أثمرت زيارة الملك محمد السادس إلى نيجيريا عن توقيع عدد من الاتفاقيات في التعاون الثنائي بين البلدين ومنها الاتفاقية المتعلقة بتطوير منصة لإنتاج الأسمدة في نيجيريا والاتفاقية الخاصة بالإعفاء من التأشيرة بالنسبة لجوازات السفر الرسمية الدبلوماسية وجوازات الخدمة واتفاقية تعاون في ميدان الطاقات المتجددة ومذكرة تفاهم في الميدان الفلاحي ومن شأن هذه الاتفاقيات أن تؤدي لنهضة اقتصادية بين البلدين وتوسيع مجال التعاون بينهما.
مشروع خط الغاز الإقليمي
حاز مشروع نقل الغاز من نيجيريا للمغرب ومن ثم إلى أوروبا على صلب المباحثات بين العاهل المغربي والرئيس النيجيري، حيث تقدر قيمة المشروع بعدة مليارات من الدولارات إذ لم يتم الإعلان عن التكلفة الإجمالية للمشروع والمدة الزمنية التي سيتم إنجاز المشروع فيها، وحسب وزير الخارجية النيجيري جيفري أونييما أن المشروع مهم جدًا بالنسبة لنيجيريا، التي تملك أكبر احتياطي مثبت من الغاز في إفريقيا وسابع احتياطي في العالم.
وحسب ما نقل عن وكالة فرانس برس الفرنسية فإن الرباط وأبوجا ستعملان على توقيع مذكرة تفاهم بهذا الشأن، ويهدف المشروع لمد خط أنابيب الغاز القائم باتجاه المغرب مرورًا بدكار والذي كان قد بدأ العمل به في العام 2005 في أكبر خط أنابيب غاز في غرب إفريقيا ويربط مناطق إنتاج الغاز في نيجيريا بأسواق المستهلكين في ساحل غرب إفريقيا (بنين وتوفو وغانا) وبدأ إيصال الغاز في العام 2010.
يهدف المشروع لإنشاء خط غاز إقليمي تنافسي للكهرباء، يمكن ربطه بأسواق الطاقة في أوروبا
وبهذا يكون العاهل المغربي قطع الطريق على الجزائريين الذين بدأوا في العام 2002 مفاوضات مع الحكومة النيجيرية لإقامة مشروع مماثل عبر الساحل لكن تعذر ذلك بسبب عدم توفير التمويل اللازم للمشروع.
وأعلن كل من ملك المغرب ممد السادس ومحمد البخارى رئيس نيجيريا، أمس السبت في العاصمة النيجيرية أبوجا، عن إطلاق المشروع الذي سيربط موارد الغاز لنيجيريا بموارد العديد من بلدان غرب إفريقيا والمغرب، على أن يتم إحداث جهاز للتنسيق الثنائي بين البلدين يهتم بتتبع خطوات هذا المشروع.
ونظرًا لحجم المشروع الكبير فإنه سيتم تصميم خط الأنابيب بمشاركة جميع الأطراف المعنية بهدف تسريع مشاريع توليد الكهرباء في المنطقة بكاملها، وسيمكن هذا المشروع من تعزيز فرص الاندماج الاقتصادي بين دول إفريقيا، كما من المقرر أن يضيف المشروع فرصًا مهمة في مجال الأعمال بالنسبة للصناعيين والمستثمرين المحليين والأجانب.
وأكد حاكم ولاية جيغاوا في نيجيريا أن خط أنابيب الغاز سيمكن عدة بلدان في غرب إفريقيا من تحقيق ازدهار اقتصادي وسيحقق تنمية جيدة لنيجيريا على حد وصف الحاكم.
الملك المغربي محمد السادس والرئيس النيجيري محمد بخارى
ومن شأن هذا المشروع أن يمكن من إحداث سوق إقليمية تنافسية للكهرباء يمكن أن يتم ربطها بالسوق الأوروبية للطاقة وتطوير صناعات مشتركة بين أقطاب صناعية في البلدان التي يمر فيها الأنبوب.
وشملت المحادثات بين زعيمي البلدين العمل في المجال الزراعي والأسمدة، بغرض استقطاب رؤوس أموال أجنبية وتحسين تنافسية الصادرات وتحفيز التحول المحلي للموارد الطبيعية المتاحة بشكل كبير للأسواق الوطنية والدولية حسب ما جاء في البيان الصادر عن حكومتي البلدين في كل من نيجيريا والمغرب.
المشروع سينقل الغاز النيجيري للمغرب عبر دول الساحل و منه للتصدير نحو أوروبا
ويُذكر أنه رغم أن نيجيريا تعد من أغنى دول العالم بالمحروقات، لكن إنتاجها من الكهرباء قليل، وهو ما أثر سلبًا على تنافسية قطاعها الصناعي، ومن جهة أخرى فقد أدى انهيار أسعار النفط في الأسواق العالمية إلى كساد اقتصادي كبير في البلاد لا تزال تعاني تبعاته حتى الآن، وفضلا عن ذلك فإن مناطق حقول النفط والغاز في البلاد تتعرض إلى هجمات جماعات مسلحة تطالب بتوزيع منصف للثروة بين مناطق البلاد.
كما سيكون لهذا المشروع أيضًا تأثير على خطوط الغاز المستقبلية التي يتم إنشاؤها بهدف إيصال الغاز إلى أوروبا من قبيل السيل التركي ومشروع تاب وتاناب لنقل الغاز الأذري إلى أوروبا، وهذا من شأنه أن يكسر احتكار روسيا لتجارة الغاز مع أوروبا من جهة ويخفض أسعار الغاز المورد لها من جهة أخرى بسبب توفر الغاز من أكثر من مصدر. وعلى الصعيد المحلي فإن هذا المشروع سيعطي المغرب أهمية استراتيجية من حيث أنها ستكون المحطة الأخيرة لنقل الغاز إلى أوروبا.