اختتمت أعمال القمة الخليجية الـ37 في العاصمة البحرينية المنامة، مساء اليوم الأربعاء، حيث استنكرت القمة في ختام أعمالها، تدخلات إيران في دول المنطقة، مبدية إدانتها لما اسمته “تسييس” طهران لفريضة الحج، مؤكدة العمل على تنفيذ رؤية الملك سلمان بن عبد العزيز للتعامل مع التحديات الراهنة في المنطقة.
وتلا الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي عبد اللطيف الزياني، البيان الختامي للقمة، والذي أكد على أن أمن الخليج جزء لا يتجزأ من حفظ الأمن الإقليمي، مشدداً على ضرورة تكثيف التعاون لتطوير المنظومة الدفاعية لدول الخليج. وفيما يتعلق باليمن أكد البيان دعم دول الخليج لجهود المبعوث الأممي إلى اليمن، وأن مجلس التعاون يعمل من أجل عقد مؤتمر دولي لإعادة إعمار اليمن.
أسباب كثيرة أولها حتمية التكامل الاقتصادي تدفع دول الخليج نحو اتحاد “مصيري”
وقال البيان، إن المجلس تابع مشاورات “الانتقال من مرحلة التعاون إلى مرحلة الاتحاد، وتوجيه المجلس الأعلى بالاستمرار في مواصلة الجهود للانتقال، وتكليفه المجلس الوزاري ورئيس الهيئة المتخصصة باستكمال اتخاذ الإجراءات اللازمة لذلك، ورفع ما يتم التوصل إليه إلى المجلس الأعلى في دورته القادمة”.
وأكد البيان “ضرورة الاستمرار في توثيق التعاون والتكامل بين الدول الأعضاء، وصولاً لتطبيق قرارات المجلس الأعلى فيما يتعلق بتطبيق المساواة التامة في المعاملة بين مواطني دول المجلس في مجالات السوق الخليجية المشتركة”.
وشدد بيان المجلس على أهمية الاستمرار في تعميق مجالات التكامل في المجالين الاقتصادي والتنموي لدول المجلس في مجالات: سير العمل في المجلس النقدي الخليجي، سكة حديد دول مجلس التعاون، السوق الخليجية المشتركة، الربط المائي والاستراتيجية الشاملة للمياه، تنفيذ قرارات المجلس الأعلى الخاصة بالتعليم، الخطة الخليجية للوقاية من الأمراض غير السارية.
من جانب آخر أعرب المجلس عن قلقه البالغ واستنكاره لاستهداف مليشيا الحوثي وصالح لمكة المكرمة بصاروخ باليستي، الشهر قبل الماضي، وأدان الاعتداء “الغاشم” الذي قال إنه “لم يراع حرمة هذا البلد وقدسيته”.
واعتبر البيان أن الاستهداف كان “تحدياً لمشاعر الأمة الإسلامية كافة، ويؤدي إلى الإخلال بأمن العالم الإسلامي”، مؤكداً أن “العمل إرهابي، ومن يقف وراءه أو يدعمه يعد شريكاً في الاعتداء، وطرفاً في زرع الفتنة الطائفية وداعماً للإرهاب”.
نتائج القمة الخليجية تبيّن بشكل عام حاجة دول مجلس التعاون إلى “تكتل اقتصادي” قوي يحميها ويرفع من قيمة اقتصادها، ويعزز من فاعلية الاقتصاد الخليجي وقدرته التنافسية والتفاوضية، ويؤكد مكانة ودور دول المجلس في الاقتصاد العالمي، بحسب البيان الختامي للقمة.
ما وراء زيارة تيريزا ماي
القمة الخليجية والتي عقدت على مدار يومين، حضرها رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي، حيث أكد البيان الختامي للقمة أن الحوار والتعاون الاستراتيجي مستمر بين دول مجلس التعاون وبريطانيا.
حضور ماي لأعمال القمة اُعتبر مهمًا لدول مجلس التعاون ولبريطانيا، حيث لم تخفِ “ماي” أن مشاركتها لأول مرة بالقمة الخليجية، تهدف إلى تحضير بلادها لمرحلة ما بعد الخروج من الاتحاد الأوروبي.
