ترجمة حفصة جودة
دائمًا ما يتم تسويق المشروبات الغازية الخاصة بالحمية (صودا دايت)، كأدوات لفقدان الوزن، فهي تسمح بالتمتع بحلاوة الصودا العادية دون سعرات حرارية أو زيادة في الوزن، لكن بعض العلماء متشككون في أن الصودا الدايت والتي تحتوي على مواد تحلية اصطناعية، مجرد دعايا تسويقية فقط، وهناك أدلة متزايدة على أن تلك المشروبات والمحليات الاصطناعية تؤدي في الواقع إلى زيادة الوزن.
تقول فاسانتي مالك باحثة بجامعة هارفارد وقامت بدراسة الصودا الدايت: “الخلاف هنا يدور عن مساهمة تلك المشروبات والمحليات في انتشار أمراض السمنة والسكري، والتي من المفترض أنها تساعد على الحد منها”.
نشرت مجلة “بلوس” الأسبوع الماضي دراسة جديدة حيث قامت بمتابعة مستخدمي الصودا الدايت لمدة 10 سنوات وقارنتهم بأشخاص لا يستخدمون السكر الاصطناعي، وجدت الدراسة أن مستخدمي المحليات الصناعية منخفضة السعرات الحرارية كانوا أثقل وزنًا، وازداد محيط خصرهم مع وجود بدانة في منطقة البطن، مقارنًة بغير المستخدمين، وخلص الباحثون إلى أن هذه النتائج تشير إلى أن استهلاك المحليات منخفصة السعرات الحرارية يؤدي إلى ترسب الدهون في الأمعاء، وهو عامل خطير في الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية وربما يؤدي إلى الوفاة.
وفي دراسة أخرى عام 2008، ربط الباحثون بين استهلاك مشروبات ذات محليات منخفضة السعرات الحرارية وزيادة الوزن على المدى البعيد، في 3682 شخصًا، كان تناول الصودا الدايت مرتبطًا بمضاعفة خطر زيادة الوزن والسمنة، وقال مؤلفو الدراسة: “هذه النتائج تجعلنا نتساءل إذا كانت المحليات الاصطناعية تساعدنا على محاربة السمنة أم ترفع من معدلاتها”.
توصلت دراسة أخرى متعلقة بمرض السكري إلى نتائج مروعة مشابهة، ففي عام 2015 قامت “المجلة الطبية البريطانية” بتحليل أفضل الأبحاث المتاحة عن العلاقة بين المشروبات المحلاة اصطناعيًا والعصائر، ومرض السكري من النوع الثاني، وكانت النتائج مروعة: الاستهلاك المنتظم للمشروبات المحلاة بالسكر له علاقة بمرض السكري، وكذلك استهلاك الصودا الدايت.
هناك بعض الأدلة المتناقضة والتي تجعل تفسير تلك النتائج أمرًا صعبًا، فقد وجدت دراسة منشورة عام 2014، أن هناك خسائر طفيفة في الوزن (8. كلج) مرتبطة باستخدام المحليات منخفضة السعرات بدلاً من السكر، وذلك في بعض التجارب العشوائية.
وفي تجربة عشوائية أخرى قصيرة المدى نُشرت عام 2012، وجدوا أن الأشخاص الذين استبدلوا المشروبات المحلاة بالسكر بمشروبات الحمية، خسروا بعض الوزن بعد 6 أشهر، (في الحقيقة، حقق الأشخاص الذين توقفوا عن تناول المشروبات المحلاة بالسكر واستبدلوها بالماء، نجاحًا أيضًا).
تقول مالك: “تقول بعض الأبحاث إن استهلاك المشروبات الدايت يؤدي إلى زيادة الوزن، وآخرين يعتقدون أنها تساهم في زيادة الإصابة بمرض السكري، وهناك من يقولون إن الأمر ليس كذلك وهذه الدراسات معيبة، لذا أتوقع أن نحصل على إجابات أكثر ثباتًا في السنوات المقبلة مع زيادة الدراسات”.
تقول سوزان سويترس أستاذة بجامعة بوردو وقامت بدراسة مواد التحلية الاصطناعية: “الأدلة ما زالت غامضة، والربط بين الصودا الدايت وزيادة الوزن ينم عن عدم فهم”.
جزء من تلك الضبابية يرجع إلى أن الأشخاص الذين يتناولون مشروبات الحمية، يختلفون جذريًا عن الآخرين، فالأشخاص الذين يتناولون مشروبات الحمية لديهم بالفعل مشكلات في الوزن، وهذا الأمر من شأنه أن يتسبب في تشويش النتائج.
