قررت الحكومة الجزائرية خصم جزء من رواتب الوزراء لفائدة الخزينة العمومية كشكل من أشكال التضامن مع الدولة التي تعاني أزمة اقتصادية عقب تراجع مداخيلها إلى النصف إثر تراجع أسعار النفط في السوق العالمية.
خصم بنسبة 10%، في أجور الوزراء
حجم الخصم المقدرة ب10%، من المنتظر أن يصبّ في الخزينة العمومية بدءاً من يناير2017. وتضم الحكومة الجزائرية 32 وزيرا، ويبلغ متوسط رواتب وزراء الجزائر حوالي 3 آلاف دولار أميركي دون احتساب المنح والعلاوات الخاصة بالمنصب. وفي وقت سابق، وافق البرلمان الجزائري على التنازل عن نصف منحة نهاية العهدة البرلمانية التي تقدر بحدود 13 ألف دولار، تضامناً مع الحكومة ودعماً لسياسة التقشف التي أقرتها الجزائر بسبب الأزمة المالية الخانقة التي تعيشها بسبب انهيار أسعار النفط. وسبقهم رئيس البرلمان الجزائري (الغرفة السفلى) محمد العربي ولد خليفة الذي أعلن الخميس في اجتماع رسمي التنازل عن 10 % من راتبه لصالح الخزينة، وفق بيان صادر عن المجلس الشعبي الوطني.
صادقت الحكومة الجزائرية، أكتوبر الماضي، على النسخة النهائية من قانون الموازنة العامة للسنة القادمة
قرار أعضاء الحكومة والبرلمان الجزائري، جاء، كلفتة لدعم بلادهم من أجل تجاوز الأزمة المالية التي تعيشها بسبب تهاوي أسعار النفط، فضلا عن تشجيع باقي إطارات الدولة على اتخاذ قرارات من هذا النوع، من أجل تخفيف جزء من الأعباء على الخزينة العمومية. وصادقت الحكومة الجزائرية، أكتوبر الماضي، على النسخة النهائية من قانون الموازنة العامة للسنة القادمة، خلال اجتماع ترأسه الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة. واعتمدت الحكومة الجزائرية على سعر مرجعي لبرميل النفط يقدر بـ50 دولارا، بعدما كان السعر المرجعي سابقا 37 دولارا، ما سيسمح برفع الميزانية إلى 51 مليار دولار، وهو ما يمثل زيادة تناهز 13% مقارنة بالسنة المالية الجارية 2016.
قررت الحكومة الجزائرية رفع قيمة الضرائب وخفض كتلة رواتب الموظفين
ويوصف قانون الموازنة لعام 2017 بالأكثر صرامة منذ سنوات بسبب تضمنه إجراءات تقشفية وزيادة في الضرائب ورفع جزء من الدعم على الوقود ومواد استهلاكية أساسية. وكان وقع هبوط أسعار النفط كبيرًا على العامل الجزائري، حيث قررت الحكومة الجزائرية رفع قيمة الضرائب وخفض كتلة رواتب الموظفين، مع توقع بتراجع نفقات الدولة في المجال الاقتصادي بـ32%، وتضمن مشروع قانون المالية القادم، رفع الضريبة على القيمة المضافة من 17% إلى 19%، ورفع بعض الرسوم المفروضة على العقارات والوقود والتبغ، كما تم رفع الضريبة على بعض أنشطة الشركات الأجنبية، إضافة إلى استحداث رسم على الأجهزة الكهربائية التي تستهلك الكثير من الطاقة.
العمال يرفضون اجراءات التقشف
في مقابل تخفيض الوزراء من أجورهم و النواب من منحهم، أكّدت الأمينة العامة لحزب العمال اليساري، لويزة حنون، رفضها إجراءات التقشف وانتقدت ما حملته الموازنة العامة لبلاد من تقشف ورفع من الرسوم وتسعيرات بعض المنتجات التي ستزيد، حسب قولها، من هشاشة الوضع الاجتماعي وركود الإنتاج. وتوعدت زعيمة اليسار في الجزائر، الحكومة، بمقاومة هذه الإجراءات في البرلمان الجزائري، من خلال توحد المعارضة بمختلف أطيافها لإسقاط مشروع القانون. وتراجعت إيرادات الجزائر من النفط من 64 مليار دولار قبل سنتين إلى 27 مليار دولار العام الجاري، في وقت حافظ فيه الإنفاق العام على مستوياته التي لم تنخفض تحت عتبة 50 مليار دولار سنويا.
