يقول البعض إن حركة فتح تاريخيًا شهدت انشقاقات عديدة ولكنها لم تنجح وهذه الشريحة ترى بحتمية فشل محمد دحلان ونجاح المؤتمر السابع لحركة التحرير الوطني الفلسطيني “فتح” هو بمثابة انطلاق رصاصة الرحمة على النائب محمد دحلان وإنهاء ظاهرته داخل فتح للأبد.
من وجهة نظري حالة دحلان تختلف عن تلك التجارب والسبب في ذلك يعود إلى ما يلي:
رفض دحلان المطلق تشكيل حزب سياسي ويصر على خوض المعركة من داخل حركة فتح، وامتلاك دحلان لشرعية دستورية كعضو مجلس تشريعي منتخب، مع ذكاء الرجل ونجاحه في ارتداء قبعة المدافع عن غزة وعن مشاكلها وعن أبناء فتح فيها، وتصريحاته التصالحية مع حركة حماس ساهمت في إحداث اختراق ولو طفيفًا في مستوى قبوله شعبيًا، كما يتمتع بالحاضنة الإقليمية التي تدعمه وعلى رأسها مصر والإمارات العربية المتحدة، أي السياسة والمال.
في ضوء ما سبق، فإن سيناريو نجاح المؤتمر السابع في القضاء على مستقبل دحلان السياسي مسألة ليست بالسهلة ومتوقفة على ثلاثة متغيرات فقط وهي:
1. تخلي الرباعية العربية عن محمد دحلان.
2. ذهاب الرئيس عباس بعد المؤتمر السابع لمصالحة حقيقية مع حماس وتشكيل حكومة وحدة وطنية وتصفير المشاكل بين الطرفين.
3. خروج المؤتمر السابع لحركة فتح ببرنامج سياسي يتبنى خيار الكفاح المسلح وقيادات قادرة على إعادة الاعتبار للمؤسسة على حساب الفرد داخل حركة فتح.
في ضوء التجارب السابقة ومدخلات المؤتمر السابع فإن مسألة حدوث أي من المتغيرات الثلاث مسألة صعبة، وعليه فإن أمام دحلان عدة سيناريوهات سيبدأ في تنفيذها بعد المؤتمر السابع، وهي على النحو التالي:
صراع الديكة عباس ودحلان
السيناريو الأول: بناء استراتيجية إعلامية لمهاجمة مخرجات المؤتمر السابع على صعيدي البرنامج والاشخاص وصولًا لخلق رأي عام فتحاوي وفلسطيني رافض لهذا المؤتمر ولنتائجه.
السيناريو الثاني: عقد مؤتمر فتحاوي موازٍ ومؤسسات تنظيمية موازية تنتخب دحلان رئيسًا لها كمدخل لتحقيق السيناريو الثالث.
السيناريو الثالث: إجراء اتصالات مع حركة حماس وباقي مكونات النظام السياسي الفلسطيني والتوافق معهم على أفكار تتمثل في امتلاك زمام المبادرة مثل:
الدعوة لعقد الإطار القيادي المؤقت لمنظمة التحرير الفلسطينية يشارك فيه دحلان كرئيس لحركة فتح ويتم الدعوة لعقد مجلس وطني فلسطيني تحتضنه القاهرة وينتخب مجلسًا مركزيًا ولجنة تنفيذية جديدة، ولو وافقت حركة حماس وبعض فصائل اليسار من الممكن أن يتحقق النصاب القانوني.
التوافق مع حركة حماس لتشكيل إدارة مشتركة في قطاع غزة وتفعيل المجلس التشريعي الفلسطيني، ويبدأ فعليًا تطبيق توصيات مؤتمرات عين السخنة.
السيناريو الرابع: بقاء الوضع على ما هو عليه قبل إجراء المؤتمر السابع مع زيادة وتيرة العمل الاجتماعي والإنساني الذي تقوده زوجته جليلة دحلان وانتظار أن يحدث تغير ما يخدم عودة محمد دحلان لفتح.
الخلاصة: حديث دحلان بأن حماس ظلمت هو مراجعة مهمة واعتراف يخدم البدء بإجراء مراجعات شاملة من الجميع وصولًا لإجراء مصالحة اجتماعية تعيد الاعتبار لكل ضحايا الانقسام، وتعيد الاعتبار لقطاع غزة، فإن أخطأ دحلان فهذا لا يعني أن الآخرين لم يخطئوا، وتجربة الحرب الأهلية في إسبانيا والتي قتل فيها عشرات الآلاف انتهت بمصالحة قامت على مرتكز التسامح والتصافح وتصالح القلوب انطلاقًا من قناعة الجميع في: ماذا بعد..؟