يواجه الاقتصاد التركي موجات ضغط كبيرة داخلية وخارجية أغلبها يعود لخلافات سياسية وأخرى تتعلق بتدخل الجيش التركي في كل من سورية والعراق وليس آخرها قوة الدولار الأمريكي بعد فوز ترامب في السباق الانتخابي نحو البيت الأبيض، فقوة الدولار تؤثر على الاقتصادات الناشئة التي اعتمدت في نموها طول السنوات الماضية على الاستثمارات الأجنبية، حتى بات الاقتصاد شبه مرهون باستقرار المستثمرين الأجانب وودائع حساباتهم بالعملات الصعبة في البلاد.
شركات ألمانية ستستثمر في تركيا
تعتزم شركة الطاقة الألمانية EWE إحدى أكبر شركات الطاقة العالمية إجراء استثمارات بقيمة 120 مليون يورو في تركيا حسب ما ذكر وزير الطاقة والموارد الطبيعية التركي بيرات البيرق، في عدة تغريدات على حسابه الشخصي في تويتر.
وأشار البيرق أن قدوم شركة عالمية مثل EWE الألمانية ورغبتها في الاستثمار بتركيا دلالة على متانة الاقتصاد التركي وموثوقيته لدى المستثمرين الأجانب في الخارج.
وفي بيان للشركة أعلنت أن استثماراتها في تركيا ستجري في مجال الطاقة المتجددة وكفاءة الطاقة، وأكد مديرها التنفيذي الذي التقى مع الوزير البيرق رغبة الشركة في تحقيق نمو أكبر في تركيا عبر أنشطتها المتنوعة في مجالات تكنولوجيا المعلومات وكفاءة البيئة.
كما استقبل الوزير أيضًا المدير التنفيذي لشركة “نوردكس” إحدى أكبر الشركات العاملة في مجال طاقة الرياح وشدد مديرها التنفيذي على الاهتمام بشكل مكثف بالبيئة الاستثمارية في مجال الطاقة المتجددة في تركيا.
والجدير بالذكر أن عشر شركات ألمانية أعلنت عزمها الاستثمار في تركيا خلال الملتقى الاقتصادي التركي الألماني الثاني الذي عقد مطلع العام الحاليّ.
وبحسب مؤسسة التمويل الدولية التابعة لمجموعة البنك الدولي في تقرير حديث صادر لها فإن تركيا ستتمكن من جذب نحو 28 مليار دولار في مجال الاستثمار بالطاقة المتجددة بحلول العام 2020، حيث ستتوزع هذه الاستثمارات بواقع 16.4 مليار دولار في مجال طاقة الرياح و7.4 مليار دولار في مجال الطاقة الشمسية و3.4 مليار دولار في مجال طاقة الحرارة الجوفية و560 مليون دولار في مجال الطاقة الكهرومائية.
وذكرت بيانات حكومية رسمية تركية أن الحكومة اشترت بين يناير/ كانون الثاني وسبتمبر/ أيلول كهرباء بقيمة 3 مليارات وربع من اليونان وبلغاريا وأذربيجان ويشكل هذا الرقم تراجعًا عن مشتريات العام الذي سبقه 2015 في نفس الفترة بنسبة 30%، بلغت تكلفة فاتورة الطاقة الكهربائية في العام الحاليّ نحو 155 مليون دولار حسب البيانات الرسمية التركية.
تركيا بصدد استثمار نحو 47 مليار دولار في مشروعات البنية التحتية المتعلقة بقطاع النقل والاستثمارات الصديقة للبيئة
وتبعًا لمعطيات تقرير مؤسسة التمويل الدولية فإن تركيا، المصنفة ضمن الدول المستوردة للطاقة، تهدف لزيادة حصتها من إنتاج الطاقة الكهربائية، اعتمادًا على مصادر الطاقة المتجددة، وهو أحد الأسباب الرئيسية التي لفتت نظر المستثمرين إليها وزاد اهتمامهم للاستثمار فيها، وأضافت المؤسسة أن نمو الناتج المحلي الإجمالي في تركيا تجاوز نظيره في عديد من دول مجموعة العشرين، رغم الأحداث السياسية التي شهدتها تركيا في الفترة الأخيرة، وهو ما ضمن استمرار اهتمام المستثمرين بتركيا كبلد مستقبل وحاضن للاستثمارات الأجنبية.
كما أن تركيا بصدد استثمار نحو 47 مليار دولار في مشروعات البنية التحتية المتعلقة بقطاع النقل والاستثمارات الصديقة للبيئة إضافة إلى إدارة النفايات، حيث سيتم إنفاق نحو 18.6 مليار دولار على إنشاء مبانٍ خضراء من خلال تكنولوجيا صديقة للبيئة والنظر في الاستثمارات الصديقة للبيئة في وسائط النقل أيضًا، وسيتم استثمار ما لا يقل عن 24 مليار دولار بحلول العام 2020 من أجل تخفيض انبعاثات الكربون في قطاع النقل حسب تقرير مؤسسة التمويل الدولية.
يُذكر أن ألمانيا ليست الوحيدة المهتمة بالاستثمار في مجال الطاقة المتجددة في تركيا، فالصين خططت للاستثمار بمجال الطاقة الشمسية في تركيا من خلال شركة صينية بالمشاركة مع شركة UCK Group للطاقة التركية تعمل في مجال الطاقة الشمسية بحيث تضمن الشركة الحصول على 13.4 دولار لكل كيلوواط ساعٍ على مدار العشر سنوات المقبلة، وستقوم الشركة الصينية بتأمين وحدات الطاقة الشمسية ذات الكفاءة العالية والمعدات الفنية فيما ستعمل الشركة التركية على عملية تطوير المشروع وتأسيس المحطات.
تركيا ستتمكن من جذب نحو 28 مليار دولار في مجال الاستثمار بالطاقة المتجددة بحلول العام 2020
وفي النهاية فإن تركيا تمكنت بعد الانقلاب الفاشل من تحريك عجلة الاقتصاد مجددًا وإزالة مخاوف المستثمرين من عدم الاستقرار، وبهذا تكمل تركيا سيرتها بكونها إحدى أسرع أسواق الطاقة نموًا في العالم، وذلك بالتوازي مع نموها الاقتصادي خلال السنوات العشرة الماضية، مدفوعة بالتوسع الاقتصادي وارتفاع دخل الفرد وتسارع وتيرة التوسع العمراني، ومن المتوقع أن يزداد الطلب على الطاقة في تركيا بمعدل 6% سنويًا حتى العام 2023.