دون كلل أو ملل، وضاربة بعرض الحائط جميع القوانين والمواثيق الدولية والإنسانية، تسعى حكومة الاحتلال الإسرائيلي المتطرفة الآن إلى سن أخطر القوانين العنصرية على الفلسطينيين، واستنساخ نماذج خارجية لسرقة أراضيهم وحقوقهم الوطنية.
هذه المرة تعكف الحكومة الإسرائيلية، ووسط دعوات من وزراء متطرفون إلى إعادة استنساخ “النموذج القبرصي” وتطبيقه داخل الأراضي الفلسطينية، الأمر الذي يعني ضياع فلسطين وأرضها تحت مرأى ومسمع العالم الذي دائمًا ما يلعب دور المشاهد فقط.
إذاعة جيش الاحتلال كشفت أن الحكومة الإسرائيلية ستستعين بمحامين دوليين من الولايات المتحدة لمساعدتها في تطبيق “النموذج القبرصي” بالضفة الغربية، ووفقًا للإذاعة العبرية، فإن وزيرة القضاء إيليت شاكيد تعمل على تطبيق مثل هذا النموذج في محاولة منها لاتخاذ قرار بشأن الأراضي الفلسطينية الخاصة، المقامة عليها البؤر الاستيطانية مثل “عامونا” التي أثارت جدلاً في إسرائيل مؤخرًا بسبب قرار المحكمة إخلاءها، وسط محاولات تمرير قانون يجيز شرعنة البؤر الاستيطانية.
ما هو خطر النموذج القبرصي؟
يعرف أن “النموذج القبرصي” عبارة عن عملية تعويض للفلسطينيين مقابل أراضيهم، وسمي كذلك، نسبة إلى ما فعلته قبرص مع الأتراك الذين سكنوا منازل في شمال الجزيرة التابعة لهم، علمًا بأن هذا النموذج حظي باعتراف دولي.
وأشارت الإذاعة العبرية إلى أن المحامي الدولي جو ويلر من الولايات المتحدة سيساعد مع محامين آخرين في صياغة نموذج يساعد إسرائيل في تنفيذ “النموذج القبرصي”، للتعامل مع الردود المتوقعة من قبل دول أوروبا في المقام الأول.
وبحسب الإذاعة، فإن هذا النموذج سيكون حلاً أفضل لتخطي الخلافات في الائتلاف الحكومي وخارجه بشأن قانون شرعنة البؤر الاستيطانية، فيما ذكرت القناة العبرية السابعة، أن هناك خطة سيتم بموجبها تكوين لجنة تحكيم بالضفة الغربية تكون مهمتها تحديد مصير ملكية الأراضي لجهات مختصة وتحديد حجم التعويضات في حال لزم الأمر.
وأشارت إلى أن خبراء قانونيين دوليين سيعملون على صياغة رد قانوني أمام دول الاتحاد الأوروبي في حال تم إقرار النموذج القبرصي، ووفقًا للقناة العبرية، فإن نتنياهو عقد اجتماعًا خاصًا مع القانوني الدولي جو ويلر، بحضور وزير الجيش أفغيدور ليبرمان وإيليت شاكيد والمستشار القانوني للحكومي أفيحاي مندلبليت.
وقرر نتنياهو في أعقاب الاجتماع تشكيل لجنة إسرائيلية مختصة لمساعدة الخبير الدولي في تطبيق “النموذج القبرصي” على الأراضي الفلسطينية قريبًا.
وكان البرلمان الإسرائيلي، صادق بالقراءة التمهيدية على اقتراح قانون “تبيض البؤر الاستيطانية” المقامة على أراضي الضفة الغربية المحتلة، بهدف شرعنة وتبييض البؤر والوحدات الاستيطانية العشوائية التي أقيمت على أراضٍ فلسطينية خاصة، وذلك على خلفية سعي اليمين الحاكم في إسرائيل لكسر قرار المحكمة العليا الإسرائيلية الداعي لإخلاء البؤرة الاستيطانية “عمونة”.