حيث تفقد لندن عقب الخروج من الاتحاد الأوربي، امتيازات لطالما تمتعت بها في السوق الأوروبية المشتركة، وتمثل لها منطقة الخليج بثرائها النفطي، واحتياجاتها الأمنية والعسكرية المتزايدة أحد هذه الخيارات.
أكدت ماي على أن المملكة المتحدة تعمل حاليًا على جعل لندن “عاصمة للاستثمار الإسلامي”
وفي هذا الصدد، أشارت “ماي”، إلى أن “دول الخليج تعد أكبر مستثمر في بريطانيا، وثاني أكبر سوق تصدير لدى بلادها خارج أوروبا، مؤكدة أن هناك إمكانية كبيرة لتوسيع هذه العلاقة في السنوات المقبلة.
“ماي” اعتبرت أن “مخاطر الأمن تزداد في الدول العربية والغربية على السواء”، مؤكدة أنه “لا بد من العمل بشكل مشترك من أجل تقويض المخاطر الأمنية والإرهابية”، وشددت ماي على أن بلادها “ستساعد دول الخليج في التصدي لعدوان إيران”، على حد تعبريها.
وقالت ماي في كلمتها: “جئت اليوم لأن لدينا تاريخاً حافلاً من المعاهدات السابقة بين بريطانيا ودول الخليج، ونود أن نثبت للعالم بأكمله أن لدينا العديد من الفرص التي سنستغلها معاً”. وأضافت: “أمن الخليج هو أمن بريطانيا أيضاً، والإرهاب الذي يستهدف دول الخليج يستهدف شوارعنا أيضاً، وعلينا معاً مكافحة “داعش” في سوريا”.
رئيسة الوزراء البريطانية لم تنسَ أن تنوه إلى أن “استخبارات بلادها تلقت العديد من الإنذارات من المملكة العربية السعودية حول تهديدات إرهابية، منقذةً بذلك الآلاف من الأشخاص”. وأكدت على أن “هناك تهديداً واضحاً من قبل إيران لدول الخليج، لذا يجب العمل بشكل مشترك لبناء خطة استراتيجية تجاه تلك المسألة”.
في الجانب الاقتصادي، أكدت ماي على أن المملكة المتحدة تعمل حاليًا على جعل لندن “عاصمة للاستثمار الإسلامي”، مؤكدة على أهمية تعزيز العلاقات الاقتصادية مع دول الخليج، وخاصة فيما يخص التجارة الحرة، “فهي تجعل الجميع أغنياء”، كما وصفت.
ماي صرّحت بأن بريطانيا توصلت إلى اتفاقية مع السعودية لمنح تأشيرات للمستثمرين البريطانيين لمدة 5 سنوات، كما كشفت عن أن بريطانيا ستشارك في معرض “دبي إكسبو 2020” التجاري العالمي، الذي يزوره مئات الآلاف، من أكثر من 180 جنسية حول العالم. وشددت ماي، على أهمية تعزيز الدفاع في مواجهة الجرائم الإلكترونية، وذكرت أنه سيتم إرسال خبير جرائم إلكترونية بريطاني إلى المنطقة لمساعدة دول الخليج على تعزيز أمنها الإلكتروني.
وفي هذا السياق، أشارت صحيفة “تلغراف” البريطانية اليوم، إلى أن زيارة “ماي” ومشاركتها في القمة الخليجية كشفت “عن خطط بريطانية لدعم الإجراءات الأمنية في مطارات دول الخليج، بموازنة تقدر بملايين الدولارات، وسط مخاوف متزايدة من هجمات إرهابية محتملة قد تستهدف قطاع الطيران، من قبل عناصر “داعش”، المتمركزين في العراق وسوريا”.
من جانبها، علّقت صحيفة الحياة السعودية على زيارة ماي وحضورها للقمة، حيث أكدت الصحيفة أن “هناك تقارب بين مواقف بريطانيا ودول الخليج من الناحية السياسية، فالموقف البريطاني مناهض للحوثيين في اليمن، وفي الشأن السوري لندن كانت تؤكد دائماً على ضرورة وقف ما يتعرض له الشعب السوري، كما أنها تدرك حجم الخطر الذي تشكله السيطرة الإيرانية على اليمن”.