في الوقت الذي يخشى دي مستورا من احتمال شن قوات النظام السوري هجوم لسحق شرق حلب قبل تنصيب الرئيس الأمريكي الجديد ترامب في 20 من يناير/ كانون الثاني المقبل، تنشغل جهات معارضة بين تأكيد ونفي عقد مؤتمر موسع للمعارضة في دمشق أو خارجها.
فالأيام الماضية شهدت حراكًا كبيرًا وتحضيرات من أجل عقد مؤتمر يضم معارضين من داخل سورية وخارجها بدعم روسي يقوم على أرضية الحوار ويمهد لعقد مؤتمر مصالحة وطني شامل وهناك عدة عواصم مرشحة لاستضافة اجتماعه التحضيري الأول من بينها دمشق ومسقط والقاهرة ودبي كما جاء في صحيفة الرأي اليوم.
ومن بين الأسماء المرشحة لحضور اللجنة التحضيرية شخصيات مثل أحمد الجربا ومعاذ الخطيب وجمال سليمان وجهاد المقدسي وحسن عبد العظيم وأسماء أخرى.
تأكيد ونفي لعقد المؤتمر
نفت الهيئة العليا للمفاوضات لقوى الثورة والمعارضة السورية على لسان متحدثها الرسمي رياض نعسان آغا، التقارير الإعلامية التي تتحدث عن اعتزام هيئة التنسيق الوطنية السورية عقد مؤتمر مشترك للمعارضة في دمشق أواخر العام الجاري، ونفت مصادر المعارضة التي أشارت إليها التقارير أنها تلقت أي دعوة لحضور مؤتمر أو وجود خطة لعقده أو حتى نيتها للمشاركة فيه.
ونقل آغا عن حسن عبد العظيم المنسق العام لهيئة التنسيق الوطنية بعد تواصله معه بشكل شخصي نفي الأخير الأنباء التي تتداولها وسائل الإعلام بخصوص عقد مؤتمر للمعارضة في دمشق وذكر أنها مجرد اتهامات، ومن ثم عاود آغا التذكير بثوابت الهيئة العليا للتفاوض بعدم إمكانية عقد مؤتمر للمعارضة السورية في دمشق إلا بعد رحيل رأس النظام (الرئيس الأسد).
عدة عواصم مرشحة لاستضافة الاجتماع التحضيري لاجتماع المعارضة الأول من بينها دمشق ومسقط والقاهرة ودبي
إلا أن أخبار المؤتمر والكلام الكثير حوله يشير أنه بات ورقة بيد روسيا تريد استغلالها بهدف خلق معارضة موازية للتفاوض معها عوضًا عن معارضة الخارج التي لا تقبل بالأسد كجزء من الحل جملةً وتفصيلًا.
وعلى الرغم من نفي أغلب الهيئات المعارضة لتلقي دعوة لحضور مؤتمر فإن هذا لا ينفي أن جهات ما تحاول عقده وتتشاور فيه، فدمشق وافقت على التسهيل بانعقاد اجتماع للمعارضة الداخلية يومي السبت والأحد المقبلين بينما رفضت اقتراح موسكو لاستضافة مؤتمر موسع للمعارضة السورية بـ”ضمانات روسية” يرمي لتشكيل تحالف واسع للمعارضة.
على أن المؤتمر الداخلي المقبل سيمهد لـ”مؤتمر وطني” يكون مكانه إحدى الدول العربية التي استعدت لاستضافته ومن بينها الكويت وعُمان بهدف تشكيل تحالف وطني معارض يمهد لاحقًا لإجراء مفاوضات مع الحكومة والاتفاق على خطوات الانتقال السياسي بموجب بيان جنيف والقرار 2254.
المنسق العام لهيئة التنسيق الوطني
ومن المقرر بحسب تصريحات حسن عبد العظيم لصحيفة الحياة أن يكون هناك فرزًا للمعارضة بين من يقبل بانفتاح النظام ومن يريد تغيير النظام بحيث لا يشارك الانفتاحيون في المؤتمر الأول ويشاركون في المؤتمر الوطني الموسع لاحقًا بغية تشكيل هيئة انتقالية لبحث مراجعة الدستور لإجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية.
وأشار عبد العظيم أن المؤتمر ليس كما أشار إليه الإعلام بأنه بين معارضة وسلطة بل سيكون معارضة فقط ولا يمكن المغامرة بعقده في دمشق دون ضمانات دولية من الأمم المتحدة بألا يتعرض أي معارض قادم من الخارج للاعتقال.
