هل تتذكر مقولة غاندي التي تفيد بأنك يجب عليك أن تكون التغيير الذي تريد أن تراه في العالم؟ ربما لا يأخذها كثير من الشباب في الاعتبار، ولكن في المقابل لا يمكننا تعميم عدم أخد شباب الجيل الحديث على محمل الجد، فربما كانوا شاهدين على أكثر الفترات سوءًا وانهيارًا للقيم الإنسانية في العقد الأخير، واختار بعضهم التجاهل التام كحل للتعايش، ولكن كان للآخرين رأي آخر.
ربما كان الاعتقاد السائد بأن الإدمان على استخدام مواقع التواصل الاجتماعي يجعلنا نتجه نحو مزيد من الانعزالية والتمركز حول أهمية أنفسنا أكثر من الانتباه إلى كوننا جزءًا من بيئة ومجتمع أكبر، إلا أنها من أكثر ما جاءت به المدنية الحديثة من محفزات تدعم مزيد من التواصل بين المجتمعات المختلفة والثقافات المتنوعة كذلك، ليزيد عمل شبكات العمل المدني بفضل تلك المواقع، التي أتاحت لهم فرصة الوجود في مساحات أكبر لم يكونوا على دراية بها إلا من خلال مواقع التواصل الاجتماعي.
هل من الممكن أن ينقذ الشباب العالم من خلال مواقع التواصل الاجتماعي؟
أدرك الشباب أن التواصل لا يحدث عن طريق المحادثات الطويلة، ولا يكمن في الكلمات فحسب، فنحن الآن نتواصل عن طريق الصور والفيديوهات، حيث نرى تفاعل ملحوظ مع كل ما كان مرئي أو مسموع بدلًا من كل ما هو مكتوب، فأصبح فيديو لا تتعدى مدته الثلاثين ثانية أو صورة تعبيرية من إحدى الوسائل الحديثة التي طورتها مواقع التواصل الاجتماعي لتصبح هي قلب وقالب طرق التواصل الآن.
ربما تعد قدرة مواقع التواصل الاجتماعي في ربط المجموعات السبب الرئيسي في ميل الشباب إليها، فكان اعتماد الناس من قبل على التواصل الفردي، إما عن طريق الخطابات من قبل، وإما المقابلات الفردية، إلا أن لمواقع التواصل الاجتماعي الفضل في تحقيق “الاتصال المتعدد” أو “Group communication”، وهو ما ساعد على بناء شبكات متكاملة لمجموعات العمل المدني أو التأثير المجتمعي “Social Impact”.
لا للانعزالية والتمركز حول الفرد، هذا هو مبدأ الحركات الشبابية التي تعمل في “التأثير المجتمعي”، حيث لا تؤمن تلك المجموعات بالعمل الخيري، ولا تحب أن تطلق مسمى الجمعيات الخيرية على مجتمعاتها الصغيرة، فهم يؤمنون بأن المؤسسات الخيرية تقوم على منح الهبات، وهو ما يجعل تلك العملية مذلة أحيانًا، حيث إنها تسير بشكل رأسي، فتبدأ من صاحب المال والملكيات إلى المحتاج، لتعرف الطرفين تعريفًا مذلًا للثاني ومانحًا سلطة مهيمنة للأول.
على العكس تمامًا، تكون عملية التكافل التي تستبدل بها الحركات الشبابية مصطلح المؤسسة الخيرية عملية أفقية، تجعل الطرفين على نفس المستوى بشكل نسبي، وهو ما يجعلها عملية احترام متبادل بين طرف يريد أن يتعلم وآخر يريد أن يمنح معرفته وينشرها.
“لا تشك أبدًا في قدرات مجموعة من الشباب اجتمعوا على فكرة من أجل تغيير العالم، لأنه ربما، لم يغير العالم غير هؤلاء من قبل”.
هذا من أحد المبادئ العالمية للحركات الشبابية للتغير “Youth Movements of change”، فالكل يعمل والمجموعة تفوز، وهو من أهم المبادئ التي استغلها الشباب في مواقع التواصل الاجتماعي، عن طريق الترويج لأنفسهم ومشاريعهم بكونها جزءًا يخدم الكل، وذلك من أجل المنفعة العامة وليس المصلحة الشخصية.
