مكافحة الإرهاب، وانتقد عدم الاستجابة للرؤى الروسية في الحرب السورية، في صدد التعامل مع التنظيمات والفصائل السورية المسلحة كلها، بنفس الطريقة التي يتم بها التعامل مع “داعش”،
فعندما كان الجنرال مايكل فلين في منصب رئيس الاستخبارات العسكرية، في الفترة بين العام 2012م والعام 2014م، وقع خلاف كبير بينه وبين فريق إدارة أوباما، حول تسوية الحرب في سوريا، واتهم فريق أوباما صراحةً، بأنه ساعد على ظهور وتقدم “جبهة النصرة” أو “جبهة فتح الشام حاليًا”، وتنظيم “داعش” في سوريا.
وقال لقناة “الجزيرة” إن نهوض “النصرة” و”داعش” “لم يكن مصادفة أو خطأ غير مقصود، بل جاء نتيجة تخطيط مدروس من قبل فريق أوباما”، واتهم إدارة أوباما بأنها تجاهلت ما جاء في تحليلات الاستخبارات العسكرية، وقت قيادته لها، بشأن قضية الإرهاب والتنظيمات الإرهابية في سوريا.
ولم يلبث أن استقال بعد تصاعد حدة الخلافات بينه وبين أوباما وفريقه.
النقطة الثانية المهمة في هذا الاتجاه، هو أن جميع الأسماء التي جرى ترشيحها لتولي مناصب سياسية أو أمنية أو عسكرية في إدارة ترامب المرتقبة، هي معارضة، بل ومعادية لإيران، وهو ما يعني أن ترامب مصرٌّ على تصنيفه السلبي لإيران، وكذلك على استراتيجيته إزاءها.
في ذات الاتجاه، ذكرت مصادر إعلامية، أن اقتراح حظر دخول المسلمين إلى الأراضي الأمريكية، قد عاد إلى الظهور على الموقع الإلكتروني لترامب، بعد أن أُزيل عنه لفترة، وقال فريق حملة ترامب، إن نص الاقتراح الذي نشر في ديسمبر الماضي، عقب اعتداء سان برناردينو في كاليفورنيا، الذي راح ضحيته 50 شخصًا، اختفى من الموقع “بسبب خلل فني” وليس لباعث سياسي يتعلق بتراجع ترامب عما طرحه في برنامجه في هذا الصدد.
الإخوان في تصورات فريق ترامب وسياساته المرتقبة
وهو ما يقود إلى نقطة شديدة الأهمية، تخص الإخوان المسلمين والإسلام السياسي بشكل عام.
ونرتب الحديث في نقاط لأجل الفهم.
اتفقنا فيما مضى من خلال وقائع محددة، وأدلة ظرفية، على أن ترامب مصرٌّ وجادٌّ في تنفيذ برنامجه الرئاسي بشقَّيْه؛ الداخلي والخارجي، وفي المجالات كافة، السياسية والأمنية والاجتماعية.
ثم ذكرنا تصريحات مهمة لمرشحه لمنصب مستشار الأمن القومي – وهو منصب لا يحتاج ترامب فيه لموافقة الكونجرس الأمريكي عليه – الجنرال مايكل فلين، حول سياسات إدارة أوباما، وكيف قادت – بشكل وصفه بالعمدي – إلى تشكل تحالف الإرهاب العالمي الحالي.
تصريحات فلين حول دور إدارة أوباما في خلق “النصرة” و”داعش” واختياره في فريق ترامب يشير للكثير حول سياسات الأخير تجاه الإسلام السياسي
هنا سوف نجد أن ترامب في مختلف تصريحاته ومواقفه، ومواقف مستشاريه، وعلى رأسهم وليد فارس ذوي الأصول السورية، والذي لا يخفي دعمه لموقف الرئيس السوري بشار الأسد؛ يربط بين الإخوان المسلمين، وملف الإرهاب الدولي.
