1. قد يكون للحزب الجمهوري مرشح يدعو لخفض الإنفاق الحكومي
أقام الحزب الجمهوري الفرنسي أول جولة في انتخاباته التمهيدية يوم الأحد الماضي، والتي شارك فيها سبعة مرشحين، وقد توقعت استطلاعات الرأي فوز رئيس بلدية بوردو اليميني الوسطي آلان جوبيه، وتوقعت الاستطلاعات أيضًا أن يكون المنصب الثاني من نصيب الرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي.
إلا أنه حدثت مفاجأة غير متوقعة، فقد فاز رئيس الوزراء السابق في حكومة ساركوزي، فرانسوا فيون، بنسبة 44.1%، بينما احتل آلان جوبيه المركز الثاني بنسبة 28.6%، وقد كانت المفاجأة تتمثل أساسًا في فوز أحد “الدخلاء”، مثبتًا نقص دقة استطلاعات الرأي وآراء المعلقين السياسيين، كما أثبتت هذه المفاجأة أيضًا، مدى أهمية دعوة فيون إلى إرساء حكومة أصغر وبتكاليف أقل.
رئيس الوزراء السابق في حكومة ساركوزي، فرانسوا فيون، بمقر حملته الانتخابية في باريس
وتجدر الإشارة إلى أن فيون يريد التخلص من 500 ألف وظيفة في القطاع العام في غضون خمس سنوات، والتخفيض من أعباء مساهمات الضرائب والضمان الاجتماعي بمقدار 50 مليار يورو، هذا إلى جانب خفض الإنفاق بمقدار 100 مليار يورو، ويخطط فيون أيضًا إلى تعزيز استقلالية المدارس وإلغاء الضريبة التي فرضها الرئيس الاشتراكي فرانسوا هولاند على أصحاب الدخل العالي.
لكن لا يجب أن نتحمس كثيرًا لذلك، فكل هذه الوعود قد تنسينا تأييد فيون لفرض زيادة بنسبة 2% على ضريبة المبيعات، كما أنه يشجع الحرب على المخدرات، واقترح الحد من عدد المهاجرين، كما ينوي فيون منع ارتداء البوركيني ويريد إصدار الأحكام الإلزامية في قضايا القانون الجنائي.
كذلك، فإن فيون شغل منصب رئيس وزراء في حكومة ساركوزي في الفترة الممتدة بين سنة 2007 وسنة 2012، وهي الفترة التي تميزت بزيادات ضريبية واسعة النطاق ومحاولات الإنقاذ المالي للبنوك التي جدت سنة 2008.
2. قد يتم إلغاء ترشح ساركوزي من قبل حزبه
وفقًا لأحدث استطلاعات الرأي، فإن 4% فقط قالوا إن عمل ساركوزي يُعتبر “مرْضِيًا”، الأمر الذي يضع حزبه في موقف حرج، ومن المعتاد في فرنسا أن تكون نتائج الرئيس مضمونة في الانتخابات، إلا أن شعبية هولاند تراجعت بشكل ملحوظ، مما دفع الحزب الاشتراكي إلى تنظيم انتخابات تمهيدية في شهر يونيو/ تموز الماضي.
ومن أهم خصوم هولاند في هذه الانتخابات، نذكر رئيس وزراء حكومته، مانويل فالس، ووزير اقتصاده السابق أرنو مونتبورغ، الذي عُرف باعتماده للنظرية “الكينزية” فيما يتعلق بالإنفاق الحكومي، ووفقًا لاستطلاعات الرأي، فإن كلا الوزيرين بإمكانهما الفوز أمام الرئيس الفرنسي خلال التصويت التمهيدي المقرر إقامته في كانون الثاني/ يناير سنة 2017.
