يتجه المواطنون في دولة الكويت اليوم السبت 26 من نوفمبر/ تشرين الثاني إلى صناديق الاقتراع لاختيار ممثليهم الـ50 من أصل 293 مرشحًا ومرشحة في الانتخابات البرلمانية التي جاءت بعد قرار أميري لحل مجلس الأمة وفقًا للمادة 107 من الدستور الكويتي التي تتيح حل المجلس لأسباب متعددة.
واجهت الكويت في الفترة الأخيرة جملة من المشاكل الاقتصادية جعلت المرشحين يبرزون ورقة الاقتصاد وحل مشاكله كأداة لفوزهم في الانتخابات اليوم، متذرعين بالإجراءات التقشفية التي اتخذتها الحكومة مؤخرًا، فهل تقدم برامج المرشحين حلولًا للوضع الاقتصادي المتأزم التي تواجهه الكويت؟!
الانتخابات السابعة خلال 10 أعوام
تجري انتخابات مجلس الأمة اليوم في خمس دوائر انتخابية تقدم كل منها عشرة نواب للمجلس يتنافس فيها 293 مرشحًا منهم 14 امرأة، علمًا أن هذه المرة السابعة التي تنظم فيها البلاد انتخابات لمجلس الأمة خلال عشرة أعوام، إلا أن هذه الدورة تتميز بعودة المعارضة للمشاركة في الانتخابات بعد مقاطعة دورتي 2012 و2013 وترشح 30 من أعضائها بينهم العديد من النواب السابقين وسياسيين متحالفين معهم، بالإضافة للإنفاق القياسي لحملات المرشحين الذي قدرته إحصاءات بأنه يزيد ثلاث مرات على ما أنفق في الانتخابات السابقة ليصل إلى نحو مليار و300 مليون دولار.
يعلق الكويتيون أملًا على المجلس المنتخب في مواجهة إجراءات التقشف التي فرضتها الحكومة في الفترة الأخيرة، إذ يُذكر أن ما دفع أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد جابر الصباح لحل المجلس في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي تمهيدًا لانتخابات جديدة هي الخلافات العميقة بين مجلس الأمة والحكومة بخصوص الإجراءات التقشية التي فرضتها الأخيرة من خلال “وثيقة الإصلاح الاقتصادي”.
أحد المرشحين في الانتخابات البرلمانية يقترح فرض رسوم 5% على تحويلات الوافدين المالية
حيث حصلت الحكومة في يونيو/ حزيران الماضي على موافقة البرلمان على الخطة التي أعلنتها لإصلاح أوضاع الاقتصاد على المدى المتوسط والتي عرفت بـ”وثيقة الإصلاح الاقتصادي” حيث تهدف إلى إصلاح الميزانية العامة وإعادة رسم دور الدولة في الاقتصاد وزيادة دور القطاع الخاص وتفعيل مشاركة المواطنين في تملك المشروعات العامة وإصلاح سوق العمل، وعلى إثرها بدأت الحكومة بتطبيق إجراءات تقشفية كرفع أسعار الوقود وخفض الدعم عن سلع وخدمات متعددة.
ويتهم المرشحون المعارضون نواب المجلس المنحل بأنهم كانوا “مهادنين” للحكومة على حساب المواطن وسمحوا لها بتمرير سياساتها التي تمس المواطنين وسكتوا عمّا يصفونه بـ”الهدر” في كثير من جوانب الصرف الحكومي.
الاقتصاد الورقة الأبرز
سجلت الكويت عجزًا في الميزانية للعام المالي الحالي هو الأول منذ 16 عامًا أي منذ السنة المالية 1998 – 1999 إذ بلغ 4.6 مليارت دينار أي نحو 15.3 مليار دولار وقد أعلنت الحكومة عزمها اقتراض 5 مليارات دينار لتمويل ذلك العجز للسنة المالية الحالية 2016 – 2017 التي تنتهي في مارس/ آذار المقبل من خلال إصدار سندات دين وصكوك.
