يتجه الاتحاد العام التونسي للشغل (المركزية النقابية)، إلى تنفيذ إضراب عام في القطاع العمومي يوم الـ8 من ديسمبر المقبل، احتجاجًا على عدم التزام الحكومة الحالية باتفاقية سابقة تتعلق بالزيادة في رواتب موظفي القطاع العام.
عدم التوصل لاتفاق بين الطرفين
لم تتوصل المفاوضات التي جمعت، نهاية الأسبوع المنقضي، وفدًا حكوميًا بوفد من الاتحاد العام التونسي للشغل إلى أي اتفاق بخصوص مسألة صرف الزيادات في الأجور،وتمسك الطرف النقابي خلال جلسة التفاوض بطلبه المتمثل في وجوب صرف الزيادة في الأجور بداية من يناير سنة 2017، في حين تشبث الجانب الحكومي، باقتراحه صرف هذه الزيادات بداية من أكتوبر 2017 مع إضافة مقترح جدولة الزيادات المتعلقة بالأشهر التسعة الأولى من 2017 انطلاقًا من سنة 2018.
وقدّمت الحكومة التونسية، مقترحًا للاتحاد بتأجيل صرف الزيادة لتسعة أشهر مع الانطلاق في صرفها ابتداءً من شهر أكتوبر من سنة 2017 وجدولة زيادات الأشهر التسعة الأولى للسنة نفسها انطلاقًا من يناير 2018 إلى ديسمبر 2019.
التأخير في تطبيق الاتفاق هو إلغاء للاتفاق، وينسف الحوار الاجتماعي، ويقلل من مصداقية المفاوضات
ويُطالب اتحاد الشغل، حكومة بلاده بتطبيق اتفاق سابق بخصوص صرف زيادات في الرواتب، غير أن الحكومة تقول إن وضع المالية العمومية لا يسمح بمثل هذه الزيادات، وتطالب الاتحاد بتأخير صرف الزيادات لأكثر من عام، وكانت الحكومة قد قررت تجميد رواتب موظفي القطاع العام ضمن مشروع قانون الموازنة تحت ضغط المقرضين الدوليين الذين يطالبون بخفض الإنفاق لتقليص عجز الموازنة، وتضمن مشروع الموازنة للعام المقبل، فرض إجراءات ضريبية على المحامين والأطباء ورفع أسعار الكهرباء مما خلق أزمة اجتماعية أمام حكومة يوسف الشاهد التي تسلمت الحكم قبل أكثر من 3 أشهر.
واعتبر الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل الحسين العباسي، في وقت سابق، أن التأخير في تطبيق الاتفاق “هو إلغاء للاتفاق وينسف الحوار الاجتماعي ويقلل من مصداقية المفاوضات ويضرب آلية التفاوض في ظل عدم احترام الاتفاقيات وهو ما يمثل أمرًا محيرًا ولا يوفر إشارات مطمئنة للعمال ولمستقبل العلاقات الاجتماعية.”
وتبرر الحكومة إجراء التجميد في الزيادة في الأجور، بارتفاع كتلة أجور موظفي القطاع العام في تونس إلى 13.7 مليار دينار تونسي (نحو 5.5 مليارات يورو) في 2017 مقابل 13.150 مليار دينار (نحو 5.3 مليارات يورو) في 2016، وزاد عدد موظفي القطاع العام في تونس بين عامي 2010 و2016 بنسبة 50% وتضاعفت كتلة الأجور بنسبة 100% وفق إحصائيات رسمية.
يتهم الاتحاد منظمة أرباب العمل بـ”التراجع عن التزاماتها، وخاصة منها الاتفاقيات والتعهدات التي وقعتها سابقًا والتي تنص على رفع رواتب العمال
بالتزامن مع الإضراب العام المقرر في القطاع العمومي، أقر اتحاد الشغل إضرابًا عامًا في القطاع الخاص، يحدد موعده لاحقًا، ويرجع الاتحاد قرار هذا الإضراب لعدم انطلاق المفاوضات مع اتحاد الصناعة والتجارة والصناعات التقليدية (منظمة أرباب العمل،( ويتهم الاتحاد منظمة أرباب العمل بـ”التراجع عن التزاماتها، وخاصة منها الاتفاقيات والتعهدات التي وقعتها سابقًا والتي تنص على رفع رواتب العمال.”
وبدوره رفض اتحاد الصناعة والتجارة والصناعات التقليدية (منظمة أرباب العمل) مقترحًا بمساهمة ضريبية استثنائية بنسبة 7.5% على أصحاب المؤسسات.
احتجاجات متكررة مناهضة لمشروق قانون المالية الجديدة
آخر التحركات الاحتجاجية على مشروع قانون الميزانية لسنة 2017، خاصة فيما يتعلق بإصرار الحكومة على تجميد الزيادة في الأجور، بعنوان سنتي 2017 و2018، في الجهات الداخلية، شهدته أمس الأحد محافظة صفاقس (جنوب).
