كيف صنعت إيران لصالح “إسرائيل” قطعًا بحرية؟

شهدت العلاقات الإسرائيلية الإيرانية توترًا كبيرًا في العقود الماضية خصوصًا بعد بدء إيران العمل على تطوير برنامجها النووي ما أخضعها لعقوبات دولية لمنعها من إنتاج قنبلة نووية، وهو الشيء الذي ترى فيه إسرائيل خطرًا وجوديًا عليها في المنطقة.
إيران تناصب العداء لإسرائيل في سياستها وخطاباتها وعبارات “الموت لإسرائيل” التي أضحت من الشعارات التي يرددها الإيرانيون في مناسباتهم العامة، كما أن موقف إيران المنحاز لما تدعيه المقاومة الفلسطينية واللبنانية فضلًا عن وقوفها إلى جانب العالم العربي في مواجهة إسرائيل في الحروب، جعل علاقة إسرائيل بها متوترة دائمًا إلى حد كبير، إلا أن للقصة بقية وبشهادة الصحافة الإسرائيلية نفسها!
إيران ورّدت سفن حربية لسلاح البحرية الإسرائيلية
حسب ما ورد عن صحيفة “يديعوت أحرنوت” فإن شركة حكومية إيرانية تملك حصة 4.5% من شركة بناء السفن الألمانية المتورطة في فضيحة تتعلق بتزويدها غواصات وخدمات أخرى للبحرية الإسرائيلية، وأشارت الصحيفة أن الشركة الألمانية المدعوة “تيسين كروب” وزعت أرباح على المساهمين خلال العشر سنوات الماضية بلغت نحو 2.1 مليار دولار وبهذا تكون إيران جنت أرباح خلال العقد الماضي تقارب الـ100 مليون دولار كأرباح عن الأسهم التي تحملها.
وقد أصدر النائب العام أفيحاي ماندلبليت أمرًا للشرطة لإجراء تحقيق أولي في مزاعم قيام المحامي الشخصي لرئيس الوزراء بينيامين نتنياهو دافيد شيمرون، باستغلال علاقته المقربة بنتنياهو للدفع إلى شراء عدد من الغواصات من الشركة الألمانية “تيسين كروب” ومنح الشركة عقدًا لتزويد سفن للبحرية الإسرائيلية للدفاع عن حقول الغاز الإسرائيلية والسماح لها ببناء ورشة صيانة وتصليح سفن في إسرائيل.
إيران جنت أرباح تقارب الـ100 مليون دولار عن أسهم في شركة ألمانية زودت البحرية الإسرائيلية غواصات وخدمات أخرى
استثمرت طهران في فترة السبعينيات خلال حكم الشاه أموالاً تقدر بـ400 مليون دولار في الشركة الألمانية “تيسين كروب” مكنتها لتملّك حصة كبيرة فيها تقدر بـ24.9% والشركة تعمل في مجال صناعات الصلب والسيارات والمصاعد قبل أن تبدأ في صناعة الغواصات في وقت لاحق من العام 2005.
وفي العام 1979 أي بعد الثورة الإسلامية الإيرانية ومجيء الخميني إلى السلطة ورث ذلك الاستثمار وتم تأسيس شركة الاستثمار الخارجي الإيرانية لاحقًا لإدارة الأصول المالية لإيران في الخارج، حيث تمتلك الشركة أسهمًا في شركات هامة حول العالم مثل بريتيش بيتروليوم وتيسين كروب وسيمنس وأديداس، وعلامات تجارية كبيرة أخرى، كما يفيد موقع بيزيز بير.
وأحد الأدوار التي تضطلع بها الشركة الإيرانية للاستثمار الخارجي هي بناء جسر بين إيران وبلدان أخرى من خلال الاستثمار لتمهيد الطريق أمام نقل المعرفة إلى إيران وحسب الفاينانشال تايمز ذكرت عن المدير الإداري الحاليّ لشركة الاستثمار الخارجي الإيرانية الدكتور فرهاد زارغاري قوله: “نشعر بأمان أكثر في الاستثمار في بلدان أوروبية وبلدان متقدمة أخرى مقارنة ببلدان أقل تنظيمًا”.
وفي العام 2005 اشترت شركة تيسين كروب شركة بناء السفن “هوفالدتسفيركه – دويتشه فيرفت” وأصبحت شركة “تيسين غروب للأنظمة البحرية” أحد أذرع المجموعة الصناعية للمجموعة الألمانية.
وبسبب حجم الاستثمار الإيراني الكبير في الشركة فقد عينت إيران قبل العام 2004 نائب وزير الاقتصاد محمد مهدي نواب مطلق كعضو في مجلس إدارة الشركة لإدارة استثماراتها في الشركة.
إلا أن الشركة تعرضت لضغوط كبيرة من طرف الولايات المتحدة تزامنًا مع إعلان إدارة الرئيس جورج دبليو بوش في بداية الألفية الجديدة أن إيران جزء من محور الشر إلى جانب كل من العراق وكوريا الشمالية، وقد أبلغت الحكومة الأمريكية المجموعة الصناعية الألمانية أنها ستضعها على القائمة السوداء إذا قامت بالتمديد لعضو مجلس الإدارة الإيراني في الشركة “محمد مهدي مطلق”، فعمدت الشركة إلى إبعاده عن المنصب الذي كان يشغله، وأُجبرت أيضًا على دفع مبلغ ضخم من المال لشركة الاستثمار الخارجي الإيرانية لخفض حصتها إلى 4.5%.
والخلاصة أنه على الرغم من العداء المعلن بين إيران وإسرائيل وتصاعده في بعض الأحيان لدرجة دعوة قادة إسرائيليين لشن حرب على إيران لمنعها من إنتاج قنبلة نووية من جهة، وتأييدها فرض عقوبات أممية عليها ومعارضتها للاتفاق الحاصل أواخر العام الماضي من جهة أخرى، فإن تقارير بين الفينة والأخرى تشير بما معناه أن قليلًا من التعاون والعلاقات غير المباشرة لا ضير فيه.
والازدواجية في الخطاب الإعلامي سواء من الجانب الإيراني أو الإسرائيلي لا مانع منه وأن الشعارات المعلنة والكلام الظاهر ليس إلا تسترًا عمّا هو حاصل بين البلدين تحت الطاولة، فالمتتبع لسير العلاقات بين البلدين والتصريحات النارية التي تصدر منهما ضد بعضهما البعض يلمس أن هناك عداءًا شديدًا بين كلا البلدين وأن كل بلد ينتظر الفرصة للانقضاض على الآخر وتدميره والقضاء عليه.