ذكرت صحيفة “يديعوت أحرنوت” العبرية تقريرًا يفيد بأنَّ حوض السفن الذي يبني لسلاح البحرية الإسرائيلية سفنًا من طراز “ساعر 6” تعود ملكيته إلى شركة من أبو ظبي في الإمارات، وأشار التقرير إلى أن مدير الشركة، الذي يملك 30% من أسهمها، هو لبناني الاصل واسمه اسكندر صفا.
فمن هو إسكندر صفا، وما هي قصة هذه الشركة؟
الصحيفة ذاتها كانت قد كشفت قبل يومين عن أن شركة استثمارات إيرانية تملك أسهما في شركة “تيسنكروب” الألمانية التي تبني غواصات وسفنا لسلاح البحرية الإسرائيلية.
ووفقا للصحيفة، فإن أربع سفن صواريخ، من طراز “ساعر 6” والتي اشترتها السلطات الإسرائيلية ضمن صفقة أبرمت العام 2015، لحماية حقول الغاز بالبحر المتوسط، يجري إنتاج قسم منها في حوض بناء سفن تملكه شركة من أبو ظبي يديرها رجل الأعمال اللبناني إسكندر صفا.
وأشار الموقع إلى أن شركة “أبو ظبي مار” قامت بتغيير اسم الشركة إلى “جيرمان نافال ياردس”، وذلك بعد الأزمة التي نشبت مع الشركة الألمانية العام 2015 بعد توقيع شراء السفن الأربع من قبل “إسرائيل”.
وبدأ التعاون بين “أبو ظبي مار” وشركة بناء السفن والغواصات الألمانية “تيسينكروب” العام 2009، ووقعت الشركتان، في نيسان/ أبريل 2010، على عقد يقضي بنقل ملكية حوض بناء السفن المدنية التي بحوزة “تيسينكروب” إلى “أبو ظبي مار” وأن تكون الشراكة بين الشركتين مناصفة في قطاع السفن العسكرية.
وبحسب الصحيفة، فإن الاسم العربي للشركة عرقل الصفقة مع “إسرائيل”، ولهذا السبب جرى تغييره. وقال متحدث باسم “جيرمان نافال ياردس” إن الشركة مقاول ثانوي لشركة “تيسينكروب”، ودورها في هذه الصفقة هو الإسهام في هندسة السفن وبناؤها في حوض بناء السفن في “كيل”، مضيفا أن حوض بناء السفن على اتصال مع الجانب الإسرائيلي بواسطة “تيسينكروب” فقط.
وعقبت وزارة الدفاع الإسرائيلية على التقرير بالقول إن الاتفاق تم مع شركة ألمانية وبتدخل الحكومة الألمانية، التي مولت ثلث تكلفة الصفقة، مؤكدة أن مجلس الأمن القومي الإسرائيلي دقق في الصفقة من أجل منع وصول معلومات سرية إلى جهات أخرى. كما أضافت الوزارة الإسرائيلية أن حوض بناء السفن الألماني يبني هيكل السفينة، بينما تقوم السلطات الإسرائيلية بتركيبها.
من هو إسكندر صفا؟.. تفاصيل مثيرة
اسكندر صفا ولد قبل 64 سنة لعائلة مسيحية مارونية ثرية في بلدة جدير في شمال لبنان، والده، والذي كان موظفا حكوميًا كبيرًا، موّل له دراسة الاقتصاد وإدارة الاعمال في الولايات المتحدة، وحرص على أن يعد له شبكة متفرعة من العلاقات في الساحة التجارية.
في عمر 22 عمل صفا في شركة مقاولات في السعودية وأشرف على مشروع كبير: “بناء المطار العسكري في الرياض”، وتعلم الماجستير في مدرسة “إنساد” العليا في فرنسا، وبدأ يستثمر في الصفقات العقارية، وفي مرحلة لاحقة أقام مع شقيقه أكرم شركة سفن وكسب لنفسه خصوما ومنافسين، ودرج على أن يقضي اجازاته في سان – تروبيز.
“لبنان هو وطني ولكن بعد 20 سنة حرب أهلية أشعر في البيت في فرنسا وفي بريطانيا أيضا”، شرح تنقلاته بين لندن، باريس وإمارات النفط في الخليج العربي، بل وكشف ذات مرة بطنه أمام عدسة الكاميرات وعرض ندوبا لحقت به جراء اصابتين بالرصاص في اثناء الحرب الاهلية، حين قاتل في إطار الميليشيات المسيحية، وفي حينه أيضا التصق به لقب “ساندي”.
