2.4 مليون امرأة مغربية تتعرض للتعنيف والتحرش في الأماكن العامة، وذلك حسب مكتب الأمم المتحدة للمرأة بالمغرب، رقم مفزع يعكس تفشي ظاهرة العنف ضد النساء في المملكة، الأمر الذي دفع بالمكتب الأممي إلى إطلاق حملة لمناهضة العنف ضد النساء في المغرب تحت شعار “مناهضة العنف ضد النساء في الأماكن العامة”.
ارتفاع نسبة النساء المعنفات
أرجعت، هدى أرسكي مسؤولة التواصل في مكتب المنظمة الدولية بالمغرب، أسباب ارتفاع أرقام النساء اللاتي تتعرضن للعنف، إلى تفشي ظاهرة الزواج المبكر عمومًا بالنسبة للفتيات، وانقطاعهن عن الدراسة، ونهاية مسارهن المهني وحقهن في توجيه حياتهن كما يرغبن، وكانت إحصائيات سابقة للمندوبية السامية للتخطيط، قد أقرت أن 35 ألف قاصر مغربية تزوجت في العام 2013 ،وفي العام 2004 سنّت المملكة المغربية قانونًا جديدًا للأسرة، منح مزيدًا من الحقوق للنساء في الزواج والحضانة والطلاق، وحدد القانون، سن الزواج بـ18 عامًا.
ويمثل العنف ضد المرأة، انتهاكًا لحقوق الإنسان التي أقرتها المواثيق والمعاهدات الدولية، وعائقًا أمام التنمية الاقتصادية والاجتماعية، حسب عديد من الخبراء، كما يحدّ من تطور المجتمعات اجتماعيًا واقتصاديًا وسياسيًا، ويحتفل العالم في 25 من نوفمبر من كل عام باليوم العالمي لمناهضة العنف ضد المرأة، حيث تدعو الأمم المتحدة الحكومات والمنظمات الدولية والأهلية إلى تنظيم أنشطة ترفع من وعي الناس بشأن هذه القضية.
استقبلت شبكة إنجاد ضد عنف النوع، التابعة لفيدرالية رابطة حقوق النساء في المغرب، من 2011 إلى 2015، أكثر من 16 ألف امرأة ضحية عنف
وزيرة التضامن والمرأة والتنمية الاجتماعية بسيمة الحقاوي، أكّدت من جهتها، ارتفاع نسبة الاعتداءات الجنسية والجسدية ضد المرأة في الأماكن العمومية، مقارنة مع تلك الممارسة داخل بيت الزوجية أو في أماكن خاصة، وأكّدت الوزيرة المغربية خلال إطلاقها للحملة الوطنية الرابعة عشرة لوقف العنف ضد النساء، تحت شعار “العنف ضد المرأة نذالة.. احترام المرأة رجولة”، تسجيل 14 ألف و408 حالة عنف جسدي، 53.7% منها في الأماكن العمومية، بالإضافة إلى تسجيل 1457 حالة عنف جنسي، 66.4% منها في الأماكن العمومية.
وسبق لشبكة إنجاد ضد عنف النوع، التابعة لفيدرالية رابطة حقوق النساء في المغرب، أن كشفت في وقت سابق، استقبالها من 2011 إلى 2015، أكثر من 16 ألف امرأة ضحية عنف، ووفرت أكثر من 33 ألف ليلة مبيت للنساء الناجيات من العنف وأطفالهن، وسجلت 36223 اعتداءً، منها حالات وصلت إلى القتل أو الانتحار، بسبب العنف واليأس وغياب وقصور آليات الوقاية والحماية والوصول إلى العدالة والإنصاف.
وتعرف الجمعية العامة للأمم المتحدة العنف ضد النساء بأنه أي اعتداء ضد المرأة مبني على أساس الجنس، والذي يتسبب بإحداث إيذاء أو ألم جسدي، جنسي أو نفسي للمرأة، ويشمل أيضًا التهديد بهذا الاعتداء أو الضغط أو الحرمان التعسفي للحريات، سواء حدث في إطار الحياة العامة أو الخاصة.
