منها ما يدفعك للخوف حتى من ممثلي الدين والسماحة باركان السلطات المختلفة في “بعض المواقف”، ومنها ما يدفعك للندم على ثقة كنت تضن بها كل خير، ومنها ما يجعلك تستشعر أنك أحوج ما تكون إلى الموت في ضل القصف العشوائي من قبل جيش يفترض ان يحميك، ومنها ما يفقدك قيمة الحياة برمتها فيأخذ منك احبابك واصدقائك قتلا بدون اي سبب!!
ايام خلت جعلت الكآبة تخيم على كل ما حولك، وخلاصة هذه الايام جميعها، تجلي أمام عينيك بما لا يدع مجالاً للشك حقارة هذه الدولة ووضاعتها في التعامل مع ابناء جلدتها وحل قضايا شعبها. العراقيين، و “السنة منهم على وجه الخصوص” وفي هذه الايام وقعوا بين لئيمٍ لا يُأمن غدره، وبين خائنٍ يترقبون خيانته، وبين منافقٍين يتربصون بهم، وبين طامعٍ يتحين فرصة الاستيلاء عليهم!، وبين حاقدٍ يعتصر قلبه حقداً عليهم، وبين فاجرٍ يسخر منهم، وبين سفيهٍ يخشون أن يضر بهم، وبين مجتمع دولي لا يعبأ لهم ويقف ضدهم!، فلم يجدوا غير الاتكال على الله، والدفاع عن قضاياهم بالغالي والنفيس بعد ان ايقنوا ان لا منجى من هذه الفتن والمؤامرات التي تحاك ضدهم سواه سبحانه وبالاعتماد على النفس ثانيا.
اوضح لكم مشهد السياسة في العراق باختصار؛ هل رأيتم من يبني بيتاً من الماء؛ لوضع أرطالاً من المعادن التي تنأى عن حملها الجبال عليه! ثم يندب حظه لعدم قدرته على إتمام ذلك البناء بسبب عدم تماسك مواد بنائه المكونة من الماء والهواء ؟! قد تتعجب إذا ما عرفت أن صاحب هذا البناء هم الساسة العراقيين “السنة منهم على وجه الخصوص” وكل بني البشر من العراقيين الذين ينسجون من آمالهم وأمنياتهم العريضة أوهاماً معتمدين عليهم في بناء الوطن !!، ثم وفجأة وبدون سابق انذار وفي غفلة من الطرفيين يهيمون “معاً” في ضياع، مبددين أعمار وطاقات مجتمع كبير في هباء، ثم لا يملك هذا المجتمع الا ان يقدم مئات القتلى والجرحى مفارقين الحياة بأمنيات بان يكونوا مع ركب الأتقياء !!
لم يفز الساسة العراقيين بأي شيء على وجه الإطلاق، وان كانت هناك فائدة مادية لهم في مجرد لحظة متعةً سريعة الزوال، وستبقى آثار شؤمها على نفوسهم دائمة الكآبة مؤرقة لبالهم. وخصوصا بعد معركة الانبار التي لاتزال مستمرة احداثها على الارض! اخشى على هؤلاء الساسة من غضب الله، بل صار غضبه عليهم وشيك الإنزال، بعد كل هذا السفك من الدماء! ماذا سيقولون لله عندما يمضون الى قبورهم دون ما زاد من الأعمال الصالحة؟، وكيف سيكون حالهم عندما يصبحون رهينوا الحساب وليس لهم به أي طاقة أو احتمال !!، فبأي شيء فاز هؤلاء الساسة في هذا الموقف سوى المهانة والمذلة والخسران ؟!
عجيب سعي الساسة والسياسيين في هذه المرحلة، فما بين منهمكٍ على دنياه، يبذل في سبيلها أيّ شيءٍ لإدراك سعادةٍ زائفةٍ غير مبالٍ بثمن ما يدفعهُ من اجلها “حتى وان كان دماء الابرياء”. وسينصر الله ودون ادنى شك كل من بذل في سبيل دينه كل غالٍ ونفيسٍ ؛ وسينال مبتغاه بنصرة دين الله، حتى لو كابد في سبيل ذلك كل الصعاب !!
ولكن؛ هناك من يكابد من اجل مصلحة شخصية، وهناك من يكابد من اجل امة وشرع الله! فشتان ما بين السعيين، إذ شتان ما بين العاقبتين! فسبحان من أودع في كل قلبٍ ما أشغله، وعجباً؛ كيف يحيا من لا يحب الخير للآخرين ..!