يذكر أن مصادر عبرية، كشفت عن أن الحكومة الإسرائيلية تبحث ثلاثة حلول قضائية تسمح بـ”تبييض” البؤر الاستيطانية دون استخدام القانون الذي يدفع به الائتلاف الحكومي، منها أولاً استخدام “أملاك الغائبين”، وثانيًا إعلان المستوطنين سكانًا محليين في منطقة واقعة تحت احتلال بموجب القانون الدولي، وثالثًا دراسة تطبيق آلية تعويض مماثلة لتلك التي اتبعت في قبرص، بعد تقسيمها في العام 1974 إلى دولة شمالية تحت سيطرة الجيش التركي، ودولة جنوبية تحت سيطرة القبارصة اليونان.
خطر على إسرائيل وفلسطين تهدد
وعلى الجانب الفلسطيني، هدد نبيل أبو ردينة الناطق الرسمي باسم الرئاسة الفلسطينية، الحكومة الإسرائيلية من تطبيق أي مخطط عنصري جديد ضد الفلسطينيين بالضفة الغربية المحتلة.
وأكد أبو ردينة، أن الحديث الإسرائيلي عن طرح مخططات جديدة منها “النموذج القبرصي” يعد من أخطر المشاريع الإسرائيلية العنصرية والتهودية التي تُحاك ضد الفلسطينيين وحقوقهم الوطنية.
وأوضح الناطق باسم الرئاسة الفلسطينية، أن القيادة الفلسطينية ستواجه وبكل قوة أي مخطط إسرائيلي عنصري وتهجيري داخل الأراضي الفلسطينية، وستكون المحاكم الدولية المعكرة المقبلة مع الاحتلال لفضح ممارساته ووقفها بشكل قوي ورادع.
بدوره اعتبر المختص بشؤون الاستيطان خليل التفكجي، أن دولة الاحتلال تسعى جاهدة لتطبيق “النموذج القبرصي”، حين قسمت قبرص في عام 1974 إلى قسمين يونانية وتركية وانتقل السكان من القسم التركي لليوناني والعكس وبقيت أملاكهم تدار من قبل حارس أملاك الغائبين.
وأضاف التفكجي: “حتى اللحظة يحاول الجانب الإسرائيلي القول إن الضفة الغربية ليست أراضًا محتلة بل إن أصحابها الذين يملكون الأراضي موجودون وغائبون ويجري عليهم التعويض وهذا مخالف لكل القوانين الدولية باعتبار الضفة الغربية أراضٍ محتلة بقرارات أممية بعكس قضية قبرص”.
وفي المقابل، كشفت مصادر إسرائيلية لموقع “إن آر جي”، الإسرائيلي أن أوساطًا سياسية في “تل أبيب” أبدت خشيتها من التداول الحاصل في الآونة الأخيرة على مستوى عالٍ في إسرائيل عن إمكان تطبيق “النموذج القبرصي” في الحل مع الفلسطينيين، على اعتبار أن هذا الخيار قد يضر بالمستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية.
هنا رأى الكاتب الإسرائيلي “أريئيل كهانا” للموقع الإسرائيلي، أنه للوهلة الأولى يعتبر النموذج القبرصي خيارًا مقبولاً وجيدًا للإسرائيليين، لكنه في الحقيقة قد يتطلب تدخلاً دوليًا في الضفة الغربية، وهو ما يصبو إليه الفلسطينيون منذ سنوات طويلة.
وأوضح أن الدوائر الدبلوماسية الإسرائيلية أصدرت مؤخرًا تحذيرًا من مغبة تكرار الحديث عن “النموذج القبرصي” في الحل النهائي مع الفلسطينيين، لأنه سيؤثر سلبًا في آلاف الوحدات السكنية في المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية، إلى جانب استدعاء المجتمع الدولي للمشاركة في إيجاد حل للصراع مع الفلسطينيين، وهو ما يتعارض مع وجهة النظر الإسرائيلية.
ويزعم المستوطنون أنهم اشتروا بعض أراضي المستوطنة بأثر رجعي، رغم أن مُلاك الأراضي الفلسطينيين يؤكدون أن مبايعات تلك الأراضي مزيفة ووهمية.