مطالبة بحماية النساء ورفع التمييز عنهن ورد الاعتبار لهنّ
الأرقام المفزعة التي كشفت عنها الأمم المتحدة وبعض المنظمات العاملة في هذا المجال، لعدد النساء اللاتي تتعرض للعنف في المغرب، لم تكن مفاجأة بالنسبة للمغربيين الذين يعلمون يقينًا ارتفاع نسبة هذه الظاهرة في بلادهم، الأمر الذي دفع بعضهم للخروج إلى الشارع للمطالبة بحماية النساء ورفع التمييز عنهن ورد الاعتبار لهنّ.
ونظّم العشرات، أمس، وقفة نادت إليها هيئة التنسيق من أجل إحياء اليوم العالمي للقضاء على العنف ضد المرأة، أمام البرلمان المغربي، مطالبين بضمان الكرامة والحرية والعدالة والمساواة للمرأة، ورفع المشاركون، في هذه الوقفة، عددًا من الشعارات، من قبيل “لا للاستغلال المفرط لليد العاملة النسائية في المؤسسات الشغلية” و”اوقفوا الاستغلال والعنف ضد العاملات” و”من أجل جبهة للقضاء على العنف ضد النساء” و”من أجل تغيير جذري وشامل للتشريع الجنائي ليضمن الكرامة الإنسانية للمرأة” و”هذا عار.. هذا عار.. النساء في خطر”.
وطالب المحتجون بتحقيق مطالب الحركة النسائية والقضاء على كل أشكال العنف ضدها وتغيير بعض القوانين في هذا الشأن وتفعيل المقتضيات الدستورية ذات الصلة بإقرار المساواة بين الجنسين.
وتطالب الحركة النسائية بالمغرب بتشريع جنائي يصون كرامة النساء وسلامتهن الجسدية والنفسية واستقلالهن بذواتهن، بما يضمن حرياتهن الفردية وحقوقهن الأساسية، واعتماد قانون يحمي النساء من العنف القائم على النوع من خلال تجريمه والمعاقبة عليه.
من جهته أدان المكتب القطري للقطاع النسائي لجماعة العدل والإحسان، تفشي ظاهرة العنف ضد النساء في المجتمع المغربي، مطالبًا بضرورة التصدي لهذه الظاهرة، بدورها أطلقت وزارة التضامن والمرأة والأسرة والتنمية الاجتماعية المغربية، حملة وطنية لوقف العنف ضد النساء، ستستمر حتى 15 من ديسمبر المقبل، تحت شعار “العنف ضد المرأة نذالة.. احترام المرأة رجولة”، وتسعى هذه الحملة لاقتراح توصيات من شأنها تنوير الرأي العام بشأن محاربة الظاهرة في الفضاء العام.
يشدّد مشروع هذا القانون، العقوبات الجنائية على من يقترف العنف أو الاعتداء على المرأة إذا كانت له قرابة أو علاقة أسرية أو رابط مهني مع الضحية
وتجمع المنظمات المغربية الناشطة في مجال حقوق الإنسان على أن محاربة هذه الظاهرة تستدعي تدخلاً تشريعيًا صارمًا وقويًا، كي يستهدف جميع فئات النساء كالمتزوجات أو الخادمات أو المهاجرات وكل أشكال العنف المادي والمعنوي في الحياة الخاصة والعامة للمرأة.
وصادقت الحكومة المغربية، في مارس الماضي، على مشروع قانون محاربة العنف ضد النساء، إلا أنه لم تم المصادقة عليه بعد من البرلمان حتى يصبح نافذًا.
ويشدّد مشروع هذا القانون، العقوبات الجنائية على من يقترف العنف أو الاعتداء على المرأة إذا كانت له قرابة أو علاقة أسرية أو رابط مهني مع الضحية، كما ينص على إيلاء أهمية قصوى لحماية المرأة، وتوسيع دائرة حالات العنف ضد النساء، مثل العنف الاقتصادي، كما تم النص على عقوبات سجنية لكل من سرق عمدًا مالاً مملوكًا لزوجته، علاوة على الجرائم المالية بين الأزواج، من قبيل خيانة الأمانة وتبديد أموال الأسرة بسوء نية.