وفاءً للأمير رضا علي خان – أحد حكام ولاية رامبور المتنورين في الهند – ، والذي جعل من مكتبة رامبور الرسمية وقفية عامة، وزوّدها بالكثير من الكتب والمخطوطات واللوحات الفنية وحوّلها مع الإمارة كلّها إلى مركز إشعاع فكري وثقافي، قامت الحكومة الهندية بتغيير اسم المكتبة والتي تتخذ من قصر بهيّ الشكل بطراز هندي إسلامي بناه الأمير حامد علي خان مقراً لها، إلى “مكتبة رضا”، وذلك بعد الإستقلال سنة 1947.
القصر الذي يقع على بعد 210 كيلو متراً من العاصمة نيودلهي، تم اتخاذه للمكتبة التي تأسست من عام 1737 على يد الأمير علي خان حيث أودع فيها ذخائره ومخطوطاته الشخصية كما فعل أعيان دولته، وتضم حالياً أكثر من 90 ألف كتاب قديم مطبوع باللغات العربية والأوردية والفارسية والسنسكريتية والبشتية وغيرها، إضافة إلى أكثر من 21000 مخطوطة ، بينها 5500 مخطوطة عربية، فضلاً عن 5000 لوحة فنية من صور ومنمنمات نادرة و3100 لوحة خطوط عربية أبدعتها أيدي كبار الخطاطين العرب والمسلمين.
المكتبة شهدت عصراً ذهبياً خلال الفترة من 1894 و 1935 – أي منذ عهد الحكيم أجمل خان إلى عهد السيد جيف مان – حيث رفدت بالكتب والمخطوطات النادرة من مختلف أصقاع العالم العربي والاسلامي والهند بالإضافة إلى خزائن ومكتبات العديد من حكّام الولايات والمقاطعات الهندية.
المكتبة حظيت باهتمام و رعاية العديد من الشخصيات السياسية والأدبية والعلمية مما جعلها ذات أهمية ومركز لاشعاع العديد من العلوم للعالم، منهم الشاعر الأمير ميناي، والبروفسور نور الحسن، حاكم ولاية البنغال الغربي، ومولانا أبو الكلام آزاد، ومولانا امتياز علي عرش، ومولانا نجم الغنى، والحافظ أحمد علي خان شوق وغيرهم.
ومن الأمثلة على إشعاعات المكتبة، القاموس اللغوي الشهير “أمير اللغات” والذي دفعت المكتبة حماس الأمير ميناي للعمل عليه، والذي كان قد ذاعت شهرته وقتها وبات من علامات المكتبة الكبرى اليوم.
وفي العصر الحديث القريب ، قام ووزير التربية الهندي البروفسور نور الحسن بخدمات عديدة لمكتبة رضا لم يسبقه إليها أحد، فجعل منها مكتبة وطنية شاملة ، وزاد ميزانيّتها السنوية من 48 ألف روبية، إلى مئات الآلاف، بل الملايين من الروبيات الهندية اليوم.
وفي مكتبة رضا ثمة نسخة من القرآن الكريم خطت بالذهبي واللازوردي والعقيقي الخطاط البغدادي يعقوب المستعصمي في نسخة يتيمة دون أي مثيل لها في المكتبات العربية والإسلامية، بالإضافة إلى احتوائها على نسخة مخطوطة من كتاب تفسير علي عبد الله سفيان الثوري ويرجع زمنها إلى القرن التاسع الميلادي.
وعن المكتبة، قال العلامة شبلي النعماني الذي زار المكتبة في شهر إبريل من عام 1914: “جلت في مكتبات الروم ومصر وبغداد ودمشق الكبرى كلّها، ولم أجد بينها ما هو أغنى وأغزر وأندر من نفائس مكتبة رامبور الهندية، وقد استفدت منها أضعاف ما استفدته من غيرها، داخل الهند وخارجها”.
مكتبة رضا في رامبور ليست مكتبة وحسب، بل ثروة علمية وثقافية ليس للهند وحسب، وإنما للعالم بأسره، حيث اعترف كثيرون من أهل العلم والثقافة بأنها أعظم مكتبة آسوية لما تحتوي من كتب قديمة وذخائر علمية نادرة.