3ـ نعم، لنعطي مارين لوبان فرصة للفوز
تعدّ لوبان هي رئيسة الجبهة الوطنية الفرنسية، وقد شهدت شعبيتها ارتفاعًا ملحوظًا، لذلك، لم يتم إقامة انتخابات تمهيدية داخل حزبها، وكانت استطلاعات الرأي قد أثبتت أنه بإمكانها الوصول إلى الجولة الثانية من الانتخابات، تمامًا كما وصل والدها جون ماري لوبان سنة 2002.
وفي الحقيقة، لا يوجد أي مجال لتحسين خطاب أو رسالة لوبان، كما أن أجندتها السياسية جاهزة حيث تتمثل في وقف الهجرة ومغادرة الاتحاد الأوروبي وإعادة اعتماد السياسة الحِمائيّة.
لكن العامل الوحيد الذي يمكنه تحسين نتائج لوبان، هو التغييرات التي يمكن أن تطرأ على نتائج خصومها، فخروج ساركوزي من الانتخابات التمهيدية يعني مزيدًا من الأنصار الأكثر راديكالية لفائدة لوبان، وفي هذا السياق، قالت صحيفة “لوفيغارو” الفرنسية يوم الإثنين الفارط: “الجبهة الوطنية تأمل التقاط أصوات أيتام ساركوزي”.
كما أن الأداء الضعيف للحزب الاشتراكي سيكون مكسبًا مهمًا للوبان، هذا بالإضافة إلى أن أجندتها السياسية مختلفة اختلافًا تامًا مع سياسة فيون القائمة على عدم التدخل، وسياسة جوبي القائمة على التمسك بالاتحاد الأوروبي، وباختصار فإن الاقتتال الداخلي بين مختلف الجماعات السياسية سيكون في صالح القوميين المتطرفين.
4ـ عبّرت كل الأطياف السياسية عن دعمها للمرشح المستقيل إيمانويل ماكرون
علاوة على ذلك، عمل ماكرون على إصلاح منظومة العمل، خاصة فيما يتعلق بالعمل أيام الآحاد، فمنح مزيدًا من التصريحات إلى عديد من المتاجر لكي يتمكنوا من العمل يوم الأحد، ونجح ماكرون أيضًا في إدخال تسهيلات على مهنة كتّاب العدل، حيث تمكن عدد منهم من ممارسة مهنتهم دون تأدية اليمين الدستورية أمام الحكومة، الأمر الذي ساهم في تخفيض كلفة التعامل مع هؤلاء الكتّاب.
وعمومًا، من المتوقع أن يتمكن ماكرون من تحقيق نتائج هامة في الانتخابات، خاصة من خلال دعم كافة الأطياف السياسية له.
5ـ هذه هي نقطة التحول بالنسبة لفرنسا
يُعد الأمن الوطني ذو أهمية بالغة بالنسبة للفرنسيين، خاصة على إثر الهجمات التي تعرضت لها فرنسا والتي أدت إلى سقوط مئات القتلى، هذا إضافة إلى اهتمام الفرنسيين بمعدل الناتج المحلي الإجمالي للفرد الواحد، الذي لم يشهد أي ارتفاع من سنة 2007 إلى سنة 2015، وعلى الرغم من أن عديد من الإدارات الرئاسية وعدت بمكافحة البطالة، إلا أن التخفيض من معدل البطالة لا يزال تحديًا، ولا زال عدد كبير من العاطلين عن العمل، غير قادرين على إيجاد شغل منذ الأزمة الاقتصادية التي عرفتها البلاد سنة 2008.
هذا بالإضافة إلى أن الفائدة على الدين العام تمثل ثلثي الميزانية الوطنية للتعليم وما يقارب 100% من الناتج المحلي الإجمالي، كما أن العجز في الإنفاق يعتبر خارجًا عن السيطرة، ومن الصعب إحداث أي إصلاح، وذلك بسبب النفوذ السياسي للنقابات، كما لا تزال فرنسا في منعطف حاسم، وليس هناك شك من أن عواقب هذه الانتخابات ستستمر لعقود.
المصدر: نيوز ويك