ويُذكر أن الكويت عانت من هبوط أسعار النفط العالمية التي هبطت بواقع 60% منذ منتصف العام 2014، وتعد دولة الكويت أكثر الدول الخليجية اعتمادًا على النفط، حيث تشكل الإيرادات النفطية نحو 90% من إيرادات الموازنة العامة للدولة، وتزيد قدرت الكويت الإنتاجية للنفط حاليًا عن 3 ملايين برميل يوميًا بينما تهدف الحكومة للوصول إلى قدرة إنتاجية قدرها 4 ملايين برميل يوميًا بحلول العام 2030.
وتبعًا للظروف التي يمر بها سوق النفط العالمي تكبدت عجزًا في الميزانية العامة وواجهته بإقرار سياسات تقشفية حسب توصيات من صندوق النقد الدولي، وتبنت سياسة رفع الدعم عن السلع والخدمات المدعومة للمواطنين.
لذا تكلم المرشحون بورقة الاقتصاد لحشد الناخبين لصالحهم في الانتخابات البرلمانية التي تنتهي اليوم وتعلن النتائج مساءً، لامتصاص الغضب الشعبي وكسب أصواتهم لصالحهم احتجاجًا على قرارات الحكومة التقشفية.
سجلت الكويت عجزًا في الميزانية للعام المالي الحالي هو الأول منذ 16 عامًا بلغ 4.6 مليارت دينار
كما استغلوا تداعيات الوثيقة الاقتصادية التي تسببت في تأزم الأوضاع المعيشية لاستقطاب أصوات الناخبين، وأطلقوا وعودًا بالعمل على الحد من أضرار هذه الوثيقة على المواطنين، ولجأ البعض منهم لوعود بفرض ضرائب على الوافدين للحد من استنزاف موارد الدولة على حد زعمهم، والعمل على تحسين أوضاع المواطنين في حال فوزهم.
وذكر أحد المرشحين في أحد الندوات الانتخابية بدلًا من رفع أسعار البنزين على المواطنين يجب أن نفرض رسومًا على تحويلات الوافدين بمقدار 5% ورأى مرشح آخر ضرورة إعادة تقييم أعداد الوافدين في الدولة إذ يعجز بعض الكويتيين عن إيجاد وظيفة في ظل الأزمة الاقتصادية التي تواجه البلاد.
وأطلق أحد المرشحين على الوثيقة الاقتصادية اسم “وثيقة الإفلاس” وتعهد بالتصدي لها، ووصف آخرون العجز في الميزانية بأنه دفتري وليس حقيقيًا واعتبر أن “وثيقة الإصلاح الاقتصادي” اجتهاد حكومي غير موفق وأنها نتيجة ضغوطات سياسية واقتصادية أدت لإيجاد حلول غير استراتيجية لا تبني على واقع اقتصادي واجتماعي وسياسي حقيقي.
وانتقد مرشح آخر أداء الحكومة ومجلس الأمة المنحل واعتبر أن البرلمان السابق فشل في معظم الملفات الاقتصادية التي طُرحت عليه، وذكر أنه أسوأ مجلس مر في تاريخ الكويت، مؤكدًا أنه لم ينجح في تحديث البنية التحتية وحل مشاكل السكن واعتبر أن مشاريع المجلس لا تعدو أن تكون حبرًا على ورق.
يُذكر أن الحكومة سبق ورفضت اقتراح مجموعة من النواب بفرض ضريبة على التحويلات المالية إذ قال مسؤولو الدولة إنه إجراء قد يساهم في تنشيط السوق السوداء وهو ما قد ينعكس سلبًا على الاقتصاد الكويتي.
والخلاصة أن برامج المرشحين لا تنم عن حلول جذرية للوضع الاقتصادي إذ تناسوا أن المشكلة تتعلق بهيكلية الاقتصاد الكويتي الريعي الذي يعتمد بكليته على إيرادات النفط والتي سببت مشكلة بعد انخفاض الأسعار، ومن ثم بادروا لعرض حلول تجميلية من قبيل فرض رسوم على التحويلات المالية للوافدين لا تفيد في إعادة التوازن للميزانية المالية.