أقرّ مجلس الشيوخ الأميركي، أمس الخميس 8 ديسمبر/كانون الأول، بأغلبية ساحقة، مسودة قانون تفويض الدفاع الوطني تتضمن موازنة “البنتاغون” لعام 2017 والتي في الأول من أكتوبر/تشرين الأول 2016 وحتى 30 سبتمبر/أيلول 2017 وبلغت 618.7 مليار دولار، وتسمح مسودة القانون أيضًا بتقديم مضادات طائرات محمولة، إلى المعارضة السورية “المعتدلة”.
إذ تضمن التشريع الذي حظي بتأييد 92 عضواً من مجلس الشيوخ من أصل 100، تفويضاً للرئيس الأميركي المقبل، يستطيع بموجبه تزويد المعارضة السورية “التي تم التحقق من خلفياتها” بمضادات للطائرات تحمل على الكتف من طراز “مانباد”، شرط أن يكون ذلك بموافقة وزيري الخارجية والدفاع، بحسب مسودة القانون.
وخصصت الموازنة الجديدة 67.8 مليار دولار لصندوق العمليات الطارئة خارج الولايات المتحدة، والتي يتم تكريسها للعمليات العسكرية في الخارج مثل الحرب على تنظيم داعش.
وبعد إقرار المسودة من قبل مجلس الشيوخ رفع الرئيس أوباما الحظر المفروض على توريد أسلحة لحلفاء واشنطن في مجال مكافحة الإرهاب في سوريا، وقال البيت الأبيض إن مذكرة بهذا الأمر أرسلت إلى الخارجية ووزارة الدفاع الأمريكيتين. وجاء في المذكرة أن رفع هذا الحظر له أهمية قوية لمصلحة الأمن القومي الأمريكي.
إقرار قانون أمريكي يسمح بتزويد المعارضة السورية بمضادات محملة على الكتف
وحسب القوانين الأمريكية يتوجب على وزيري الخارجية والدفاع تقديم المعلومات حول المساعدات العسكرية للكونغرس لكي يوافق هذا الأخير عليها، كما يتوجب على البنتاغون أن يحدد العدد الدقيق للمنظومات التي يريد توريدها للمعارضة وتوضيح الطرق التي يخطط لإيصال الأسلحة عبرها إلى سوريا.
كانت صحيفة واشنطن بوست كشفت في الـ6 من ديسمبر/كانون الأول، أن مجلس النواب الأمريكي صادق على مشروع قانون يتضمن توريد وحدات من منظومات الدفاع الجوي المحمولة لمجموعات المعارضة السورية المسلحة. وسيتطلب من البنتاغون تقديم معلومات مفصلة حول الأطراف التي ستتلقى المنظومات قبل توريدها للفصائل السورية المعارضة.
هل يزود أوباما أو ترامب الثوار بأسلحة فتاكة حقًا؟
بدعوة خوفه من وقوع الأسلحة المضادة للطيران في الأيدي الخطأ رفض الرئيس الأميركي باراك أوباما، تقديم مضادات الطائرات المحمولة على الكتف إلى المعارضة السورية، إلا أن القانون لا يشير إلى إدارة الرئيس الحالي بل تعني الرئيس المنتخب دونالد ترامب، عقب تسلمه لمقاليد السلطة في البلاد، خلال رئاسته التي تبدأ في 20 يناير/كانون الثاني المقبل.
وفي كل الأحوال يعد القانون على درجة من الأهمية من حيث كونه يعطي الإذن للرئيس الأمريكي المقبل بتزويد أسلحة كالمنظومات المحمولة على الكتلف لغير الدول، وهذا يتعارض مع التوصيات الدولية التي دعت إلى تبنيها الولايات المتحدة.
تتمسك إدارة أوباما بالبحث عن تسوية النزاع السوري بطرق سلمية سياسية وأن المفاوضات هي السبيل الوحيد لإنهاء حمام الدم
من جهتها أعلنت الخارجية الأمريكية أن الولايات المتحدة لا تنوي توريد صواريخ مضادة للطيران تحمل على الأكتاف للمعارضة السورية، حتى في حال تبني الكونغرس قانونًا بهذا الشأن.
وحسب ما أشار إليه مارك تونر، نائب المتحدث باسم الوزارة ، الأربعاء 7 ديسمبر/كانون الأول “بغض النظر عما إذا تم تبني هذا القانون أم لا، فقد أعلنا بوضوح عدم نيتنا توريد أسلحة قاتلة للمعارضة في سوريا“.
