من أجل مكافحة النفوذ السري الروسي المزعوم، قرر الأمريكيون التعامل مع ذلك على المستوى التشريعي، إذ وافق مجلس النواب الأمريكي على مشروع قانون بشأن تمويل أجهزة الاستخبارات الأمريكية في عام 2017، والذي ينص على إنشاء لجنة خاصة لمواجهة “التدابير الروسية الفعالة في بسط النفوذ السري على الشعوب والحكومات”.
وسوف تضم هذه اللجنة ممثلين عن الأجهزة الأمنية المختصة، وزارة الخارجية وزارة الدفاع، وغيرها من الإدارات الأمريكية، وستقدم هذه اللجنة كل عام جردًا لأعمالها أمام الكونغرس عن اختراقات النفوذ الروسي وكيفية مكافحته.
ولقد صوت بـ “نعم” على مشروع القرار هذا 390 عضوًا من مجلس النواب “ضد” 30 فقط، والآن يجب على مجلس الشيوخ النظر فيه، وبعد ذلك يرفع إلى الرئيس لتوقيعه، وفي حال موافقة الأطراف كافة على هذه الوثيقة فسوف يتم اعتمادها في شهر ديسمبر الحالي في ظل الإدارة الحالية للبيت الأبيض.
ماذا يعني النفوذ السري الروسي؟
يعني مصطلح “إجراءات روسيا الخفية بشأن النفوذ السري”، الذي ورد في الفصل الخاص من مشروع القانون، التأثير في الأفراد أو الهيئات الحكومية بموافقة القيادة السياسية والأجهزة الأمنية الروسية أو بتوجيهات منها، مع بقاء دور روسيا فيها مخفيًا أو غير معترف به.
وبحسب رأي مقدمي مشروع القانون، فإن “الخطر الروسي” يكمن في الدعاية وتمويل الشخصيات السياسية وفي نشر الأوهام وفي الهجمات الإرهابية وأنشطة مكافحة التجسس في الولايات المتحدة وبلدان أخرى.
فصل “التأثير الروسي” ولد من مشروع قانون “عن مواجهة دعاية البلدان الأجنبية وتشويه المعلومات” الذي قدمه في شهر مارس الماضي السيناتور الجمهوري روب بورتمان بالاشتراك مع الديمقراطي كريس ميرفي
وانطلاقا من ذلك، يقترح القانون تشكيل لجنة خاصة من ممثلين عن وزارة الخارجية والبنتاغون ومكتب مدير الاستخبارات الوطنية ووزارتي المالية والطاقة ومكتب التحقيقات الفيدرالي والنيابة العامة، وتجتمع بشكل دوري.
وتكمن مهمة هذه اللجنة في مواجهة “يد موسكو”، وتشير صحيفة “واشنطن بوست” إلى أن اعتماد هذه الوثيقة سيسمح بوضع برنامج إعانات لتطوير المجتمع المدني في البلدان التي توجَّه “الدعاية الروسية” ضدها.
واشنطن ترى ضعفًا في مواجهة البروباجندا الروسية
يذكر أن فصل “التأثير الروسي” ولد من مشروع قانون “عن مواجهة دعاية البلدان الأجنبية وتشويه المعلومات” الذي قدمه في شهر مارس الماضي السيناتور الجمهوري روب بورتمان بالاشتراك مع الديمقراطي كريس ميرفي.
وتشير صحيفة “واشنطن بوست” إلى أن المبادرة كانت تهدف إلى مساعدة الصحافيين المستقلين والمنظمات غير الحكومية في بلدان مثل أوكرانيا ومولدوفا وصربيا، حيث تتمتع روسيا بنفوذ كبير جدًا.
ووفق رأي مقدمي مشروع القانون، ليس لدى واشنطن من الوسائل ما تواجه به التأثير الروسي، والعديد من أعضاء الكونغرس قلقون من “الخطر الشرقي”، ويقول السيناتور رون وايدن: “تدخل السلطات الروسية في النفوذ السري يقلق بالطبع أعضاء الكونغرس”.
هدف هذه التشريعات هو هجمات الهاكرز وضد نشر المعلومات التي يحصلون عليها من عمليات القرصنة، وبالطبع ضد عمليات التجسس المعتادة
والفصل الآخر في مشروع القانون الذي أقره مجلس النواب الأمريكي هو بشأن تحديد تنقلات الدبلوماسيين الروس داخل الولايات المتحدة، فبموجب هذه الوثيقة، لا يحق لأعضاء البعثة الدبلوماسية الروسية لدى الولايات المتحدة التنقل مسافة تزيد عن 40 كلم (25 ميلاً) من مبنى السفارة الروسية والقنصلية خلال عملهم إلا بعد إبلاغ السلطات الأمريكية بذلك وفق النظام المعمول به.
كما أن على مدير مكتب التحقيقات الفيدرالي في نهاية كل ثلاثة أشهر (ربع سنة) إبلاغ اللجنة المختصة في مجلس الشيوخ بعدم وجود انتهاكات لهذا القانون من قبل أعضاء البعثة الدبلوماسية الروسية، وهذه النقطة بحسب وزارة الخارجية الروسية هو تشديد للنظام المعمول به حاليًا عند الابتعاد مسافة تزيد عن 25 ميلاً من مبنى السفارة.
ويرى مدير مركز كارنيغي في موسكو دميتري ترينين، إن هدف هذه التشريعات هو هجمات الهاكرز وضد نشر المعلومات التي يحصلون عليها من عمليات القرصنة، وبالطبع ضد عمليات التجسس المعتادة، ويضيف أن “الأمر المهم هنا هو هجمات الهاكرز ونشر ما يحصلون عليه عن المطبخ السياسي الأمريكي، وهذا يثير جدًا ويهم الجمهور الأمريكي.
ويذكر أن البرلمان الأوروبي أقر مشروع قانون لمواجهة الدعاية الروسية والمجموعات الإسلامية، وأكد مشروع القرار ضرورة مكافحة حملات تضليل المعلومات.
تتهم روسيا بهجمات القرصنة الإلكترونية، وظهور منشورات في ويكيليكس، والتأثير على مسار الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة
فيما ترى الدوائر القريبة من موسكو أن الأجهزة المختصة الأمريكية تعمل في هذا المجال منذ زمن بعيد، ولم تكن هناك حاجة لإنشاء لجنة متخصصة، ويرى البعض أيضًا أن هذه التصرفات هي مجرد ألاعيب سياسية.
حيث تتهم روسيا بهجمات القرصنة الإلكترونية، وظهور منشورات في ويكيليكس، والتأثير على مسار الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة، ولكن روسيا تطالب دائمًا بتقديم أي إثبات على ذلك.
بادر بطرح مشروع هذا القانون الديمقراطيون، ولكن جميع النواب صوتوا له تقريبًا، وفي مثل وضع كهذا يرى مراقبون أنه من الصعب معارضة ذلك، خشية الاتهام بالتعاطف مع روسيا، ويعتقد أن أوباما سوف يصدق على مشروع القرار هذا، قبل مغادرة البيت الأبيض، لأنه وبحسب مراقبون روس يرى نفسه مع هيلاري كلينتون ضحايا لهذا “النفوذ السري”.