لماذا قد تشجع الصودا الدايت على زيادة الوزن؟
ما زال العلماء يتساءلون إذا كانت المحليات الاصطناعية غير ضارة بالفعل، لكنهم يعتقدون أن الصودا الدايت ضارة بالصحة، وفي غياب الإجابات القاطعة، فهناك بعض الفرضيات المتعلقة بالموضوع.
تناول الصودا الدايت قد يغير من سلوكيات الأشخاص، يقول كريستوفر غاردنر من جامعة ستنافورد: “إذا تناولت صودا دايت بعد الظهر، قد تأتي في المساء وتكافئ نفسك بوعاء من الأيس كريم، هذا التعويض ربما يفسر الدراسات التي تربط بين تناول الصودا الدايت وزيادة الوزن والمخاطر الصحية”.
وقد يتعلق الأمر بالمحليات الاصطناعية الموجودة في تلك الصودا، فهناك بعض العلماء يتساءلون عن تأثير تلك المحليات على بكتيريا الأمعاء التي تساعد في عملية التمثيل الغذائي.
هناك بعض الأدلة – من دراسات أُجريت على الفئران فقط – تشير إلى أن المواد الكيميائية في المحليات الاصطناعية تؤدي إلى اضطرابات في بكتيريا الأمعاء المرتبطة بأمراض اضطرابات التمثيل الغذائي مثل السمنة والسكري، وفي دراسة أخرى على الفئران نشرتها مجلة “Applied Physiology, Nutrition, and Metabolism”، وجد باحثون في مستشفى ماساتشوستس العام أن الأسبارتام (محلي اصطناعي) يقوم بحجب إنزيم الفوسفاتيز القلوي الموجود في الأمعاء والذي تبين أنه يمنع أمراض السمنة والسكري واضطرابات التمثيل الغذائي.
تشير العديد من الأبحاث إلى أن المحليات الوهمية تؤثر على الدماغ بطريقة غريبة، وتؤدي إلى زيادة الرغبة في تناول السكر، وسواء كانت الملحيات طبيعية أو اصطناعية فهي تؤدي إلى تعزيز الشهية مما يؤدي إلى تناول الكثير من الطعام.
وأظهرت دراسة صغيرة أخرى، أن تناول “السكرلوز” (محلي اصطناعي) يؤدي إلى اندفاع الأنسولين في الدم لكنه لا يقوم بدوره في خفض مستوى السكر في الدم، مما يعني أن التحلية الاصطناعية تمنع الأنسولين من القيام بدوره، وهذا الأمر ينذر بالإصابة بمرض السكري.
الفكرة هنا هو أن السكريات الوهمية تجعل الجسم يقوم بنفس رد الفعل مع السكر الحقيقي، فعندما نتناول السكريات تفرز الأمعاء هرمون الأنسولين الذي يساعد في التمثيل الغذائي، عند تناول محليات وهمية يفرز الجسم هرموناته لهضم السكريات، لكن هذه السكريات لا تصل أبدًا.
تشرح سويترس الفكرة قائلة: “تفكر أجسامنا قائلة، في آخر مرة وصلني تنبيه أن هناك سكريات قادمة، لم أتذوق شيئًا، هذه المرة لا أدرى ما سيحدث، لذا لن أقوم بالاستعداد لهضم السكريات، وعليه فالسكريات الوهمية تؤدي إلى اضطرابات في التمثيل الغذائي والذي بدروه يتسبب في عدة مشكلات مثل السكري والسمنة”.
هذا لا يعني أن الصودا الحقيقية أفضل حالًا
هذا لا يعني أن نتناول الكثير من المشروبات المحلاة بالسكر الحقيقي، فهناك أدلة قاطعة على علاقة السكر بمرض السكري من النوع الثاني وأمراض القلب وتسوس الأسنان والسمنة، وقد يؤدي أيضًا إلى الوفاة المبكرة، فهذه المشروبات خالية من أي قيمة غذائية، وتقدم جرعة كبيرة من السعرات الحرارية دون أي شعور بالشبع.
رغم قلة الأدلة المتعلقة بتأثير المشروبات المحلاة اصطناعيًا على الصحة، فإنها تشير إلى وجود مشكلات محتملة، لذا إذا كنت تحاول التخلص من تناول الصودا، فتناول الصودا الدايت لفترة قصيرة قد يكون أفضل لصحتك ووزنك، لكن إذا لم تكن مدمنًا لتلك المشروبات فمن الأفضل استبدالها بالماء، فتناول السكريات الوهمية لن يقدم أي فائدة لجسمك، وربما يتسبب في بعض الأضرار.
المصدر: فوكس