صفا، الذي يعرف نفسه بانه “مواطن العالم الكبير”، يفضل إدارة أجزاء كبيرة من نشاطاته السرية من إمارة أبو ظبي في الخليج الفارسي حيث يسكن اليوم. في أبو ظبي يمكنه أن يهبط بطائرته الخاصة، يخرج ويدخل دون أن تلوح صوره في وسائل الاعلام.
ولكن رغم محاولاته الابتعاد عن الاضواء، فان صفا هو اسم معروف للجمهور الفرنسي بسبب دوره في قضيتين في الثمانينيات والتسعينيات. الاولى، في نهاية الثمانينيات، ترتبط بالفدية التي دفعتها الحكومة الفرنسية لتحرير مجموعة من الدبلوماسيين والصحافيين الفرنسيين الذين اختطفوا في لبنان.
في القضية الثانية، المسماة “انغولا- غيت”، تفجرت في 1991 عندما تبين بأن سياسيين من اليمين في فرنسا حاولوا أن ينقلوا أسلحة بقيمة نحو 790 مليون دولار إلى رئيس أنغولا جوزيه أدواردو دوس سانتوس الذي قاتل ضد الثوار في بلاده. وفي الحالتين اختفى قسم من المبلغ على الطريق، وطرح اسم صفا في التحقيق كمن توسط بين الطرفين واقتطع سمسرة سمينة. وروى مصدر لصحيفة فرنسية في تلك الفترة بان لصفا “علاقات في كل المجتمعات في الشرق الاوسطـ، بما في ذلك اسرائيل والموساد”.
ومنذئذ تمكن صفا من أن يقيم مع أخيه شركة “فريبنفست”، التي تقيم مكاتبها في باريس وفي بيروت، وهما يسيطران على شركة الاستثمارات ترياكورب، على حوض سفن CMN الفرنسي، وكذا على حوض سفن “ابو ظبي مار” – ذاك الذي يبني سفن “ساعر 6” لإسرائيل.
وفي 2010 ذكر اسم صفا كوسيط بين السعودية وشركة “داسو” الفرنسية، التي تحاول أن تبيع للسعوديين طائراتها القتالية من طراز “رفائيل”. وفي 2012 نشر أن صفا، صديق سيف الاسلام، ابن معمر القذافي، حاول التوسط في صفقات بين ليبيا وأحواض سفن مختلفة في العالم.
كما أنه توسط في صفقة شراء سفينتين قتاليتين لسلاح البحرية الجزائري من شركة السفن الالمانية TKMS، وقبل سنتين، في مقابلة نادرة، شرح صفا بأن “التجارة في الطائرات والسفن القتالية أكثر جدوى من البناء وسمسرة السفن المدنية”.
*الطيار الإسرائيلي رون آراد
يقول الصحفي والكاتب بـ”يديعوت أحرنوت” سمدار بيري: “العلاقات بين صفا و”إسرائيل” ولدت قبل سنوات طويلة من الآن، ففي عام 1989، قال صحفي فرنسي يدعى “روجيه أوك” في كتاب مذكرات له أن الاسرائيليين طلبوا منه ربطهم بصفا، الذي انقذ “أوك” بعد أن اختطفه حزب الله عندما كان في بيروت بعد أن وعدوه –حزب الله- بمقابلة صحفية مع “الشيخ عبيد”. الإسرائيليين طلبوا من “أوك” ربطهم بصفا لكي يكون وسيلة لحل لغز مشكلة الطيار الإسرائيلي المأسور “رون آراد” منذ عام 1986 في لبنان.
ويروي أوك أنه تلقى عرضًا ووصل إلى “إسرائيل”، حيث انتظره عميل من الموساد الإسرائيلي يدعى “طوني” يرافقه “أوري لوبراني” منسق أعمال الحكومة الإسرائيلية في لبنان. ويضيف الصحفي الإسرائيلي: “المقابلة مع عبيد لم تخرج إلى حيز التنفيذ، ولكن بدلًا منها تلقى أوك قصة أخرى، واستعاد أوك في كتابه الفكرة فقال إنه “حين عدت إلى باريس قمت بنصيبي في الصفقة وربطت بين لوبراني وصفا”.
وأكد لوبراني أمس في حديث مع صحيفة “يديعوت احرونوت”: “التقيت مع الكثير جدًا من الشخصيات اللبنانية بهدف جمع معلومات عن مصير رون أراد، وأذكر أنه كان بينهم أيضًا شخص يدعى صفا”. ويكشف الصحفي الفرنسي “أوك” النقاب في كتابه عن أن اللقاءات تمت في شقة “صفا” الواسعة في أحد الأحياء الفاخرة والغالية بالعاصمة الفرنسية باريس.