يبدو أن رياح المؤتمر السابع لحركة فتح هذه المرة لم تأت كما تشتهي سفن النائب في المجلس التشريعي الفلسطيني والمفصول من حركة فتح محمد دحلان، فنتائج المؤتمر كانت معاكسة لكل تمنيات وأحلام دحلان، بل تجاوزت ذلك بكثير حين باتت تلك الرياح العاتية تهدد بإغراق مركب دحلان بمن فيه.
الرئيس عباس وفي رأي الكثير من السياسيين والمحليين، كان الناجح الأكبر من انتخابات حركة فتح الداخلية (المركزية والثوري)، وما أفرزته من عودة “حرسه القديم” وأذرعه القوية مجددًا، وإبعاد كل عنصر موالٍ للنائب دحلان عن المركزية والثوري وإسقاطهم في الانتخابات، مما جعله يمسك الحركة بقبضة من حديد.
دحلان الذي يعتبر الخاسر الأكبر من نتائج تلك الانتخابات، بات الآن يفكر في كل الطرق التي قد تؤدي به في النهاية إلى كرسي حركة فتح مجددًا، ولكن تلك الطرق مليئة بالعقبات التي وضعها عباس أمام دحلان وأنصاره.
معارضة فلسطينية في الخارج
أوساط عربية وشخصيات فلسطينية رفيعة المستوى، والتي تدعم تيار دحلان في مواجهة الرئيس عباس، قدمت عدة اقتراحات لإعادة ترتيب بيت دحلان من جديد، وكان أهمها ما كشف عنه مسؤول فلسطيني لمراسل “نون بوست”، عن إقامة حلف معارضة بقيادة دحلان في خارج فلسطين.
وبحسب المسؤول الفلسطيني، الذي يعد من المقربين لدحلان، فأكد أن دولاً عربية عرضت على دحلان دعمه في إقامة “حلف للمعارضة” ضد الرئيس عباس، يضم جميع المطرودين من حركة فتح والشخصيات الفلسطينية الموجودة في الخارج.
وكشف أن بعض الدول العربية تعهدت بتوفير الدعم المالي والسياسي، وحتى استخدام أراضيها لعقد لقاءات كبيرة ومنظمة لتيار دحلان، فيما لم يُبد دحلان معارضة على تلك الاقتراحات العربية بل ساندها وبكل قوة.
وذكر أن شهر ديسمبر الحالي سيشهد ميلاد أول حلف معارضة فلسطينية جديد في الخارج بقيادة دحلان، مؤكدًا أن اللقاء الأول سيعقد قريبًا في إحدى العواصم العربية وسيضم أكثر من 2000 عنصر من أنصار دحلان في الخارج.
ولفت المسؤول الفلسطيني لـ”نون بوست”، أن دحلان لم يحصر هذا الحلف المعارض على أنصاره فقط، بل سيفتح الباب أمام كل فلسطيني أو عربي، يعارض سياسة الرئيس محمود عباس.
وهنا يقول المحلل السياسي الفلسطيني وجيه أبو ظريفة، إن عباس ما زال يتحكم في مقدرات الحركة المالية والتنظيمية ويسيطر على مقدرات السلطة ويجبرها لخدمة رؤيته سواء في السلطة أو في حركة فتح.
وبحسب أبو ظريفة فإن الطريق الوحيد أمام معارضي المؤتمر هو بدء العمل على إنجاز تشكيل أول كيان سياسي جديد يجمع في كنفه كل المعارضين من فتح وربما الغاضبين من تنظيماتهم الأخرى، إضافة إلى مجموعات كبيرة من الشباب الذين لا يجدون أنفسهم في الأحزاب والقوى السياسية الفلسطينية الحالية.
وكان أعضاء المؤتمر انتخبوا عباس بالإجماع من خلال التصفيق، وليس عبر صندوق الاقتراع، كما انتخب المؤتمر أعضاء اللجنة المركزية، الهيئة القيادية الأولى في الحركة، وحافظ الأعضاء المقربون من الرئيس عباس على مواقعهم في اللجنة، وحجب أعضاء المؤتمر أصواتهم عن عدد من الأعضاء والمرشحين الذين أظهر الرئيس عدم رضاه عن أدائهم وعن صلاتهم بالمسؤول “الفتحاوي” السابق محمد دحلان مثل أحمد قريع وسلطان أبو العينين وصخر بسيسو.
وكان عباس انتخب كرئيس للسلطة الفلسطينية العام 2005 مدة أربع سنوات وانتهت ولايته عام 2009، بينما يعرقل الانقسام الفلسطيني بين حركتي فتح وحماس إجراء انتخابات تشريعية ورئاسية.
وتهيمن فتح على مؤسسات السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية، في حين فقدت سيطرتها على مؤسسات السلطة في قطاع غزة بعد أن سيطرت حماس على القطاع عام 2007.
مصر غاضبة من عباس وتدرس الرد
وفي ذات السياق، قال موقع “والّلا” العبري إن السلطات المصرية غاضبة من رئيس الفلسطيني محمود عباس عقب نجاحه في تطهير صفوف حركة فتح من رجالات خصمه القيادي المفصول من الحركة محمد دحلان.
وبيّن الموقع العبري أن نتائج انتخابات مؤتمر فتح السابع كانت “القشّة التي قسمت ظهر البعير من ناحية العلاقة بين مصر وعباس”، مشيرًا إلى أن القاهرة تدرس اتخاذ سلسلة من الردود منها فتح معبر رفح الحدودي مع قطاع غزة، وهي الخطوة التي من شأنها الإضرار بسياسة إسرائيل التي تحاصر غزة.
وذكر أن السلطات المصرية ستعمل على تشكيل لجنة في القاهرة تهتم بمصلحة الفلسطينيين وخاصة أهالي قطاع غزة، كما أنها تدرس إدخال البضائع لقطاع غزة عن طريق معبر رفح وإعطاء تصاريح عبور تجارية لرجال أعمال من غزة.
وادّعى أن حركة حماس التي تسعى لفكّ الحصار عن سكان غزة، وبرغم ما عانته من دحلان قبل سيطرتها على قطاع غزة منتصف عام 2007، ستسمح بوضع رجال تابعين لدحلان على معبر رفح، إضافة للسماح برقابة إسرائيلية على البضائع الداخلة إلى القطاع المحاصر.
وأشار الموقع العبري إلى أن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي يعلم أن مسألة النزاع على وراثة عباس هي “مسألة وقت”، لافتًا إلى أن هناك فكرة مصرية تتبلور لإقامة جسم سياسي فلسطيني جديد يعمل على بسط السيطرة بالمخيمات في الضفة الغربية وقطاع غزة في إطار خطّة اليوم الذي يلي رحيل عباس.
وبحسب الموقع فإن إسرائيل تتابع تحركات رجال دحلان تخوّفًا من استغلال أجواء فترة ما بعد عباس وحدوث اقتتال داخلي بين مسلحي المخيمات والشرطة الفلسطينية الأمر الذي قد يدفع بجيش الاحتلال إلى التدخل.