بعد رحيل كاسترو.. كوبا مهددة بقطيعة من ترامب

kstrw-trmb

هدد الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب والذي سيتولى الرئاسة الأمريكية يوم 20 من كانون الثاني/ يناير المقبل، خلال حملته الانتخابية، بوقف توجه الرئيس الأمريكي بارك أوباما بتحسين العلاقات مع كوبا، بسبب انتقادات بشأن الحريات الدينية، هذه التهديدات حان وقتها اليوم لدى ترامب بعد رحيل رمزها فيديل كاسترو منذ أيام قليلة، حيث أعلن الرجل الجدلي أمس في تغريدة على صفحته الرسمية، أنه سينهي اتفاق الولايات المتحدة مع كوبا في حالة عدم التوصل إلى اتفاق أفضل من الموضوع حاليًا.

وقال ترامب في تغريدته: “إذا لم تكن كوبا راغبة في التوصل لاتفاق أفضل للشعب الكوبي، والمواطنين الأمريكيين/ الكوبيين وللولايات المتحدة بأسرها، سأنهي الاتفاق”.

جاءت تغريدة ترامب بينما تستعد كوبا لتأبين فيديل كاسترو القائد الشيوعي الذي قاد ثورة 1959 وحكم كوبا على مدى نصف قرن معاديًا فيها أمريكا، وكان ترامب قد صرح بأن إدارته ستفعل “ما في وسعها” عندما يتولى السلطة يوم 20 من يناير/ كانون الثاني لدعم الحرية والرخاء للكوبيين بعد وفاة كاسترو.

هل سينفذ ترامب تهديده تجاه كوبا؟ حيث يبدي الكثير من الكوبيين قلقهم من أن ترامب قد يغلق التجارة بين الولايات المتحدة وكوبا وتخفيف قيود الانتقال والسفر التي بدأها أوباما في العامين الماضيين، في الوقت الذي لم تبد بعد الحكومة الكوبية أي تصريحات إزاء ترامب.

إلى ذلك، أعلن البيت الأبيض أمس الإثنين أن الرئيس باراك أوباما لن يحضر جنازة فيدل كاسترو، رافضًا الإجابة على سؤال بشأن من سيرأس الوفد الأمريكي، وقال المتحدث باسم البيت الأبيض جوش أرنست: “لا الرئيس ولا نائب الرئيس (جو بايدن) سيسافران لحضور جنازة فيدل كاسترو”، كان أوباما قد نجح في بدء عملية التقارب مع كوبا لكنه لم يلتقِ كاسترو خلال زيارته التاريخية إلى هافانا في وقت سابق من هذه السنة.

وفي السياق ذاته، دافع البيت الأبيض بقوة عن التقارب مع كوبا مؤكدًا أنه يصب في صالح الأمريكيين، بعد أن هدد ترامب بوقفه، حيث قال أرنست إن التقارب مع النظام الشيوعي كان مفيدًا للشعب الكوبي ومفيدًا كذلك للشعب الأمريكي، وأضاف: “نظرًا للتأييد القائم في كوبا لهذه السياسة فإنه من الصعب شرح لماذا ينبغي العودة إلى الوراء”، معتبرًا أن ذلك سيكون أمرًا معقدًا، مضيفًا: “الأمر ليس بالسهولة التي وردت في تغريدة ترامب”.

شخصيات عدة من الجمهوريين نددوا طول نهاية الأسبوع بكاسترو الذي توفي، ولم يهدد أحد بوضوح بإنهاء التقارب الذي يشكل أحد أبرز إنجازات الإدارة الديمقراطية المنتهية ولايتها، لكن أوساط ترامب سبق وأن حذرت من أن باراك أوباما قدم الكثير من التنازلات لهافانا وخصوصًا عبر تخفيف الحظر الاقتصادي الأمريكي المفروض منذ عام 1962 دون الحصول على مقابل من هافانا بخصوص حقوق الإنسان أو الديمقراطية أو اقتصاد السوق.

هل انتهى شهر العسل إذًا؟

على مدى عقود قاومت كوبا بضراوة ما ترى أنه المحاولات الأمريكية لتغيير نظامها السياسي الداخلي، وذلك بعد أن فُرض الحظر عليها في عهد الرئيس الديمقراطي جون كينيدي عام 1962.

كاسترو والذي يعتبر زعيمًا متشبعًا بالشيوعية الثورية، يمثل كل ما هو مخالف لأمريكا في رأسماليتها، فبعدما أطاح بحكومة فولغينسيو باتيستا الصديقة لأمريكا بثورة عسكرية، أصبح من أخطر أعداء أمريكا منذ بداية الحرب الباردة، ودائمًا ما كان يتمنى رؤساء أمريكا على مر العصور التخلص منه علانيةً، وفي سبيل ذلك، حاكت المخابرات الأمريكية مئات المؤامرات للتخلص من كاسترو.

وفي إطار التقارب التاريخي بين البلدين وبعد أكثر من نصف قرن من العداء، شطبت الولايات المتحدة كوبا رسميًا من قائمتها السوداء “للدول الداعمة للإرهاب”.

وكان رفع كوبا من القائمة الأمريكية عقبة أمام استعادة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين بعد انقطاع دام 54 عامًا، حيث كان هذا القرار منتظرًا منذ أن أبدى باراك أوباما تأييده له وبعدما فرضته هافانا كشرط مسبق لإعادة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين.

وكان قرار أوباما بمراجعة وضع كوبا في “قائمة الدول الداعمة للإرهاب” جزءًا من نقلة كبيرة في السياسة الأمريكية تجاه كوبا في 17 من ديسمبر من العام الماضي، عندما أعلن مع الرئيس الكوبي راؤول كاسترو أنهما سيسعيان لإعادة العلاقات الدبلوماسية بين بلديهما والتي قطعتها واشنطن عام 1961.

كانت كوبا تقول إن بقاء اسمها في قائمة الإرهاب يعتبر عقبة أمام استعادة كامل العلاقات الدبلوماسية وتطوير بعثتي مصالحهما في كل من واشنطن وهافانا إلى سفارتين، يذكر أن البلدين قد أعادتا فتح سفارتيهما المتبادلة العام الماضي بعد مرور أكثر من 54 عامًا على إغلاق السفارة الأمريكية في هافانا أيام “الحرب الباردة”، كما أن الولايات المتحدة وضعت كوبا في “القائمة السوداء للإرهاب” عام 1982 عندما ساندت الأخيرة الحركات المسلحة في أمريكا اللاتينية.

شهر العسل الذي صنعه أوباما مع كوبا في عهده، ربما يوشك على الانتهاء على يد ترامب، حيث اعتبر هذا الانفتاح من الإنجازات الخارجية لإدارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما التي تفتخر بانفتاحها على أنظمة طالما نبذتها إدارات سابقة.