وأول خطوة في هذا الصدد، وأكدها فارس بشكل رسمي، أن ترامب سيعمل على تمرير مشروع اعتبار جماعة “الإخوان المسلمون”، جماعةً إرهابية، والذي سبق وأن طرحه منافس ترامب في نيل ترشيح الحزب الجمهوري لانتخابات الرئاسة، تيد كروز، ونال موافقة اللجنة القضائية في مجلس النواب الأمريكي، في مطلع العام الحاري.
وهي خطوة ذكية من ترامب، فكروز رفض دعم ترامب بعد نيل الأخير ترشيح الحزب الجمهوري لانتخابات الرئاسة، وهو ما يعني أن ترامب يسعى كذلك إلى رأب الصدع داخل الحزب، مثلما فعل مع ميت رومني.
ويقول فارس أيضًا، إن ترامب يرى أن الإخوان المسلمين “من أخطر الجماعات التي تغذي الفكر المتطرف، لذلك، فهو يريد توجيه ضربة عسكرية للتنظيم الإخواني وليس احتواؤه سياسيًّا، مثلما فعل أوباما وهيلاري كلينتون”.
هذه الإشارات مع تأكيد فارس على أن المقصود بمنع دخول المسلمين إلى الولايات المتحدة؛ فإن
والمؤسف في الأمر ليس هو موقف ترامب وفريقه، وإنما التصورات الساذجة التي طرحتها بعض قيادات الجماعة في الخارج، مثل الدكتور إبراهيم منير، والدكتور عبد الموجود الدرديري، حول هذا الأمر، والتي تنحصر في أن ترامب “لن يستطيع” تمرير القانون وحده، بينما الكونجرس بمجلسَيْه يدعمه، وأن الإخوان “لا يخشون مثل هكذا قرار”.
وهي بطبيعة الحال، رؤى تأتي في سياق استراتيجيات الفشل المعروفة في السنوات الأخيرة، فعلى أبسط تقدير؛ حتى لو لم يتم تمرير هذا القانون في الكونجرس والبيت الأبيض؛ فإن موقف ترامب وأركان إدارته المبدئي، من موضوع الإرهاب، والإسلام السياسي وجماعاته؛ سوف يؤدي إلى تضييق كبير على الجماعة، وعلى هامش المناورة الذي كانت تتمتع به في عهد أوباما، والذي كان يضم بعض الإخوان في فريقه الرئاسي، مثل فريقه لحوار الأديان، واستقبل رموز التنظيم الدولي في البيت الأبيض، وسمح لقيادات في المعارضة المصرية في الخارج، بزيارة وزارة الخارجية الأمريكية لطرح قضيتها.
كان المجال الجيوسياسي الأنجلو ساكسوني، من أهم المجالات الحيوية التي قدمت رعاية لمصالح الإخوان وحركتهم، وضمنت لهم وجودًا مريحًا في الغرب، في ظل هجمة منظمة على الإسلام السياسي، بعد الهجمات الإرهابية الأخيرة التي طالت فرنسا وألمانيا وبلجيكا، ودولاً أخرى في غرب ووسط أوروبا، وتطورات الأوضاع في الشرق الأوسط.
ومن هنا، تبدو الأمور غير جيدة بالنسبة للإخوان، ولكن ردود فعل ذوي الأمر والشأن في هذا الصدد في الجماعة، لا تقول بوجود رؤية حاكمة للتعامل مع الموقف، وبالتالي؛ سيقود ذلكم الوضع الإخوان، إلى المزيد من الانكماش والحصار.
كان ما سبق بعض أهم ملامح التطورات الجارية في واشنطن، وكيف سوف تمس فضاءنا العربي والإسلامي، ولئن كان هناك لها دلالة؛ فهي تبقى سوء التقدير، الذي بات عنوانًا للمحللين والساسة العرب الموجودين على خط المعارضة، بينما اتضح أن الأنظمة أدرى، وتعرف ما تريد بالضبط!