تسابق قوات التحالف الدولية الزمن في معركة استعادة الموصل العراقية من تنظيم الدولة الإسلامية والتي تواجه فيها صعوبة كبيرة كما اعترف بذلك آشتون كارتر وزير الدفاع الأمريكي أمس، إلا أنه أتبع ذلك قائلاَ: “من الممكن إنهاؤها قبل تنصيب الرئيس المنتخب ترامب”.
لم يحدد كارتر كيف سيمكن الانتهاء من عملية استعادة السيطرة على المدينة قبل 20 يناير/ كانون الثاني في ظل المقاومة الشرسة من جانب التنظيم، وفي كلمة منفصلة في كاليفورنيا يوم السبت ترك كارتر الباب مفتوحا للقوات الأمريكية وقوات التحالف لأن تبقى في العراق بعد طرد تنظيم الدولة الإسلامية.
وقال كارتر: “في العراق تحديدا سيكون من الضروري أن يقدم التحالف مساعدة ثابتة ويواصل عمله لتدريب الشرطة المحلية وحرس الحدود وغيرها من القوات وتزويدها بالسلاح ودعمها للسيطرة على مناطق تم طرد الدولة الإسلامية منها”.
لكن ما هو الوضع على الأرض؟
الجنرال الأمريكي ستيفن تاونسند، العامل في العراق، كان قد كشف قبل أيام أن معركة الموصل ستكون أكثر صعوبة مما مضى، بالرغم من تقدم القوات العراقية والبيشمركة. وقال تاوسند -الذي يقود قوات التحالف الدولي ضد تنظيم الدولة في العراق تحت عنوان “عملية العزم التام”، ويشرف على معركة الموصل- إن استعادة الموصل ستكون صعبة.
وأضاف تاونسند: “أعتقد أن الأمر سيكون صعبًا جدًا بالنسبة لأي جيش، القتال في مدينة هو أكثر تحديًا، خاصةً في المدن الكبرى مثل الموصل، وسيكون ذلك صعبا على جيشنا.. وسيزداد صعوبة، قبل أن يصبح سهلًا”.
تاوسند لا يتفق مع تصريحات ترامب بأن هناك سوء تخطيط للعملية في الموصل، وأنها كارثة، ويضيف: “أنا لا أرى أي دليل على تعثر الهجوم على الإطلاق”
ورغم كل الدعم والمساندة التي يقدمها التحالف لبغداد في معركة الموصل، إلا أن تاوسند يؤكد أن المعركة هي معركة العراقيين، ويجيب على سؤال في مقابلة مع “سي إن إن”: “الأمر متروك لهم، أليس كذلك؟” بقوله: إنها خطتهم، إنهم يستعيدون ثاني أكبر مدينة في بلادهم، وهم يفعلون ذلك على طريقتهم، وأعتقد أن الأمر الأهم هو رضاهم عن تلك الطريقة”. وحول الغارات التي يشنها التحالف، قال تاوسند: “جزء من هذه الغارات هو لرفع الروح المعنوية للقوات، وجزء للتخطيط التكتيكي، وجزء للتشاور مع القادة العراقيين. وهو يؤكد أهمية من يتحمل المسؤولية”.
ويعترف تاوسند بشكل غير مباشر أن معركة الموصل باتت في صلب قضايا انتخابات الرئاسة الأمريكية، فتاوسند لا يتفق مع تصريحات ترامب بأن هناك سوء تخطيط للعملية، وأنها كارثة، ويضيف: “أنا لا أرى أي دليل على تعثر الهجوم على الإطلاق، لا أعرف..لا أعرف من أين يحصلون على هذه المعلومات، أنا لا أرى أن ذلك يحدث”.
لماذا يسارع الأمريكيون نحو إنهاء معركة الموصل قبل تنصيب ترامب؟
دونالد ترامب كان قد انتقد إدارة أوباما في جزئية معركة الموصل قبل فوزه بالرئاسة، وتساءل أيضاً خلال مناظرته الأخيرة مع منافسته كلينتون: “أين عنصر المفاجأة في الهجوم على الموصل الذي تتحدثون عنه؟ إن الكل هرب، ولا يزال القادة يتحدثون بسذاجة”. وأضاف أن “أوباما ذهب إلى معركة الموصل لمضاعفة فرص هيلاري في الفوز بالانتخابات، وأعتقد أن الموصل ستكون شيئًا رائعًا بقدر سذاجتنا”.
The attack on Mosul is turning out to be a total disaster. We gave them months of notice. U.S. is looking so dumb. VOTE TRUMP and WIN AGAIN!
— Donald J. Trump (@realDonaldTrump) October 23, 2016
وفي الوقت الذي كانت تواصل فيه القوات العراقية بدعم أميركي، هجومها لاستعادة الموصل من سيطرة “داعش”، كان ترامب يعتبر أن هناك مؤامرة وراء إطلاق عملية تحرير الموصل في هذا الوقت، وقد علّق حينها أن “السبب الوحيد” لبدء عملية الموصل هو “ترشح هيلاري كلينتون للرئاسة”. كما قال ترامب في تغريدة سابقة له إن نتائج معركة الموصل على وشك أن تصبح “كارثية”.
وكان ترامب قد انتقد مرارًا كشف المسؤولين في بغداد وواشنطن عن موعد عملية تحرير الموصل قبل انطلاقها، مجادلًا بأن ذلك أتاح لعناصر “داعش” الاستعداد للمعركة أو الهرب من المدينة.
وفي حوار تلفزيوني سابق، قال ترامب إن الاستراتيجية المتبعة لمحاربة داعش سمحت لقادة التنظيم بالهروب قبل بدء الهجوم. كما قال الرئيس الأمريكي خلال أحد حملاته الانتخابية السابقة أن الإدارة الأميركية بدأت الهجوم على الموصل في هذا التوقيت “لأن أوباما أراد الظهور بصورة قوية قبل الانتخابات لمساعدة كلينتون”. وتابع حينها “لماذا لا يجعلونه هجوما مباغتا؟”، وأضاف: “سنفتح الموصل، هل تعرفون من سيكون المستفيد؟ إنها إيران”.
يعتبر ترامب أن إدارة أوباما -وهو من الحزب الديمقراطي- قد خسرت العراق أصلا وسلمته لإيران، وما معركة الموصل إلا خطة كانت من أوباما لدعم كلينتون التي لم يحالفها الحظ. وبينما تقول السلطات العراقية وإدارة أوباما إنهما واثقتان بالنصر في الموصل يحذر قادة عسكريون سابقون من جهل ترامب بملف العراق وتداعياته مستقبلًا على أمريكا وجيشها.
فهل هذه إشارة من أن إدارة أوباما وحكومته خائفة على ما حققته من إنجازات في معركة الموصل إذا تم تنصيب ترامب، فهو كما وصفه متقاعدون عسكريون جاهل بملف العراق وربما لا يحسن التصرف فيه، وربما يورط الجيش الأمريكي بحرب أوسع مما كان يتخيّل؟ .. الأيام القادمة ستجيب