هل سمعت من قبل عن مصطلح المواطن العالمي؟
شعار المواطن العالمي الذي يدل على الاتحاد
المواطن العالمي “Global Citizen” هي من أشهر الحركات الشبابية التي تصف نفسها بأنها “مجتمع” وليست مؤسسة رأسية، ترفض وجود بليون شخص تحت خط الفقر في العالم، وتدافع عن المساواة وتعمل على الوصول لكل من يعيش على دولار واحد لجلب قوت يومه، فعندما تدخل على موقعهم الرسمي، تجدهم يرحبون بك قائلين بأن “المواطن العالمي” هو مجتمع يشبهك، ربما تكون نهاية الفقر المدقع على يديك، فشارك معنا!
الاتحاد العالمي للشباب (World Youth Alliance)
أعضاء الاتحاد العالمي للشباب
مجتمع يتألف من مليون عضو، كلهم تحت سن الثلاثين، يعملون على بناء الثقافة المجتمعية الخاصة بهم، والتي تدعم العدالة الاجتماعية والعدالة الاقتصادية وتحث على تطوير التعليم والحفاظ على حقوق الإنسان، يستطيع الاتحاد تنظيم العديد من ورش العمل في مناطق مختلفة من العالم، كما يعملون على العديد من المشاريع التطويرية في المناطق التي ينقصها نظام تعليمي أو صحي متكامل، كما يدعمهم ممثلون لهم في الاتحاد الأوروبي وكذلك الأمم المتحدة، يستطيعون من خلالهم توصيل رسائلهم وحملاتهم مباشرة للمختصين والمعنيين بتلك الأمور، ومنها يسلطون الضوء على مناطق مهمشة من العالم لم تلتفت الأنظار إليها من قبل، وأنت أيضًا، يمكنك المشاركة من خلال هذا الرابط!
الكشافة
مجموعة من الأطفال الكشفيين يرتدون زي الكشافة
تعد المجموعات الكشفية حول العالم من أضخم الحركات الشبابية على الإطلاق، تضم 40 مليون مشترك من 223 دولة مختلفة، لا تعد حركة سياسية أو دينية، وهذا أهم ما يميزها، فهي حركة شبابية غير مُسيسة، لا تفرق بين الجنس أو العرق أو اللون، ولا تتخذ الدين أو الجنسية مجالًا للتفرقة.
تقوم الكشافة على تدريب الأفراد منذ الصغر على كونهم أفرادًا مسؤولين في المجتمع، وأن تأثيرهم الإيجابي يعم بالنفع على من حولهم، أما خطأهم فيعم بالضرر على المجموعة، وذلك من خلال تدريبات جماعية تلقنهم دروسًا في المهارات الحياتية بشكل غير مباشر، فتقوم بتنمية قدراتهم العاطفية والشخصية وقدرات الذكاء كذلك.
اعرف المجموعات الكشفية في بلدك، فهناك حركات للكشافة على المستوى القومي في كل بلد، وهناك أيضًا شبكة الكشفيين العالمية التي تضم أعضاء الكشافة الدوليين حول العالم.
الحملات البصرية
لا يهدأ الشباب كل عام من ملء مواقع التواصل الاجتماعي بالحملات البصرية التي تثير الجدل بشأن قضية معينة أو عن فئة مهمشة في بلد معين، فكما ذكرنا من قبل، يفضل الشباب الآن التواصل عن طريق كل ما كان مرئيًا مثل الصورة أو الفيديو القصير، وهو ما يجعل الجمهور شديد التفاعل معه.
حلقات بيني The A-Z of BENI
مشروع ناشئ يقوم عليه مجموعة من الشباب من مختلف الجنسيات والأعراق، بالإضافة إلى المهاجرين في البلاد المختلفة، من أجل بناء تصور شبابي لعالم دون قيود، وعالم دون تصنيفات وأحكام مسبقة على الناس مهما كانت انتماءتهم الدينية أو العرقية.
يحتوي الفيديو المنشور حديثًا على نبذة سريعة عما ستضمنه الحلقات من مواضيع، منها ما يخص المسلمات المحجبات في المجتمعات الغربية، والأفارقة الأمريكان، وكذلك المسلمين منهم في الولايات المتحدة الأمريكية، كما ستضمن المرأة بشكل خاص، وما تتعرض له من قيود وأحكام مسبقة عليها بشكل مستمر.
“إن لم تصنع قصتك الخاصة بك، سيأتي من يصنعها لك، ويفرضها عليك”، هكذا انتهى إعلان “حلقات بيني”، فماذا عنك أنت، هل تصنع قصتك بالفعل؟ فإن لم تكن، متى ستكون جزءًا من الحركات الشبابية التي تحاول تغيير العالم وجعله مكانًا أفضل؟