بعد نجاح إتمام تطبيع العلاقات بين تركيا ودولة الاحتلال الإسرائيلي مؤخرًا، باتت تعلق الأخيرة آمالًا كبيرة على الأولى في الوساطة مع حركة المقاومة الإسلامية حماس في غزة لإتمام صفقة تبادل للأسرى، حيث فقد جيش الاحتلال جنودًا في غزة خلال الحرب الأخيرة في 2014، تنقطع المعلومات عنهم، ربما تنجح حماس في تبادلهم مع الاحتلال والإفراج عن آلاف الأسرى الفلسطينيين، فهل تنجح هذه الوساطة؟
تركيا مستعدة وحماس ترحب
خليل الحية عضو المكتب السياسي لحركة حماس، أعرب أمس الأربعاء، عن تقدير حركته لاستعداد تركيا التوسط لإعادة جندي إسرائيلي أسير في قطاع غزة، مقابل إطلاق سراح معتقلين فلسطينيين لدى الكيان الإسرائيلي.
وقال الحية في مقابلة تلفزيونية بثتها قناة “الأقصى” الفضائية التابعة لحركة حماس: “حتى تنجح الوساطة التركية لا بد من أن تتخلى إسرائيل عن إظهار اللامبالاة تجاه ملف جنودها الأسرى وتلتزم بتطبيق صفقة وفاء الأحرار السابقة 2011، التي أطلقت حماس بموجبها سراح الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط، مقابل الإفراج عن 1027 أسيرًا فلسطينيًا من السجون الإسرائيلية”.
وفي السياق ذاته، قال الحية: “ملف الجنود الإسرائيليين الأسرى لا يشهد في الوقت الراهن أي جهود أو وساطات حقيقية، وإطالة أمد أسر هؤلاء الجنود ليس في مصلحة الاحتلال”.
هذه التصريحات الحمساوية جاءت ردًا على ما قاله الرئيس التركي رجب طيب أردوغان خلال مقابلة تلفزيونية مع القناة الثانية في التلفزيون الإسرائيلي الإثنين الماضي، حيث صرح أردوغان أن بلاده مستعدة لبذل ما بوسعها للتوسط لإعادة الأسير الإسرائيلي لدى حماس شاؤول آرون في حال قدمت إسرائيل ضمانات بالإفراج عن أسرى فلسطينيين.
وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزراء آخرون في حكومته طلبوا من تركيا مؤخرًا القيام بدورها للوساطة وإنهاء ملف جنودها، وعلى الرغم من أنهم لم يعلنوا الرغبة في التوصل لاتفاق تبادل مع حماس عن جنودهم المفقودين، فإن تصريحاتهم أوحت برغبتهم هذه، حتى إن أهالي المفقودين الإسرائيليين الأربعة حمّلوا حكومتهم الإسرائيلية ونتنياهو شخصيًا مسؤولية عدم إدراج أبنائهم في صفقة تطبيع العلاقات بين تل أبيب وأنقرة، وهو ما ردت عليه تركيا بالقول إنّ الملفات مختلفة وإنها مستعدة للتوسط وإنهاء القضية برمّتها.
هل يسرع ضغط عائلات الجنود بالتوصل لصفقة؟
وكان عودة العلاقات بين تركيا وإسرائيل قد أحدث ضجة في أوساط عائلات الجنود الإسرائيليين الأسرى لدى حركة حماس، حيث توعد أهالي الجنود بالنضال والاحتجاج ضد رئيس حكومة الاحتلال، الأمر الذي يمكن أن يدفع دولة الاحتلال للإسراع في إبرام صفقة التبادل في أقرب وقت ممكن.
فقد نشرت القناة الثانية بافتتاحيتها في يونيو/ حزيران الماضي تقريرًا بعنوان: “كفاح عائلات الأسرى لدى حماس “الاتفاق مع تركيا – جائزة لحماس”.
