وقع البنك المركزي المصري والبنك المركزي الصيني أمس الثلاثاء 7 ديسمبر/كانون الأول اتفاقية لتبادل العملات المحلية لأجل 3 سنوات بقيمة 18 مليار إيوان بهدف دعم التبادل التجارى بين البلدين وتخفيف العبء على الدولار التى شهد سعر صرفها أمام الجنيه قفزات متتالية سببت أزمة كبيرة فى الأسواق.
وقد جاءت هذه الخطوة بعد زيارات متبادلة بلغت 4 زيارات رئاسية خلال العامين الماضيين، قادت إلى تطور العلاقات السياسية والاقتصادية بين البلدين، وشملت الاتفاقات الموقعة بين الجانبين التوقيع على استراتيجية التنمية الشاملة التي تشمل كل المجالات.
وحسبما جاء في بيان للبنك المركزي المصري أن الاتفاقية تحقق منفعة متبادلة للطرفين، كما أنها تؤكد على “قوة العلاقات بين الدولتين”، وتظهر دعم الصين لبرنامج الإصلاح الاقتصادي المصري، كما أنها تأتي مكملة لسلسلة من التدابير التي تم اتخاذها لإطلاق إمكانيات الاقتصاد المصري.
وكان البنك المركزي المصري أعلن في الأمس، عن ارتفاع صافي الاحتياطي النقدي من النقد الأجنبي بنحو 4 مليارات دولار ليبلغ مستوى 23.05 مليار دولار مقابل 19.04 مليار دولار في أكتوبر/تشرين الأول السابق مرتفعًا بنسبة بلغت 21%.
علمًا أن هذا الارتفاع في صافي الاحتياطي النقدي يعود إلى دخول 2.75 مليار دولار من صندوق النقد الدولي تمثل الشريحة الأولى من قرض الصندوق البالغة 12 مليار دولار، والتي ستحصل عليها مصر على 4 دفعات، بالإضافة إلى ملياري دولار قيمة السندات الدولية.
العلاقات المصرية الصينية
تعد الصين أكبر شريك تجاري لمصر منذ عام 2013، إذ تعد من الدول القليلة التي ساندت مصر ماليًا بعدما منحت البنك المركزي المصري مليار دولار بالإضافة إلى 800 مليون دولار إلى بنكي مصر والأهلي حسب تصريحات مجدي عامر مستشار البنك المركزي المصري.
وتجاريًا تتزايد إجمالى المعاملات التجارية بين البلدين بنحو 30% منذ قرابة العامين إلى نحو 10 مليارات دولار وبلغ التبادل التجاري بين البلدين في العام الماضي بلغت نحو 11 مليار دولار، وفقاً لوكالة بلومبرج الاقتصادية، من بينها 9.1 مليار قيمة البضائع الصينية المستوردة إلى مصر، وتجاوزت قيمة الاستثمارات الصينية فى مصر 6 مليارات دولار موزعة على العديد من القطاعات.
وبلغ عدد الشركات الصينية العاملة فى البلاد نحو 80 شركة وإجمالى تدفقات استثمار أجنبى مباشر من الصين إلى مصر نحو 119.3 مليون دولار خلال العام المالى 2015/2016 بارتفاع عن العام المالى السابق بنسبة 97.2% حيث سجل قرابة 60.5 مليون دولار.
ومن حيث المنتجات التي تصدرها الصين إلى مصر فتتركز في السيارات والمنسوجات ومنتجات الحديد، بينما تستورد الصين من مصر منتجات الرخام والمواد البترولية والمواد الأولية وبعض المنتجات الزراعية.
فوائد الاتفاقية
ستخول الاتفاقية البنك المركزي المصري الحصول على مبلغ 18 مليار يوان صيني، خلال الـ3 سنوات القادمة بينما سيحصل البنك المركزي الصيني على مبلغ 46.18 مليار جنيه مصري، خلال نفس الفترة.
والجدير ذكره أن مبلغ الاتفاقية بين البلدين يعادل بالدولار نحو 2.6 مليار دولار، ويعد سعر الجنيه المصرى أمام اليوان الصيني وقت توقيع الاتفاقية هو أساس تسعير قيمة اتفاق تبادل العملات، كما يبلغ سعر اليوان الصيني في الأمس بحسب البنك المركزي المصري 2.5658 جنيهًا.
ومن المقرر أن تسمح الاتفاقية بدعم التبادل التجاري بين مصر والصين، وتعزز العلاقات بينهما وتخفف العبء على الدولار من خلال تخفيض الطلب عليه لصالح اليوان بعدما تعرض الدولار لضغط متزايد بسبب قلة العرض الموجود في ظل كثرة الطلب، خاصة أن 30% من استيراد مصر يتم من الصين وبالتالى فإن استبدال اليوان والجنيه بدلًا من الاستيراد بالدولار سيقلل بشكل كبير من سعر الدولار فى البنوك وهو ما سيكون له فوائد اقتصادية كما يرى مراقبون.
ارتفاع صافي الاحتياطي النقدي لدى المركزي المصري من النقد الأجنبي بنحو 4 مليارات دولار ليبلغ مستوى 23.05 مليار دولار
ومن شأن نجاح هذه الخطوة أن تجدد الثقة فى الاقتصاد المصري وتنهي حالة استنزاف الاحتياطي النقدى من الدولار، كما أنها ستعمل تدريجيًا على تحقيق استقرار سعر صرف الجنيه أمام الدولار من جهة أخرى.
وحسب اقتصاديون مصريون فإن الاتفاق يحمل نقاطًا إيجابية رئيسية تتركز في تخفيف الطلب على الدولار، فواردات مصر من الصين تشكل 10% من الورادات المصرية سنويًا، إذ تستورد مصر من الصين منتجات وخدمات بقيمة تقدر بـ10 مليارات دولار، وهذا سيسمح للمستورد بالحصول على اليوان مباشرة بما ييسر الاستيراد من الصين فيما يقلل الطلب على الدولار ويخفف من الضغط على الجنيه المصري.
فيما تبرز النقطة الأهم في الاتفاق أن البنك المركزي سيعمل على وضع المبلغ المتأتي من الاتفاق في الاحتياطي الأجنبي وهذا من شأنه أن يرفع من قيمته، وليس تبديده في التبادل التجاري إذ سيختفي الرقم (2.62 مليار دولار) في غضون 3 أشهر.
أما من حيث الفائدة التي ستجنيها الصين من الاتفاقية فهي تتركز في الاستثمارات الصينية الموجودة في مصر والشركات العاملة في العاصمة الإدارية الجديدة والتي تقدر إجمالي استثماراتها بنحو 20 مليار دولار إذ سيكون هذا الاتفاق من صالحها من حيث سرعة تأمين مستلزمات الاستثمار باليوان.
ومن جهة أخرى فإن هذه الخطوة ستعزز من فرص قدوم المستثمرين الصينيين إلى مصر وتعزيز التبادل التجاري بشكل أكبر في المرحلة المقبلة، وهو ما سيكون بادرة لمجئ المستثمرين من أوروبا والدول الغربية في المستقبل