وتجمّع آلاف العمال، بدعوة من الاتحاد العام التونسي للشغل، تنديدًا بما اعتبره “إخلال الحكومة باتفاقية وقعتها العام الماضي تتعلق بزيادة أجور القطاع العام.”
ورفع المحتجون شعارات تطالب بعدم التراجع عن حقهم في زيادة الأجور وعدم الرضوخ لإملاءات صندوق النقد الدولي – في إشارة لبرنامج القرض الذي حصلت عليه تونس من الصندوق وفق شروط وإصلاحات اقتصادية منها ضبط نفقات الأجور –.
يعتزم محامو تونس، الدخول في إضراب عام، غدًا الثلاثاء ولمدة ثلاثة أيام احتجاجًا على إجراءات ضريبية جديدة تطال أعمالهم
وشهدت محافظة القصرين (الوسط الغربي)، في وقت سابق، تحركًا احتجاجيًا عماليًا أشرف عليه الأمين العام المساعد للمنظمة الشغيلة سامي الطاهري، وأكّد فيه الطاهري أن أمام الحكومة خيارين: إما التراجع عن بعض فصول ميزانيتها وتدارك أمرها والبحث عن أموال الدولة لدى المهربين والمتهربين من الضرائب أو أن تستعد إلى مواجهة لن يتراجع فيها الاتحاد العام التونسي للشغل حتى يسقط القوانين التي تضرب حقوق العمال.
إلى جانب احتجاجات اتحاد الشغل، يعتزم محامو تونس، الدخول في إضراب عام، غدًا الثلاثاء ولمدة ثلاثة أيام احتجاجًا على إجراءات ضريبية جديدة تطال أعمالهم، وأعلنت الهيئة الوطنية للمحامين التونسيين خلال جلسة استثنائية انعقدت حتى ساعة متأخرة من يوم السبت، “إقرار إضراب عام حضوري (الحضور بالمحاكم) مع غلق المكاتب، الثلاثاء المقبل ولمدة ثلاثة أيام”.
وأكّد أعضاء الهيئة نيتهم التوجه لمقر البرلمان والمرابطة به بداية من اليوم، حتى عرض مشروع قانون الماليّة على لجنة المالية والمصادقة عليه في الأول من ديسمبر المقبل، والأربعاء الماضي حاول مئات المحامين الغاضبين اقتحام مقر البرلمان، احتجاجًا على الإجراءات الضريبية الجديدة في مشروع موازنة الدولة لسنة 2017.
وأقر مشروع قانون المالية فرض ضريبة على كل أعمال المحامين من قضايا وعقود يحررونها تقدر بـ60 دينارًا (نحو 27 دولارًا) الأمر الذي اعتبره المحامون “إجراءات ظالمة”.
بدورها لوحت عمادة الأطباء في تونس (هيئة تضم الأطباء)، اليوم، بتصعيد تحركاتها الاحتجاجية ضد مشروع قانون الموازنة العامة لسنة 2017، وترفض عمادة الأطباء ونقابات الأطباء وأطباء الأسنان في تونس مقترح الحكومة بالتنصيص على المعرف الجبائي على الوصفات الطبية.
يقدّر حجم موازنة الدولة لعام 2017 التي انطلق البرلمان في مناقشتها الأسبوع الماضي، قبيل إقرارها في قانون والمصادقة عليها، 32 مليار دينار (نحو 15 مليار دولار)
وعبّر نبيل بن زينب الناطق الرسمي باسم تنسيقية عمادات ونقابات الأطباء وأطباء الأسنان في مؤتمر صحفي بالعاصمة عن رفض الهياكل الطبية القاطع للتنصيص على المعرف الجبائي على الوصفات الطبية، محذرًا من أن يطال هذا الإجراء السر الطبي ويعرض المعطيات الشخصية المتعلقة بصحة العملاء إلى الكشف عن طبيعة أمراضهم أو حالتهم الصحية.
ويقدّر حجم موازنة الدولة لعام 2017 التي انطلق البرلمان في مناقشتها الأسبوع الماضي، قبيل إقرارها في قانون والمصادقة عليها، 32 مليار دينار (نحو 15 مليار دولار)، بعد أن كانت 29 مليار دينار (13.4 مليار دولار) في 201،. ويتوقع أن تطلب تونس قروضًا دولية بقيمة 2.78 مليار دولار العام القادم لتغطية العجز المتوقع في الميزانية لعام 2017، وهذا ضعف المبلغ الذي احتاجته عام 2016.
وتسعى تونس في إطار سياسة التقشف التي أقرتها، لفرض زيادات ضريبية على المهن الحرة منها الطبّ والمحاماة، وبعض القطاعات الأخرى، إضافة لتجميد الزيادات في الأجور في القطاع العام، لدعم الموارد المالية للدولة، لكن خطتها تجد رفضًا من شريحة واسعة من التونسيين.