تعرضت ناقلة تجارية إسبانية لإطلاق نار عندما تعرضت لقذيفة “آر بي جي” من قارب صغير كان قد اعترض السفينة حيث تعرضت هذه الناقلة لأضرار كبيرة جداً نتيجة الهجوم. وبعد هذا الهجوم بيومين فقط تعرضت ناقلة الغاز المسال “ميلاتي ساتو” التي تم إنقاذها لاحقاً من قِبل سفينة تابعة للبحرية السعودية لهجوم بقذائف “آر بي جي” أيضاً.
في سياق متصل حدثت عدة هجمات خلال شهر أكتوبر من هذا العام على السفن الأمريكية, في منطقة باب المندب, حيث تعرضت حاملة الطائرات “يو اس اس بونس” و “يو اس اس ميسون” لهجوم من المتمردين الحوثيين مما اضطر السفن الحربية الأمريكية لنشر مضاد للصواريخ ودفعها أيضاً لشن ضربات بصواريخ “كروز” ضد أهداف في اليمن.
السؤال الجوهري هو.. من المسؤول عن هذه الهجمات..؟ إن أبرز جماعة مسلحة وغير حكومية, تنشط في الأراضي اليمنية المجاورة لمضيق باب المندب, هي جماعة التمرد الحوثية, التي تعارض الحكومة الشرعية المعترف بها دولياً. وبالرغم من أن هذه الهجمات جاءت من المناطق التي يسيطر عليها المتمردون, إلا أن هؤلاء المتمردين ينفون أية صلة لهم بهذه الهجمات, ومع ذلك فإن قوات الحوثيين قد أعلنت مسؤوليتها عن الهجوم الصاروخي في 1 أكتوبر ضد السفينة الإماراتية “سويفت” التي أصيبت بأضرار فادحة.
تقول شركة “الآن وشركاه” التي تعمل على تقديم خدمات استشارية في إدارة المخاطر الأمنية للأفراد والشركات والوكالات” :أنه ونظراً لتشابه التكتيك ومكان وقوع هذه الهجمات فإن جماعة الحوثيين هي المسؤولة عن الهجمات ضد السفن البحرية.
المخاطر الأمنية: التهديدات بالنسبة للشحن البحري
إن الآثار المترتبة على تدهور الوضع الأمني هي كبيرة جداً خاصة في واحد من أهم النقاط البحرية الهامة في العالم. إن باب المندب هو أضيق مضيق بحري وهو عبارة عن 29 كيلو متراً، وتقدر قيمة التجارة بين آسيا وأوروبا, التي تمر عبره ما يقارب من 700 مليار دولار سنوياً.
قدرت إدارة معلومات الطاقة في الولايات المتحدة الأمريكية في شهر أبريل من عام 2015 بأن 4.7 مليون برميل من النفط الخام والبترول مرت عبر المضيق يومياً في العام السابق. إن كل حركة المرور البحرية عبر قناة السويس التي تعتبر أقصر الطرق بالنسبة للشحن الأوربي يجب أن تمر عبر مضيق باب المندب للوصول إلى خليج عدن ومن ثم إلى المحيط الهندي. وقدر الشحن في شهر مارس وحدة من هذا العام ما يقارب من 1.5 طن متري من الشحن في 80495 سفينة عبرت إلى قناة السويس.
إن تهديد الأمن في مضيق باب المندب سيترتب علية عواقب اقتصادية وخيمة على التجارة العالمية, والتي يمكن أن تخلق مشاكل كبيرة لكل من الأساطيل التجارية والشركات. يجب أن تكون خطوط السير البحرية بعيدة عن البحر الأحمر وإن الاستمرار في عبور هذا المضيق سيترتب علية ارتفاع التكاليف والعواقب الأمنية.
تهديدات الأعمال التجارية: معضلة اتخاذ طرق بديلة
إن اقصر الطرق البديلة للحركة البحرية بين آسيا وأوروبا هي عبر راس الرجاء الصالح, الذي من شأنه أن يضيف 3000 ميل بحري على الأقل للشحن البحري, الذي سيسبب هبوطاً في مستوى الإيرادات والأرباح لشكات الشحن البحري, حتى وإن عبرت هذه السفن مضيق باب المندب فإنها ستواجه أيضاً تكاليف إضافية كبيرة مثل ارتفاع أقساط التأمين والمدفوعات للموظفين للتعويض عن ارتفاع مستويات المخاطر.
يجب تضافر الجهود الدولية للقضاء على التهديدات, التي تتعرض لها السفن من قِبل المتمردين الحوثيين في مضيق باب المندب خاصة مع مقدرة هذه الجماعة على التنقل في مناطق جنوب غرب اليمن.
توصيات أمنية للملاحة التجارية
إن شركة (أي تو-A2) وهي شركة تعمل على تقديم الخدمات الاستشارية في إدارة المخاطر الأمنية للشركات والوكالات توصي جميع مديري الأمن البحريين والقائمين على الخدمات اللوجستية البحرية اعتبار جنوب البحر الأحمر وخليج عدن منطقة غير آمنة حتى تستقر الأوضاع هناك.
توصي الشركة جميع السفن التي تعبر المضيق باتخاذ إجراءات من شأنها تخفيف أضرار أي هجوم على هذه السفن مثل زيادة سرعة السفينة عند العبور نهاراً وعلى السفن التي لا تستطيع زيادة سرعتها اتخاذ طريقاً آخر, أيضاً يجب الاتصال مع القوات البحرية الدولية المتواجدة في المنطقة خلال جميع الأوقات وتدريب طاقم هذه السفن على الإجراءات التي يجب اتخاذها أثناء حدوث اي هجوم صاروخي أو بقذائف “آر بي جي” أو حتى بالأسلحة الخفيفة.
توصي شركة “أي تو” أيضاً الجهات الأمنية البحرية بالنظر في الاستشارات التي ذكرتها والاستعداد لمزيد من التدهور الأمني في مضيق باب المندب.
على ما يبدو أن الوضع في مضيق باب المندب في ازدياد مما سيعرض السفن البحرية التجارة والمدنية للخطر. مع تواجد هذه التهديدات يجب على شركات الشحن البحري إعادة النظر في الفوائد التي تجنيها من مرورها عبر مضيق باب المندب أو تحويل سيرها عبر السواحل الإفريقية تجنباً لأي تهديدات محتملة من المتمردين.
المصدر: مارتين إكسكيوتف / ترجمة مسند للأنباء