وعن هذه مبادرة أشار عبد العظيم في معرض حديثه لوكالة تسنيم الإيرانية أن أفق الحل السياسي في جنيف 3 كانت موجودة ولكن الخلاف الأمريكي الروسي على الحل السياسي والرهان على الحسم الميداني في حلب وغيرها هو الذي أدى إلى المبادرة لعقد مؤتمر لقوى المعارضة في الداخل إذا سمحت الظروف وتعزيز فرص الحل السياسي كخيار وحيد، وأردف أنه سيتم العمل على تشكيل جبهة قوى ديمقراطية تضم القوى المعارضة الوطنية التي تتمسك بالحل السياسي كخيار وحيد، من أجل “توحيد الجهود لمحاربة الإرهاب وتشكيل مؤتمر وطني لقوى المعارضة وقوى الحكم والمجتمع المدني بحيث يضع هذا المؤتمر ميثاقًا وطنيًا يؤسس لدستور دائم لسوريا المستقبل” كما يقول عبد العظيم لوكالة تسنيم.
هناك مرحلة جديدة في الأزمة السورية تتشكل بناءً على قناعة بدأت تتبلور أن المرحلة المقبلة في سورية ستكون مختلفة بعد وصول ترامب للبيت الأبيض
مؤتمر للمعارضة في دمشق
من المقرر أن يشارك في مؤتمر المعارضة المقبل يومي السبت والأحد نحو أربعين شخصية اجتماعية ومدنية من مختلف المحافظات السورية تحت عنوان “الخيارات الاستراتيجية للسوريين” تتناول الهوية والانتماء وشكل الحكم والدولة والحكومة والمصالحات وبناء السلام، كما يرمي المؤتمر أيضًا للبحث في خيارات استراتيجية بمنطق مخالف عن تجاذبات المعارضة والموالاة.
وذكرت صحيفة الوطن السورية الموالية للنظام في منتصف نوفمبر/ تشرين الثاني الجاري عن وجود مساعٍ يقوم بها المنسق العام لهيئة التنسيق حسن عبد العظيم مع تحضيرات من قوى المعارضة الوطنية الداخلية ولها امتدادات في الخارج لعقد مؤتمر للمعارضة في دمشق إن سمحت الظروف على حد قوله ليكون على غرار مؤتمر الإنقاذ الوطني الأول الذي عقد في أيلول 2012، مشيرًا إلى أن روسيا أبدت ارتياحًا للجهود الرامية إلى عقد هذا المؤتمر.
وقال عبد العظيم للوطن إن المؤتمر سيشمل معارضة وطنية لها وجود على الأرض وهناك من هم في لقاء القاهرة ولقاء موسكو الثاني، وعلى حد قوله فإن المؤتمر سيضم قوى معارضة حقيقية وشخصيات وطنية مستقلة وفعاليات اجتماعية وثقافية وعلماء ورجال دين، وحسب تقارير إعلامية فإن من بين الشخصيات التي تنسق للمؤتمر رئيس تيار الغد السوري أحمد الجربا.
رئيس تيار الغد أحمد الجربا
تيار الغد السوري نفى ما تردد عن نية تحضيره أو حضوره لهكذا مؤتمر، وذكر عضو الأمانة العامة في تيار الغد أن الخبر من خيال صحافة “محور المقاومة والممانعة” وأن الجربا يتعامل مع مستجدات الأحداث بمواقف ثابتة وليس عواطف باهتة ودمشق بالنسبة له اليوم ترزح تحت احتلال.
المعارضة السورية في الخارج ترى في هذه المؤتمرات محاولات دولية وفي مقدمتها روسيا لإنتاج جسم معارض بديل من الهيئة التفاوضية مستعد للتفاوض مع الحكومة في جنيف بسقف سياسي منخفض من دون وجود الهيئة الانتقالية، ويأتي هذا بالتزامن مع دعوة دي مستورا لكتل معارضة إلى جنيف لإبقاء عجلة العملية السياسية دائرة واختبار فكرة “تذويب” صلاحيات الرئيس ومنح جزء منها للحكومة والإدارات المحلية.
ومن ثم فإن هناك قناعة بدأت تتبلور أن المرحلة المقبلة في سورية ستكون مختلفة بعد وصول ترامب للبيت الأبيض، لذا فإن عقد مؤتمر للمعارضة لوضع أسس أخرى – غير الأسس والثوابت التي وضعتها هيئة المفاوضات في الرياض – لحل الأزمة سيكون واردًا جدًا في المرحلة المقبلة وعلى الرغم من نفي الشخصيات المعارضة الورادة أسماءهم لحضور اللجنة التحضيرية فإن ذلك الرفض بحسب مراقبين جاء تجنبًا للحرج المتولد عن حضور مؤتمر مكانه في دمشق.