عادت لندن مجدداً للحديث عن الأزمة اليمنية, بعد فشل أي اتفاق إلى اللحظة, وعدم تحقيق أي تقدم بشأن اقتراح وزير الخارجية الأمريكي جون كيري الأخير, والذي كشفت تقارير أنه عبارة عن تفاهمات للجنة الرباعية من أجل حل الأزمة اليمنية, ولبريطانيا دور كبير فيها.
وهو الأمر الذي فسر بأنه تدارك لمبادرة كيري, التي أعلنت عنها الحكومة اليمنية, بأنها لا تعلم عنها شيئاً, وتنص على وقف إطلاق النار, وهو ما أعلنه التحالف في هدنة 48 ساعة انتهت ظهر اليوم, مع عدم وجود أية نية لاستئنافها, لعدم التزام الحوثيون وحليفهم علي عبدالله صالح بوقف إطلاق النار وسجلت خروقات قال عنها المتحدث باسم التحالف العربي بأنها تجاوزت الحصر.
في منتصف أكتوبر الماضي قدمت بريطانيا ورقة إلى مجلس الأمن تدعو إلى وقف فوري للأعمال الحربية واستئناف العملية السياسية”, وهو ما ترجمته مبادرة كيري الأخيرة, والتي تحاول لندن إنقاذها من جديد, مع محاولة في مغازلة الانقلابيين وخصوصاً الحوثيين, ووجهت إليهم انتقاداً ناعماً بخصوص البحر الأحمر واستهداف السفن فيه.
جاء ذلك في سياق حديث للسفير البريطاني لدى اليمن إدموند براون، عن وجود اتهامات متبادلة وصدامات محدودة بين الحوثيين وقوات الرئيس المخلوع علي عبدالله صالح، أمر وارد الحدود لأن التحالف بينهما تكتيكي.
وقال إدموند إن هذه الأطراف لها استراتيجيات ورؤى مختلفة، ولا أعرف طبيعة الانقسامات داخل ذلك التحالف، لكن هناك مؤشرات متعددة تدل على ذلك.
وفي سياق متصل، قال السفير البريطاني، إن التصعيد الحاصل في منطقة البحر الأحمر من قبل الحوثيين قوبل بإدانة دولية لكن الحوثيين ينصتون لما يقوله الناس، بحسب “CNN”.
وأوضح أنه تحدث بشكل مباشر معهم حول استهداف سفن بالبحر الأحمر، لافتا إلى أن إطلاق الصواريخ لم يتكرر والحوثيون يفهمون أن ما قاموا به غير مقبول وخطير ومدمر، وآمل أنهم استنتجوا أن تلك السياسة كانت خاطئة.
مشروع القرار الذي قدمته الإدارة البريطانية حينها تضمن على أربع نقاط أساسية تتعلق بوقف الأعمال العدائية، ودعم خارطة السلام, التي اقترحها مبعوث الأمم المتحدة إسماعيل ولد الشيخ أحمد، وتسهيل وصول المساعدات الإنسانية لكافة المناطق داخل البلاد، والتحقيق في جميع المزاعم الخاصة بانتهاكات القانون الإنساني الدولي وقانون حقوق الإنسان.
وتضم اللجنة الرباعية إضافة إلى بريطانيا, الولايات المتحدة الأمريكية, والسعودية والإمارات.
في أغسطس الماضي اجتمعت “اللجنة الرباعية” المختصة بالازمة اليمنية برئاسة جون كيري، وزير الخارجية الامريكي، ومشاركة نظرائه في مدينة جدة، وطرحها “خريطة طريق”، تكون بديلا للخارطة التي طرحها المبعوث الدولي اسماعيل ولد الشيخ، فهذا يعني اعترافا بفشل الاخير، اي ولد الشيخ، وعدم حياديته، مثلما يعني ايضا الاعتراف بالمأزق الكبير الذي تواجهه المملكة العربية السعودية في اليمن.
وهي الخارطة التي قدمها وزير الخارجية الأمريكي في العاصمة العمانية, مسقط وأثارت الكثير من الجدل, تمخضت عن هدنة لم تلتزم بها جماعة الحوثيين, وأعلن التحالف العربي انتهاءها اليوم الإثنين.
وتحدث ناشطون لـ”مُسند للأنباء” أن بريطانيا تريد إنجاح ما فشل به جون كيري, فخارطة الطريق في اليمن, تأتي من مشكاة واحدة, ومكان واحد, فالذي يجري في مسقط تم الاتفاق عنه في لندن في الشهرين الماضين, بعد اجتماعات مكثفة, ولقاءات مع المبعوث الأممي إلى اليمن, إسماعيل ولد الشيخ أحمد.
ويرون أن حديث السفير البريطاني هو انتقاد ناعم للحوثيين, وأن هناك سيناريو قادم في اليمن, ربما استبعاد علي عبدالله صالح من المشهد والإبقاء على جماعة الحوثيين المدعومة من أطراف عالمية وأقلية, لتلعب دوراً مرسوماً في المستقبل القادم لليمن, وهو ما لا يقبله اليمنيون, أو حتى الحكومة الشرعية, التي تريد إنهاء الانقلاب وإعادة تطبيع الحياة في سائر المدن اليمنية.
علماً بأن اللجنة “الرباعية الدولية” انشأتها الإدارة الامريكية لإيجاد حل سياسي للأزمة اليمنية وهي تشبه لجنة أخرى شكلت قبل عشرين عاما تقريبا، ووضعت “خريطة طريق” للسلام في فلسطين المحتلة، التي تولى رئاستها توني بلير رئيس الوزراء البريطاني الأسبق، ولم تحقق اي نجاح يذكر باستثناء تأجيج الاستيطان في الاراضي المحتلة، ويرى خبراء أن الثانية لن تكون أقل سوءاً من الأولى.
المصدر: مسند للأنباء