“رياضة الباركور أو الركض الحرّ لم تعد هواية فقط بل صارت نمطًا لحياتي أمارسها في الطريق وفي القطار في أثناء الذهاب إلى المعهد وحتى داخل المنزل أمام العائلة” هكذا بأسلوب بطولي يتحدث مروان عجرودي البالغ من العمر 21 سنة الذي التقيناه مع أصدقائه في شاطئ حمام الشط بضواحي العاصمة تونس وهو بصدد التدرب على حركات جديدة شاهدها على الإنترنت قبل تطبيقها على أنقاض المنازل لأن الرمال في الشاطئ لا تعرضه لإصابات خطيرة في حال السقوط كما حدث ذلك مع بعض أصدقائه.
مروان يحرص دائمًا على ارتداء ملابس رياضية فضفاضة لممارسة رياضة الباركور في كل وقت “الباركور هو مجموعة حركات الغرض منها الانتقال من عدة أماكن بأكبر قدر ممكن من السرعة والسلاسة وذلك باستخدام القدرات البدنية لتخطي الحواجز” لكنه يتجنب ممارستها في أثناء نزول الأمطار لأنها تسبب له في انزلاقات إذ يقول إنه يمارسها عدة مرات في اليوم أكثر من تناول الطعام ما يفسر شدة ولعه بهذه اللعبة رغم أن عائلته تنصحه دائمًا بتركها خشية سقوطه من أسطح المنازل.
رياضة ملهمة رغم مخاطرها
مروان ينشط ضمن مجموعة من هواة هذه اللعبة لا تربطهم علاقات صداقة إلا أن حبهم لهذه اللعبة هو الذي يجمع بينهم فيقومون بترتيب لقاءات عبر شبكة التواصل الاجتماعي “فيسبوك” للتدرب ونشر هذه الرياضة في صفوف الشباب، بعضهم ترك هذه اللعبة رغم شغفه بها بسبب تعرضهم لإصابات خطيرة لكنها لم تثن خالد بن نصر البالغ من العمر 22 سنة على مواصلة هوايته، إذ يقول إن عزيمته كانت أقوى ومتعة هذه اللعبة في مخاطرها الجمة لأن الإصابة أجبرت الكثيرين على ترك هذه اللعبة وبالتالي أضعفت أدائه رغم ممارسته لها أكثر من عامين.
ويشكو الشبان من غياب فضاءات للتدرب على هذه اللعبة الملهمة التي يمارسونها في الشارع كما يتعرضون لبعض المضايقات الأمنية باعتبارها غريبة عن المجتمع التونسي رغم انتشارها في عدة دول غربية وعربية منذ سنوات لكن عند ممارستها في الشارع تجلب أنظار المارة ويتجمعون بكثافة لاكتشافها وبدأ بعض المخرجين يعتمدون على هؤلاء الهواة في أعمال درامية.
الباركور يكسر حاجز الخوف
أكبر الاختبارات في هذه اللعبة التي تسمى أيضًا يماكازي هو ممارستها على أنقاض المنازل القديمة لأنه لا مجال للأخطاء فيها، حيث يقول هشام النعامي الذي يمارس الرياضة منذ سنوات “قبل القفز على مسافات كبيرة على الأسطح يتملكني كثيرًا الخوف لكنه سرعان ما يتحول إلى شعور بالنصر والبطولة في حال إتمام الحركة بنجاح”، مضيفًا أن أسباب النجاح فيها يعتمد على الثقة في النفس ولا مجال لأصحاب القلوب الضعيفة لممارستها كما تتطلب السرعة في اتخاذ القرار الصائب وفي الوقت المناسب.
تختلف الرياضة عن الرياضات الأخرى فهي تقوم على القفز عاليًا والقيام بحركات بسرعة خيالية لا يمكن للشخص العادي القيام بها لذلك تجعل ممارسيها يشعرون بأنه لا يوجد عقبات في الحياة لا يمكن تجاوزها وهو فن بحسب هواة اللعبة، إذ تُعد من الأنشطة البدنية التي يصعب تصنيفها لأن روح الباركور تقودها فكرة الهروب حيث تتولد في هذه الحالة الحاجة إلى سرعة البديهة والمهارة للخروج من المواقف الحرجة عبر الرياضة التي يعرفها البعض كونها “مزيجًا من الروح والعقل والجسد”.