وذكرت القناة حينها، أن أقارب الجنود أورون شاؤول وهدار غولدن وأبراهام منغستو سيقومون بالنضال العام، ضد توقيع المصالحة مع تركيا دون عودة أبنائهم، وقد اعتبروا أن “التوقيع يعتبر فشلاً لرئيس الوزراء” فيما رد مكتب نتنياهو بالقول “نواصل جهودنا في كل وقت لجلبهم”.
وأكدت القناة الثانية أن عائلة منغستو يقومون الآن بالتظاهر أمام مكتب رئيس الوزراء بالقدس، تحت عنوان “خدعونا”، مهاجمين الاتفاق الذي توصلت إليه “إسرائيل” مع تركيا ومن شأنه السماح بوصول المساعدات إلى غزة، وأضافت عائلة منجستو “أنه لا يمكن توقيع اتفاق بينما ابننا محتجز عند حماس، وسنواصل القتال حتى نراه بيننا”، وقال شقيق منجستو: “سنتظاهر أيضًا أمام السفارة التركية، للضغط عليها للبحث في عودة أبنائنا”.
من جهتها ذكرت القناة السابعة في نفس الوقت، نقلاً عن شقيق الجندي منغستو قوله: “الاتفاق الذي جرى التوصل إليه يجعلنا نخشى أن أخي تم التخلي عن مصيره في غزة من قبل الحكومة الإسرائيلية”، وقد انضم لعائلات الجنود المفقودين في عملية السلطان يعقوب للتظاهر ضد الاتفاق مع تركيا، شقيقة الجندي المفقود يهودا كاتس التي قالت: “تصرف رئيس الوزراء غير لائق، وعودة الدبابة من غير المفقودين ليس مبررًا، هذا السلوك غير مقبول، ولن نرضاه بعد اليوم”.
أما زهافا والدة الجندي آورون قالت: “أريد أن أقول شيئًا واحدًا، لقد أرسل وزراء الدفاع ابني إلى غزة في عملية الجرف الصامد وعادوا دونه، الآن أنا لا يهمني كم ستكلف عودته لي، واليوم سنكون قادرين على القيام بأشياء لعودته حتى لو كلفنا الكثير”.
أكثر من جندي أسير.. ولا معلومات
يذكر أنه في مطلع أبريل/ نيسان الماضي، كشفت كتائب عز الدين القسام، الذراع المسلح لحركة حماس، لأول مرة، عن وجود أربعة جنود إسرائيليين أسرى لديها، دون أن تكشف إن كانوا أحياءً أم أمواتًا.
كما لم تكشف عن أسماء الإسرائيليين الأسرى لديها، باستثناء الجندي آرون شاؤول، الذي أعلن المتحدث باسم الكتائب “أبو عبيدة”، في 20 من يوليو/ تموز 2014، عن أسره، خلال تصدي مقاتلي “القسام” لتوغل بري للجيش الإسرائيلي، في حي التفاح شرقي مدينة غزة.
وترفض حركة حماس، بشكل متواصل، تقديم أي معلومات عن الإسرائيليين الأسرى لدى ذراعها المسلح.
وكانت الحكومة الإسرائيلية، أعلنت عن فقدان جثتي جنديين في قطاع غزة خلال الحرب الإسرائيلية (بدأت في 8 من يوليو/ تموز 2014 وانتهت في 26 من أغسطس/ آب من العام نفسه)، هما آرون شاؤول، وهدار جولدن، لكن وزارة الدفاع عادت وصنفتهما، في يونيو/ حزيران الماضي، على أنهما “مفقودان وأسيران”.
وإضافة إلى الجنديين، تحدثت إسرائيل، عن فقدان إسرائيليين اثنين أحدهما من أصل إثيوبي والآخر إسرائيلي من أصل عربي، دخلا غزة بصورة غير قانونية خلال العامين الماضيين.
جدير بالذكر أنه في 11 من أكتوبر/ تشرين الأول 2011، أُعلن إبرام اتفاق بين الكيان الإسرائيلي وحركة حماس، يقضي بإطلاق السلطات الإسرائيلية سراح 1027 معتقلاً فلسطينيًا، مقابل إطلاق حماس سراح شاليط، في صفقة لتبادل الأسرى تمت برعاية مصرية.