يبدو أن تعهدات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب السابقة بإلغاء الاتفاق النووي الإيراني بمجرد دخوله البيت الأبيض سوف تحدث بالفعل، فعلى خطى مجلس النواب، صادق مجلس الشيوخ الأمريكي أيضا الخميس، على قرار لتمديد العقوبات ضد إيران لمدة 10 أعوام أخرى، لينتظر فقط توقيعه من أوباما ليصبح ساري المفعول. وفي ذلك الوقت –أي قبل وصول ترامب للبيت الأبيض- أكدت طهران التزامها باتفاقها النووي السلمي، لكن المرشد الأعلى علي خامنئي قال حينها رداً على ترامب إنه “سيحرق الاتفاق بكل سرور في حال قررت أمريكا ذلك”.
إدارة أوباما التي كانت قد توصلت إلى اتفاقها مع إيران العام الماضي، قالت اليوم في رد أولي على مصادقة مجلس الشيوخ على القرار أنها “ستكون ملزمة بالموافقة على هذا القرار ليدخل حيز التنفيذ”، وأوضحت الإدارة أنها “لا تزال ترى أن فرض عقوبات ضد إيران ليست ضرورية، وأن لديها خططا أخرى لفرض عقوبات في حال أقدمت طهران على خرق الاتفاق النووي”.
وكان زعيم الجمهوريين في مجلس الشيوخ الأمريكي، ميتش ماكونيل، قد أكد في الـ16 من نوفمبر/تشرين الثاني، أن المجلس سيصوت لتجديد العقوبات على إيران لمدة عشرة أعوام قبل أن يرفع جلساته في شهر ديسمبر/كانون الأول.
وكان مجلس النواب صوّت بأغلبية ساحقة، الثلاثاء الماضي لتمديد قانون العقوبات على إيران لمدة عشر سنوات، والذي أقر في بادئ الأمر في العام 1996 لفرض عقوبات على الاستثمارات في قطاع الطاقة في إيران وردع مسعى إيران للحصول على أسلحة نووية.
وكان أعضاء في الكونغرس الأمريكي قالوا إنهم يرغبون في بقاء العقوبات لتوجيه رسالة قوية بأن الولايات المتحدة سترد على أي استفزازات من إيران وتعطي أي رئيس أمريكي القدرة على إعادة العقوبات سريعا إذا انتهكت إيران الاتفاق النووي.
وقبل أن يصوت مجلس الشيوخ على تمديد العقوبات، طالب وزير الخارجية الأمريكي، جون كيري، من أعضاء مجلس الشيوخ من الحزب الديمقراطي عدم الموافقة على قرار تجديد العقوبات لمدة 10 سنوات ضد إيران، معتبرا أن تجديد العقوبات في فترة الحكومة الأمريكية القادمة ستضعف الاتفاق النووي.
ونقل موقع “المونيتور” الأمريكي عن كيري قوله، خلال لقائه أعضاء مجلس الشيوخ عن الحزب الديمقراطي، إن عدم الموافقة على تجديد العقوبات ضد إيران هدفه حماية إرث السياسة الخارجية للرئيس الأمريكي المنتهية ولايته باراك أوباما.
إيران تحذّر وتهدد
إيران على لسان المرشد الأعلى لها “آية الله علي خامنئي”، كانت قد حذرت من تمديد العقوبات التي تفرضها الولايات المتحدة على عليها لمدة عشر سنوات أخرى، معتبرة أن ذلك ينتهك الاتفاق النووي، ومحذرة من أن طهران ستتخذ رداً “انتقاميًا” إذا أقرت العقوبات.
وكان خامنئي قد علّق على تهديدات ترامب بإلغاء الاتفاق مع إيران قائلاً إن “الحكومة الأمريكية الراهنة انتهكت الاتفاق النووي في العديد من المناسبات، أحدثها عندما مددت العقوبات لعشر سنوات أخرى وإذا حدث ذلك فإنه بالتأكيد سيمثل انتهاكا للاتفاق النووي وسترد الجمهورية الإسلامية على ذلك بالتأكيد.”
فيما علّق اليوم القيادي في الحرس الثوري محسن رضائي على قرار الكونجرس، مهدداً برد “مزلزل” و”صادم” ضد واشنطن إن أقرت تمديد العقوبات ضد إیران.
أخيراً، نشرت صحيفة الموندو الإسبانية تقريراً تحدثت فيه عن التحول الدراماتيكي في دور الولايات المتحدة في مناطق مثل الشرق الأوسط على الرغم من أن مخططات ترامب لا تزال غير معروفة، حيث ذكرت الصحيفة أن ترامب يسعى إلى حسم الميثاق النووي الإيراني بشكل جدي، مما أدى في الأمس إلى تدخل رئيس وكالة الاستخبارات المركزية قائلًا بأنه إذا حدث ذلك سيكون أمراً كارثيًا، ولفتت الصحيفة إلى أن إنهاء هذا الإتفاق سيكون ذروة الغباء الذي سينتج عن ترامب وإدارته.
فيما يعلّق محللون على أن إلغاء الولايات المتحدة الأمريكية للاتفاق النووي سيزيد من التفاف الشعب الايراني حول القيادة التي لطالما دعت إلى عدم التعويل على المفاوضات مع الغرب وشجعت على تعزيز الاقتصاد المقاوم الذي ساعد الاقتصاد الايراني على الصمود والتماشي مع العقوبات والحصار الاقتصادي.
كما سيعطي إلغاء الاتفاق نفسًا جديدًا للإيرانيين لمواجهة العقوبات التي ستفرضها أمريكا والغرب عليهم، وستعود وتتركز صورة أمريكا على أنها العدو الأول لإيران دولة وشعبًا ونظامًا، لذا فإن الشعب الايراني الذي ما زال يهتف “الموت لأمريكا” منذ انتصار الثورة الاسلامية وسقوط نظام الشاه، سيبقى يردد الموت لأمريكا في كل مناسبة.