ترجمة وتحرير نون بوست
كل شركة أمريكية في الولايات المتحدة، انطلاقًا من أكبر المجموعات الاقتصادية وصولاً إلى أصغر الشركات، يجب عليها أن تطرح على نفسها السؤال التالي: هل سنقوم بعقد صفقات تجارية مع إدارة ترامب لتعزيز أهدافها الأكثر تطرفًا ووحشية، أم أننا سوف نتصدى لها؟
إن هذا السؤال مهم جدًا خاصة بالنسبة للشركات الأمريكية المختصة في مجال التكنولوجيا التي تمثل الشريك الأمثل والأبرز للسلطة الاستبدادية الناشئة في الولايات المتحدة الأمريكية.
قامت صحيفة “الإنترسبت” بالتواصل مع أهم تسع شركات أمريكية والأشهر عالميًا، مثل شركتيْ فيسبوك وشبوز آلن هميلتون، وسألتهم عن إمكانية بيعهم لخدماتهم للمساعدة في خلق سجل أمريكي لتتبع المسلمين، نظرًا إلى أن هذه الفكرة طرحت مؤخرًا من قبل إدارة ترامب، ومن بين كل الشركات، كانت شركة تويتر الوحيدة التي نفت قطعيًا قيامها بالتعاون مع إدارة ترامب لبعث مثل هذا المشروع.
وفي نفس السياق، وبعد فوز ترامب في الانتخابات، قامت المديرة التنفيذية لشركة “آي بي إم” المتخصصة في عالم الحواسيب والبرمجيات، بإرسال رسالة تهنئة للرئيس الجديد، كما عرضت عليه خدماتها المتعلقة بستة مجالات مختلفة، والتي تمثل فرص تعاون متوقعة بين البيت الأبيض وشركة “أي بي إم”، لم تشمل مخططات التعاون على أهداف سرية، ولكن في نفس الوقت أظهرت الشركة استعدادًا تامًا لبيع العديد من التقنيات التكنولوجية لرجل لديه رغبة في استخدام التكنولوجيا في أغراض مسيئة لحرية الأقليات، ومن ذلك مراقبة المساجد وخلق جدار افتراضي مع المكسيك وتعطيل أجزاء من شبكة الإنترنت بالنسبة للحكومة المكسيكية، وغيرها من المشاريع التي يخطط لتنفيذها والتي تحد بشكل كبير من حرية الأقليات في الولايات المتحدة الأمريكية.
إن أجندة الرئيس ترامب التي تهدف بالأساس إلى مكافحة الحريات المدنية، تعتبر نصف جاهزة بينما لا يزال جزء منها غامضًا، وتجدر الإشارة إلى أنه في حال لقي هذا المشروع دعمًا من بعض الشركات التكنولوجية سيتحول إلى مشروع تقني بالأساس، ونظرًا إلى حاجة ترامب للمساعدة، فإنه سيعتمد بالضرورة على القطاع الخاص.
إن إيقاف الصفقات المشبوهة بين الشركات التكنولوجية والإدارة الفيدرالية التي تتضمن مخططات شريرة يبدو مطلبًا شبه مستحيل، حيث إن الشركات التكنولوجية التي لطالما تعاقدت مع الإدارة الأمريكية لا يمكنها أن تجمد تعاملاتها تمامًا، لأن ذلك سيكلف المشاريع العامة ثمنًا باهظًا، وقد يسبب لها أضرارًا كثيرة.
في المقابل، يعتبر اقتراح إدارة ترامب إنشاء برنامج لتسجيل المسلمين وتتبعهم، سواء ضمت هذه القائمة سجلاً لكل القادمين من الدول الإسلامية (كما اتضح من خلال جدول أعمال كريس كوباش الذي عُرض ضمن برنامج الأمن الوطني الأمريكي) أو أسماء كل المسلمين بالولايات المتحدة الأمريكية، مشروعًا لا أخلاقيًا وغير ناجع بتاتًا.
في تشرين الثاني/ نوفمبر سنة 2015، سأل أحد الصحفيين الرئيس ترامب، إذا ما كان على الدولة أن تُنشئ “قاعدة بيانات أو نظام تعقب للمسلمين في هذا البلد”، فأجاب ترامب أن هناك العديد من الأنظمة التي يجب إنشاؤها، تتجاوز مجرد خلق قواعد للبيانات، أنا أقصد أننا في حاجة للعديد من الأنظمة، ونقلاً عن صحيفة نيويورك تايمز، فإن الرئيس ترامب قد ذكر خلال اجتماع ضخم لمناصريه: “من المؤكد أننا سننفذ ذلك”.
