ترجمة وتحرير نون بوست
أصبحت بوادر الصراع على خلافة المرشد الأعلى الإيراني واضحة بين كل من الإصلاحيين والمحافظين المتشددين.
في المقابل، يبقى السؤال مطروحًا عن كيفية اختيار خليفة جديد لخامنئي مع غياب تام للترتيبات الانتخابية، على الرغم من ذلك، ما زال علي خامنئي البالغ من العمر 77 سنة، مرشدًا أعلى لإيران، حيث لم ينأ عن مواصلته إلقاء الخطابات والتدخل في الشؤون العسكرية للبلاد.
ويؤمن الكثير من المراقبين أن اتفاقية النووي الإيراني المبرمة مع كل من الولايات المتحدة والقوى الغربية الأخرى، ستكون الفيصل في تحديد ملامح الدولة الإيرانية الجديدة، في مرحلة ما بعد خامنئي فضلاً عن تحديد من الذي سيخلفه.
ويطمع الإصلاحيون في الاستفادة من الاتفاقية النووية المبرمة، حيث يعتبرون أن الرئيس الحالي حسن روحاني الذي انتُخب منذ سنة 2013 الأجدر لخلافة خامنئي، لأنه يعكس صورة المرشح المعتدل، في المقابل، يحاول كل المحافظين المتشددين الحول دون ذلك.
من جهتهم، لم يصرح أي مسؤول من داخل الأوساط الحاكمة، على غرار الحرس الثوري ورجال الدين المسؤولين عن المدن الإيرانية المقدسة كمدينتي قم ومشهد، بوجود ما يدل على ضرورة أن يكون المرشد الأعلى رجلاً صاحب مقام ديني رفيع، منذ ثورة 1979، أي تاريخ إعلان قيام دولة الفقيه، مما يثير الشكوك بخصوص مستقبل الدولة الدينية في إيران.
وفي هذا السياق، صرح أحد الممثلين عن الإصلاحيين قائلاً: “لقد وتّر الاتفاق النووي الأخير رجال السياسة وأصبح اختيار خليفة لخامنئي أمرًا حساسًا جدًا”، وتجدر الإشارة إلى أن جميع القرارات المهمة والحاسمة في البلاد يجب أن يُوافق عليها المرشد الأعلى أولاً، قبل إصدارها رسميًا، كالقرارات الاقتصادية والحياة الأسرية والتعليم، حيث يتصرف المرشد الأعلى في كل الجوانب الحياتية داخل إيران، فلن يتم هناك اتفاق نووي دون موافقة علي خامنئي.
وفي نفس السياق، أكد مقربون من خامنئي أنه لن يترك منصبه لشخص متساهل مع الولايات المتحدة، التي تعتبر عدوة حقيقية لإيران، مشيرًا إلى أن تعزيز تدخلها في الشأن الإيراني من شأنه أن يهدد مبادئ ولاية الفقيه، خاصة بعد فوز المرشح الجمهوري دونالد ترامب بالانتخابات الأمريكية، والذي لم يخف عدائه لطهران، في المقابل تخدم هذه العداوة مع الأمريكيين مصلحة المحافظين المتشددين الذين يقدمون أنفسهم على أنهم أشد المعارضين للتدخل الأمريكي في الشؤون الإيرانية.
يُعرف علي خامنئي بأنه رجل لا يبكي أمام العامة، لكن تفاجأ الإيرانيون، مؤخرًا ببكاء قائدهم الأول مباشرة على القناة الأولى، على هامش اجتماع مجلس الشورى الإيراني المكلف بتعيين خليفة لخامنئي مع حلول شهر آذار/ مارس القادم، وقال خامنئي أمام هذا المجلس إنه يعتبر التغلغل الأمريكي داخل النظام السياسي الإيراني مؤامرة خطيرة، لأنه يجبر رجال السياسة الإيرانيين على اتخاذ قرارات تُرضي واشنطن وتُزعزع فكرة وجود إسلام سياسي داخل عقول الشعب الإيراني.
يمثل هذا الخطاب للمرشد الأعلى الإيراني علامة مهمة في تحديد ملامح خليفته القادم، كما أنه يؤكد على أهمية الاتفاق النووي مع القوى الغربية، الذي ستكون له تأثيرات كبرى على الاختيارات السياسية والاقتصادية للدولة الإيرانية.
يُقدم علي خامنئي نفسه كحامٍ للمسلمين من تهديدات كل من الولايات المتحدة والكيان الصهيوني، ويعتبر هذا الدور أحد أهم أدوار المرشد الأعلى خلال فترة حكمه، حيث جعل خامنئي من إيران قوة إقليمية لا يستهان بها، في المقابل، يرى الإصلاحيون أنه من الأجدر أن تتم عملية تعيين خليفة خامنئي عن طريق تصويت شعبي، كما يعتبرون السيطرة المطلقة للمرشد الأعلى على كل القرارات السياسية في البلاد سببًا في تأخر إيران ديمقراطيًا.
يُطالب الإصلاحيون، أيضًا، بانتخابات حرة ونزيهة في إيران وبملاحقة رجال الأعمال الفاسدين والمقربين من النظام وإلغاء فرض ارتداء البرقع على النساء، أما بالنسبة للمحافظين المتشددين، فهم يعتبرون أن الاختيارات السياسية في البلاد منبثقة أساسًا من رأي الشعب.
من جهة أخرى، لم يخف علي خامنئي عداءه للإصلاحات الأخيرة التي قام بها الرئيس الحالي حسن روحاني وحلفائه، ويخاف هذا الأخير من تراجع حظوظه للفوز بخلافة خامنئي، لذلك اتخذ إجراءات ليكسب بها رضا المرشد الأعلى ويخفف من حدة التوتر بينهما، على غرار إقالته لوزير الثقافة علي جنتي.
كما صرّح مسؤول سابق من الإصلاحيين، الذي علّق على الأزمة بين روحاني وخامنئي: “لو تركنا الأزمة تتعمق أكثر فأكثر بين الرئيس الإيراني الذي يدير الأعمال اليومية في البلاد، وبين المرشد الأعلى الذي يمثل السلطة الإيديولوجية في البلاد، سيصبح النظام الإيراني على شفير الهاوية”، وهو ما يفسر عدم محاولة الإصلاحيين التدخل في هذه الأزمة، خوفًا على مصلحة إيران.
المصدر: جون أفريك