“إن يمنعوا عني جمالك أن يرى.. لن يحجبوا عني خيالك في الكرى.. يا من ببهجته تحيرت الورى.. زدني بفرط الحب فيك تحيرا.. وارحم حشا بفرط هواك تسعرا”، كلمات تقهر القلوب مهما كانت صماء وتدخلها لتسكنها وتبث فيها روح المحبة وتزيدها الألحان بهجة وروعة.
من الزاوية “الصديقية الدرقاوية” بمدينة طنجة المغربية – أقصى شمال غرب القارة الإفريقية – خرج المبدعون إلى العالم، بعد أن عقد أحمد الخليع العزم على تأسيس فرقة يرفع بها مذهب الصوفية عاليًا، كما أراد شيوخه دائمًا، أسماها “ابن عربي” تيمنًا بالشيخ محيي الدين بن عربي، أستاذه الأكبر.
فرقة تأسست سنة 1988 بمدينة طنجة المغربية، متخصصة فى الغناء الصوفي والموسيقى الصوفية الآلية، تتغنى بالإرث الصوفي لحنًا وإنشادًا، وتحاول الربط بين التعابير الموسيقية المختلفة التي يزخر بها تاريخ الإنشاد الصوفي، حسب منشد الفرقة عبد الله المنصور.
ويضيف المنصور لنون بوست “تحاول الفرقة الجمع بين مفهوم المقام الروحي والمقام النغمي الموسيقي في أدائها، فهي تحاول الجمع بين المقام الروحي العرفاني الموجود في أشعار كبار أصحاب أهل الله تعالى على أمثال الشيخ الأكبر الذي تحمل الفرقة اسمه وسيدي عمر بن الفارض وابن الفارض الصغير الذي كان يقال عليه سيدي محمد الحراق دفين تطوان بشمال المغرب، والمقام النغمي الموسيقي في أدائها المتمثل في الألحان المستخرجة من الزوايا عمومًا ومن زوايا عماد المغربي خصوصًا”، ويلقب عبد الله المنصور بأمير الإحساس الصوفي، لجمال أدائه وعذوبة صوته، ويعرف عنه إتقانه الكبير للعزف والإنشاد على حدّ سواء.
يعتبر محيي الدين بن عربي من كبار المتصوفة والفلاسفة المسلمين، ويلقبه أتباعه بالشيخ الأكبر وينسب إليه الطريقة الأكبرية الصوفية
وتقول فرقة “ابن عربي” في تعريف مختصر لها “إنها خرجت لتنشر فكر إمام التصوف وشيخه الأكبر محيي الدين بن عربي، محاولة نقل ملامح التصوف في الأندلس من خلال إحياء الموسيقى الصوفية الأصيلة التي كانت معروفة هناك، من خلال استخدام أشعار كبار المتصوفين الأندلسيين والمغاربة والمشارقة”.
ويعتبر محيي الدين بن عربي من كبار المتصوفة والفلاسفة المسلمين، يلقبه أتباعه بالشيخ الأكبر وينسب إليه الطريقة الأكبرية الصوفية، وله نتاج فكري فلسفي كبير ضم مئات القصائد والعديد من الكتب والنظريات.
الإعلامية مريم السكوحي إحدى المتيمات بهذا الفن تقول لنون بوست: “أحبّ السّماع الصوفي لما يلعبه من دور تربوي وروحاني”، وتضيف مريم “السماع كنوع من التعبيرات الفنية يساهم في ترسيخ الثقافة الإسلامية وتقريبها أكثر للشاب العربي بكل ما تحمله من ثراء معرفي وقيمي”.
في سماع فرقة بن عربي، إحساس بطهارة القلب وصفاء السريرة فهي تنشد في معاني الوجود وحلاوة التوحيد والتعلق بمحبة الله ورسوله
وتتميز فرقة بن عربي، حسب السكوحي بحسن اختيارها للكلمات “إذ تنتقي أجمل ما نظّم من شعر لكبار الصوفية والعارفين بالله وأذكر منهم الشيخ الأكبر وسلطان العاشقين بن الفارض والمحبة رابعة العدوية والسهروردي هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى ما نراه من نضج واضح في التوزيع الموسيقي وكذلك الصوت العذب والنقي لمنشد الفرقة كل هذا جعل من فرقة ابن عربي اليوم مواكبة للعصر مما جعل عدد متابعيها ومحبيها يتضاعف يومًا بعد يوم”.
وفي سماع فرقة ابن عربي، إحساس بطهارة القلب وصفاء السريرة فهي تنشد في معاني الوجود وحلاوة التوحيد والتعلق بمحبة الله ورسوله، حسب مريم.
ففي كل حفل تحييه فرقة ابن عربي، يخيم الهدوء على المسرح ويعلق الحضور سمعهم و أبصارهم نحو العازفين
تتكون فرقة ابن عربي من عازف الدفّ ومنشد الفرقة صاحب الصوت المُعبر عما وراء اللّحن والإيقاع عبد الله المنصور، مايسترو الفرقة ومؤسسها أحمد الخليع الحاصل على الدكتوراة في التصوف والموسيقى الروحية من جامعة السوربون الفرنسية، عازف العود هارون تبول، عازف الناي عبد الواحد الصنهاجي،الإيراني كيفان شميراني، أسامة الخليع، ويجمع بينهم انسجام كبير مكّنهم من كسب قلوب الجماهير بكلماتهم العذبة التي تتغنى بالمحبة.
“قانون وكمان ودف ورق وناي وعود”، آلات تسحر القلوب وتأخذ العقول إلى العالم المنشود، حيث المحبة والسلام، ففي كل حفل تحييه فرقة ابن عربي، يخيم الهدوء على المسرح ويعلق الحضور سمعهم وأبصارهم نحو العازفين، حفلات عدة في أماكن مختلفة، أحيتها الفرقة وفيها سعت، حسب منشديها، إلى نشر رسالة المحبة التي على أساسها وجد الكون، مستعينة بباقة لأرقى الأناشيد والأغاني الصوفية المستوحاة من أشعار عدد من شيوخ التصوف، سواء من الأندلس أو المغرب أو المشرق مما يجعلها تصل سريعًا إلى القلوب وتنفذ إلى الجوارح.
منذ تأسيسها سنة 1988، ما فتئت الفرقة تبدع وتتغنى بالمحبة، ففي كل مرة تخرج على جماهيرها بكلمات قديمة جديدة رائعة وألحان زادتها روعة على روعة تسحر بها القلوب وتشدّ إليها العقول.