وأضاف أمام الحشد الجماهيري قائلاً: “فيما يخص قاعدة البيانات لقد كانت إجابتي “نعم”، ليس هناك مشكلة عن إنشاء قاعدة للبيانات تخص المسلمين”، في اليوم الموالي، قام الصحفي جورج إستفانوبولوس بطرح السؤال التالي على ترامب “هل تنوي حقًا إصدار قرار بتفعيل مشروع قاعدة البيانات التي تخص كل المسلمين؟”، فكان رد ترامب “لا، مطلقا”، وعلى الرغم من أن ترامب حاول كالعادة التملص والتراجع عن أقواله خلال حملته الانتخابية، فإن قرار بعث مشروع تسجيل المسلمين قد أُعيد طرحه من جديد على طاولة النقاش.
إن افترضنا أنه سيتم تفعيل مشروع تسجيل المسلمين وتعقبهم في الولايات المتحدة، فإن إقناع الشركات التكنولوجية بمثل هذا المشروع الذي سيمكنهم من تعقب كل الأفراد على أساس معتقداتهم الدينية، لا يتطلب الكثير من الشجاعة أو المداولات أو حتى ردًا بالإدانة من قبل الأطراف التي قد تُطلب منها المشاركة في المشروع.
وفي نفس السياق، لن نستغرب إن قامت إحدى الشركات المعروفة عالميًا بربط اسمها بهذا التعهد الشرير بشكل مقزز، فالتاريخ يشهد أن شركة “أي بي أم” كان لها دور في دعم ومساعدة السلطات النازية في ألمانيا تكنولوجيًا فيما يتعلق بمحرقة اليهود في أوروبا.
بعد أسبوعين من محاولة الاتصال وبعث الرسائل الإلكترونية لتسع من أبرز الشركات المتخصصة في مجال التكنولوجيا، أجابت فقط ثلاث شركات على سؤالنا، وواحدة فقط من بينها صرحت بأنها لن تشارك أبدًا في مثل هذا المشروع.
وفيما يلي تفصيل دقيق لإجابات الشركات.
شركة فيسبوك: لا رد.
شركة تويتر: “لا”، كما قامت الشركة بوضع رابط لمقال من شأنه أن يوضح سياسة الشركة التي تحظر تمامًا استعمال بيانات الشركة من قبل أطراف خارجية بهدف مراقبة الناس.
شركة مايكروسوفت: “لن نتحدث عن مشاريع افتراضية في الوقت الحالي”، كما أرسلت رابطًا لمقال قالت فيه “نحن ملتزمون ليس فقط بتعزيز مبادئ التنوع بين الرجال والنساء العاملين هنا، ولكن أيضًا بثقافة شاملة مبنية على أسس المساواة، بالنسبة لنا، سيظل من المهم دائمًا لمن هم في السلطة والعاملين في مجال التكنولوجيا الاستمرار في العمل المشترك بهدف خلق التوازن بين حماية الخصوصية الفردية والسلامة العامة في الأوقات التي تواجه فيها الدولة خطرًا محدقًا”.
شركة غوغل: لا رد
شركة أبل : لا رد
شركة أي بي أم: لا رد
شركة بوز آلن هاميلتون: رفضت التعليق
شركة أس أر أي إنترناشيونال : لا رد
شركة سي جي إي : لا رد
إن رفض هذه الشركات الإجابة أو مدنا بأي تصريحات، لا يعني إقرارها ضمنيًا بتبني أجندة ترامب عمومًا، أو الموافقة على مشروعه بتسجيل المسلمين على وجه الخصوص، في المقابل، تظل الآمال ضعيفة في أن تتقدم إحدى الشركات التكنولوجية وتعلن للملأ عن عدم رغبتها في المساعدة على إنشاء قائمة فيدرالية تضم المسلمين في الولايات المتحدة الأمريكية على غرار شركة تويتر.
كما أنه عند سؤال محامي اتحاد الحريات المدنية الأمريكي، بان ويزنر، عن الالتزام الاجتماعي والأخلاقي للشركات التكنولوجية للتصدي لمثل هذه المشاريع، وخاصة أمام مشروع تعقب المسلمين، صرح أنه “من واجب أي شركة مختصة في مجال التكنولوجيا تطلب منها الدولة المساعدة في استهداف العملاء على أساس العرق أو الدين أو الأصول القومية، أن ترفض وتقاوم هذا الطلب بشدة”.
المصدر: صحيفة الإنترسبت