استعادت قوات النظام السوري وحلفاؤها أمس الأحد السيطرة على حيين جديدين في شرق حلب، غداة تمكنها من السيطرة على أكبر الأحياء الخاضعة لسيطرة الفصائل المعارضة (هنانو وجبل بدرو والإنذارات شرقي المدينة)، وفق ما أكد المرصد السوري لحقوق الإنسان.
حيث تشن قوات النظام وفق المرصد معارك عنيفة في حي الصاخور الاستراتيجي الذي من شأن السيطرة عليه تقسيم الأحياء الشرقية إلى جزأين.
وتأتي سيطرة قوات النظام على هذه الأحياء الثلاث خلال 24 ساعة، في إطار هجوم بدأته منتصف الشهر الحالي لاستعادة الأحياء الشرقية وتضييق الخناق على مقاتلي الفصائل المعارضة، حيث تقول المعارضة إن النظام يعتمد في هذه المعركة على مليشيات إيرانية وعراقية، وإن ضباطًا روسًا هم من يديرون المعركة في حلب حاليًا، كما أن النظام اتبع خطة عسكرية في هجومه، تقضي بفتح جبهات عدة في وقت واحد، بهدف إضعاف مقاتلي الفصائل وتشتيت قواهم.
وتعرضت الأحياء المحاصرة شرقي المدينة لقصف عنيف من قوات النظام، مما أسقط قتلى وعشرات الجرحى، كما تركز القصف في أحياء الحيدرية والهلك وبعيدين والإنذارات والشيخ فارس والصاخور، بحسب مصادر إعلامية تابعة للمعارضة.
وتزامنًا مع تقدم قوات النظام، تمكن المقاتلون الأكراد الأحد وفق المرصد من السيطرة على جزء من حي بستان الباشا، والذي كان تحت سيطرة الفصائل المعارضة، وحي الهلك التحتاني، وهما منطقتان مجاورتان لحي الشيخ مقصود ذي الغالبية الكردية، وبحسب مقاتلين في المعارضة “استغل المقاتلون الاكراد المعارك التي تخوضها الفصائل للتقدم من الشيخ مقصود والسيطرة على هاتين المنطقتين”.
معركة تحديد مصير
معركة حلب باتت اليوم أشبه بـ”معركة تحديد مصير”، من شأن نتائجها أن تحسم مسار الثورة المتواصلة منذ أكثر من خمس سنوات ووقع فيها أكثر من 300 ألف قتيل.
وبسيطرة النظام على هذه الأحياء، سيتمكن من تقسيم الأحياء الشرقية الواقعة تحت سيطرة المعارضة إلى شطرين: شمالي وجنوبي، مما يعني تضييق الخناق على المعارضة المسلحة والمدنيين، فـ250 ألف شخص محاصرين هناك، وكانت آخر قافلة مساعدات دخلت شرق المدينة في يوليو/ تموز الماضي.
#BREAKING #NewsMap
Pro-#Assad forces captured all of northern #Aleppo.
Rebel-held area reduced by 40% since the weekend.#WorldFail #Syria pic.twitter.com/d52lw5L03w
— Julian Röpcke (@JulianRoepcke) November 28, 2016
وبحسب محللين عسكرين، فإن هدف النظام بهجمته الشرسة على المدينة هو الضغط على السكان المدنيين لإجبار الثوار على الانسحاب من المدينة، واستنزاف فصائل المعارضة باستهلاك ذخائرها وإفقادها المقدرة النارية على صد أي هجوم لقوات النظام، ومن ثم تقتحم الأخيرة الأحياء التي تسيطر عليها المعارضة بعد عزلهم في كانتونات صغيرة.
مقترح بـ”قوة عسكرية” داخل سوريا
كبير الباحثين في مركز التقدم الأمريكي بواشنطن وليام دانفرز دعا إلى أن تلجأ الولايات المتحدة للأمم المتحدة لاستصدار قرار من مجلس الأمن ينص على إرسال قوة عسكرية لتوصيل المساعدات الإنسانية إلى المناطق المحاصرة في سوريا وخاصة حلب، وفرض عقوبات على من يمنعون وصول المساعدات إلى المدنيين.
وقال دانفرز في مقابلة مع قناة الجزيرة مساء أمس إنه في حال فشل العقوبات فإن على الولايات المتحدة وحلفائها في حلف شمال الأطلسي (ناتو) تشكيل قوة عسكرية من الحلف لتوصيل العون الإنساني إلى المدنيين المحاصرين.
وأكد دانفرز في مقابلته، عدم وجود إمكانية فورية لتسوية سياسية للحرب في ظل الوضع الراهن، كما أكد عدم وجود إمكانية لحسم الصراع عسكريا، “فحتى لو سيطرت قوات النظام على كل سوريا فإن المعارضة ستستمر”.
كوارث إنسانية تلوح في الأفق
الوضع في الأحياء الشرقية للمدينة أقل ما يوصف بأنه كارثة إنسانية كبيرة بسبب القصف الوحشي من طائرات النظام وروسيا لتلك الأحياء الخاضعة لسيطرة المعارضة المسلحة، بحسب الدفاع المدني في حي الأنصاري بحلب.
حتى إن فرق الدفاع المدني أصبحت عاجزة عن انتشال المدنيين من تحت الأنقاض بسبب نقص المواد كالمحروقات والآليات بسبب استهداف القصف مراكز الدفاع المدني، كما أن جميع المستشفيات في أحياء حلب الشرقية توقفت عن العمل بسبب القصف.
وبعد نحو أسبوع من المعارك العنيفة، فرّ أكثر من عشرة آلاف شخص من شرق حلب نحو المناطق الخاضعة لسيطرة النظام وحي الشيخ مقصود الواقع تحت سيطرة الأكراد، بحسب ما أعلن المرصد السوري لحقوق الإنسان .
المرصد أوضح أن نحو عشرة آلاف مدني فروا من شرق حلب منذ ليل السبت، مضيفًا أن ستة آلاف على الأقل من بينهم اتجهوا إلى حي الشيخ مقصود، في الوقت الذي تحدثت فيه مصادر عن تسليم عدد من العائلات نفسها لقوات النظام والمليشيات الموالية له، ولم يعرف بعد مصير تلك العائلات.
ويبقى السؤال هنا، هل ينجح النظام – في ظل الحصار والتجويع وتقسيم أحياء حلب – في فرض تسويات على الثوار لمغادرة المدينة بعد أن يحصرهم في حي أو حيين من أحيائها، ولو فرض النظام سيطرته بالكامل على المدينة، هل يستطيع التمدد في كل محافظات سوريا ذات الأكثرية السنية والتي لديها ثأر مع النظام؟