أمرت الحكومة الجزائرية، في وقت سابق، بالخفض التدريجي للعلاوات والمنح المرتبطة بالرواتب كمنحة المسؤولية
وكانت الحكومة قد قلصت ميزانية التسيير لسنة 2017 بملياري دولار مقارنة بالسنة الحالية، وهي الميزانية المخصصة لدفع أجور العمال في القطاع العام. وأمرت الحكومة الجزائرية، في وقت سابق، بالخفض التدريجي للعلاوات والمنح المرتبطة بالرواتب كمنحة المسؤولية ومنحة المردودية والتخلي عن التعويضات تدريجيًا، فيما تراجعت رواتب موظفي قطاع الصحة دون أن تقدم الإدارة أي تفسيرات أو حتى التزام بتسوية الوضعية.
ويصل عدد العاملين في القطاع العام الجزائري إلى نحو 5.5 ملايين عامل، يضاف إليهم قرابة ثلاثة ملايين متقاعد كلهم يتقاضون رواتبهم ومعاشاتهم من الخزينة العمومية، فيما يشغل القطاع الخاص قرابة 6 ملايين جزائري. ووفقا لتقديرات موازنة 2017، فإن كتلة الأجور تصل إلى حدود 25 مليار دولار. وعرف متوسط الراتب الشهري في الجزائر ارتفاعا نسبيا، بالرغم من مرور الاقتصاد بحالة من الانكماش الحاد.
ونفذت نقابات منضوية تحت التكتل النقابي في الجزائر، في وقت سابق، إضرابات عامة في عدة قطاعات حساسة، مشفوعة بوقفات احتجاجية أمام مقرات عدد من المحافظات منها الأغواط وسطيف ووهران وبومرداس، احتجاجًا على قرارات حكومية بشأن التقاعد النسبي والعمل وسياسة التقشف التي ارتكزت عليها موازنة الدولة للسنة المقبلة.
يرجع عمال الجزائر احتجاجاتهم إلى الضغوطات التي يعيشونها وظروف عملهم والقدرة الشرائية
ويطالب التكتل النقابي بإلغاء التقاعد النسبي والتقاعد دون شرط السن (الذي كان معمولاً به منذ استقلال البلد ولغاية عام 2015. ويستفيد العمال والموظفون، سواء في قطاع التوظيف العمومي أو الخاص من تقاعد مسبَق بموجب قانون التقاعد )، وإشراك النقابات المستقلة في إعداد مشروع قانون العمل الجديد، فضلاً عن حماية القدرة الشرائية للفئات ذات الدخل المحدود، بموجب التدابير التقشفية التي أدرجتها الحكومة في قانون الموازنة للعام 2017. ويرجع عمال الجزائر احتجاجاتهم إلى الضغوطات التي يعيشونها وظروف عملهم والقدرة الشرائية وحالتهم الاجتماعية التي ما فتئت تنهار تأثرًا بالوضع الاقتصادي للبلاد، ويحذّر الجزائريون من تبعات إلغاء قانون التقاعد النسبي على خريجي الجامعات الجدد الذين سيجدون صعوبات كبيرة للتوظيف.
وتبرر الحكومة الجزائرية إلغاء إجراء التقاعد المبكر، الذي قررت اللجوء إليه بسعيها إلى مواجهة الأزمة الاقتصادية الخانقة التي تواجهها نتيجة تراجع إيرادات النفط، ونزلت إيرادات الطاقة التي تشكل 95% من صادرات الجزائر و60% من موازنتها العامة، إلى 11.34 مليار دولار خلال النصف الأول من السنة، مقابل 17.20 مليار دولار في الفترة نفسها من سنة 2015.