العاشرة صباحًا، أمام أحد مركز الشرطة في مدينة مراكش المغربية، وقفت صفاء (اسم مستعار)، تنظر صديقتها سمر (اسم مستعار) التي دخلت المركز لتقديم شكوى ضد مجهول قالت إنه أنشأ حسابات على موقع التواصل الاجتماعي “الفيسبوك” تحمل اسمها ونشر فيها معلومات غير صحيحة عنها وأفلام وصور خادشة للحياء.
سمر ومثلها العشرات يتوجهون أسبوعيًا لمراكز الأمن المغربية لتقديم شكاوى ضد مجهولين، اخترقوا حساباتهم في مواقع التواصل الاجتماعي أو أنشأوا حسابات جديدة باسمهم من شأنها المس بسمعتهم وشرفهم، لكن أغلبيتهم لا يصلون إلى شي.
توصف العديد من الأفعال جريمة حسب مقتضيات هذا القانون
ففي الوقت الذي يرى فيه العديدون أن المغرب يحتوي على ترسانة قانونية مهمة تحمي من جرائم الإنترنت وتعاقب عليها، ترى سمر ومن تعرض لمثل هذه الجرائم الإلكترونية، أن تشريعات المملكة لم تنصفهم، وصادق مجلس النواب المغربي، يونيو 2003، على “قانون الإخلال بسير نظم المعالجة الآلية للمعطيات”، يعاقب على الجريمة الإلكترونية، وتتراوح العقوبات التي ينص عليها القانون الجديد ما بين شهر و10 سنوات حبس، وغرامة تتراوح بين 200 دولار و200 ألف دولار.
وتوصف العديد من الأفعال جريمة حسب مقتضيات هذا القانون، ويتعلق الأمر بالولوج عن طريق الاحتيال إلى النظم المعلوماتية، وخرق أو تغيير أو اضطراب في المعطيات المدرجة فيها، أو عرقلة سير نظم المعالجة أو إحداث خلل فيها أو إتلافها، وتضمن القانون عقوبات على تزوير وتزييف وثائق المعلومات متى ترتب عن ذلك إلحاق ضرر بالغير أو استعمال وثائق معلوماتية مزورة أو مزيفة.
تسند مهمة تتبع المعلومة الإلكترونية وتحليلها، إلى وحدات مكافحة الجريمة المعلوماتية التابعة للأمن المغربي
ويصف عديد من الخبراء هذا القانون بأنه غير كافٍ ولا يضمن حماية فعالة، خاصة أنه لا يشمل سوى جانب واحد من جرائم الإنترنت، وهو ذلك المتعلق بالوصول بطرق احتيالية إلى البيانات والمعطيات الشخصية وترفض أوروبا قانون حماية المعطيات الشخصية المغربي، وترفض التعامل به، إذ يمكن للمغرب إرسال المعطيات الشخصية بكل حرية إلى أوروبا، في حين هذه الأخيرة ترفض إرسال البيانات الشخصية في اتجاه المملكة نظرًا لاعتبارها غير محمية.
وتسند مهمة تتبع المعلومة الإلكترونية وتحليلها، إلى وحدات مكافحة الجريمة المعلوماتية التابعة للأمن المغربي، وتعتمد المصالح الأمنية المتخصصة في محاربة الجريمة المعلوماتية على الخدمات التي تقدمها كفاءات مهنية متخصصة (مهندسون، تقنيون…) وعلى أمنيين تم تكوينهم وتأهيلهم، في مجال مكافحة الجريمة التي لها علاقة باستغلال تكنولوجيا المعلومات.
ورغم هذا المجهود الرسمي، يواجه مستخدمو الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي في المغرب مشكلة كبرى تتمثل في اختراق الحسابات والبيانات الشخصية، واستغلال المنصات الإلكترونية المتعددة في نشر صور وفيديوهات مفبركة، كمحاولة لابتزاز هؤلاء الضحايا.
في شهر يناير الماضي، أطلق المغرب النسخة الثالثة من الحملة الوطنية لمكافحة جرائم الإنترنت
ويحتم ازدياد الجرائم الإلكترونية على الحكومة المغربية والبرلمان إصدار تشريعات تواكب هذه التطورات التي لم تتوقف عند نشر صور أو فيديوهات ومحتوى غير حقيقي، وامتد إلى السب والقذف والتشهير بمشاهير وشخصيات عامة ومواطنين مغربين أيضًا.
وفي شهر يناير الماضي، أطلق المغرب النسخة الثالثة من الحملة الوطنية لمكافحة جرائم الإنترنت، بهدف الحفاظ على البيانات الشخصية وتقديم النصائح الواجب اتباعها من قبل الشباب المغربي في أثناء استخدام مواقع التواصل الاجتماعي.