وأشار إلى أن الإدارة الأمريكية الحالية أعلنت مرارًا أن “أطرافًا معنية أخرى أعربت عن رغبتها في تسليح مقاتلي المعارضة أو قامت بتسليحهم” بينما تتمسك واشنطن بالبحث عن تسوية النزاع السوري بطرق سلمية سياسية وأن المفاوضات هي السبيل الوحيد لإنهاء حمام الدم وخصوصًا بعدما كثف النظام السوري ومعه حلفاءه الروس وغيرهم من وتيرة القصف لشرق حلب وتمكنهم من السيطرة على أكثر من 70% للأحياء المحاصرة التي يقطنها نحو ربع مليون شخص.
لذا فإنه من غير المعقول أن يغير هذا القانون في هذا الوقت من استراتيجية أوباما في سوريا، هذا من ناحية ومن ناحية ثانية، فإن مجريات المعركة في سوريا تشير إلى نتائج كارثية على مستوى الأرض فالعالم بات يشهد الأيام الأخيرة لحلب والتي يرى فيها مراقبون في الشأن السوري أن ما قبل حلب ليس كما بعدها، ومؤسسات الإغاثة ودول العالم يتشاطرون في طرح نداءات استغاثة لإخراج المدنيين العالقين في الأحياء المحاصرة بفتح ممرات إنسانية وتأمين الجرحى وعمل هدنة إنسانية.
الرئيس الأمريكي دونالد ترامب
وتتجه الجمعية العامة للأمم المتحدة في اجتماع لها اليوم إلى تبني قرار بدعم دولي كبير توقع دبلوماسيون أن يحصل على تأييد نحو 120 دولة يتضمن خطوات عملية تتعلق بالحماية الدولية للشعب السوري.
ويتضمن مشروع القرار الجديد عناصر جديدة بمبادرة كندية أبرزها مسألة تكليف الأمين العام “تقديم توصيات خلال ٤٥ يوماً حول الإجراءات العملية التي تؤمن الحماية الدولية للمدنيين السوريين وقد نص مشروع القرار على «تأكيد ضرورة اتخاذ الإجراءات لتأمين الحماية للمدنيين السوريين، والتوقف الكامل في شكل فوري لكل أشكال القصف العشوائي على المدنيين، وتطبيق وقف الأعمال القتالية فوراً بموجب قرار مجلس الأمن ٢٢٦٨ والوصول الآمن للمساعدات الإنسانية إلى كل المناطق المحاصرة، وضرورة المحاسبة على الجرائم المرتكبة في سوريا التي تعد انتهاكات للقانون الدولي، وبعضها يرقى إلى جرائم حرب وضد الإنسانية، إن على مستوى العدالة الوطنية أو الدولية”.
استراتيجية ترامب في سوريا تقوم على التنسيق الكامل مع الروس والاحتفاظ بنظام الأسد ووقف الدعم الأمريكي للمعارضة السورية
وكان وزير الخارجية القطري محمد عبد الرحمن آل ثاني أكد أن قطر ستواصل تسليح المعارضة السورية حتى في حال أوقف ترامب الدعم الأمريكي لها، مؤكدًا أن قطر لن تدعم المعارضة بصواريخ تحمل على الكتف للدفاع عن نفسها ضد الطائرات السورية والروسية، فهكذا خطوة تحتاج لموافقة جماعية من الأطراف الداعمة للمعارضة، وشدد أن ما هو أهم من الدعم العسكري الآن الحاجة الماسة لوقف القصف وخلق مناطق آمنة للمدنيين.
بينما لن تكون الاستراتيجية الأمريكية أفضل حالًا على يد ترامب من سابقتها، فترامب دعا في تصريحات كثيرة سابقًا إلى ضرورة تغيير السياسة الأمريكية تجاه سوريا، من خلال ضرورة التنسيق مع روسيا لمحاربة الإرهاب وتشكيكه بماهية من تدعمهم واشنطن وحلفائها تحت تسمية معارضة معتدلة.
وزير الخارجية القطري محمد بن عبد الرحمن آل ثاني
فاستراتيجية ترامب في سوريا تقوم على التنسيق الكامل مع الروس والاحتفاظ بنظام الأسد ووقف الدعم الأمريكي للمعارضة السورية بينما ستظل القوات الحكومية تتلقى الدعم الروسي في قتالها مع المعارضة.
وأوردت صحف أمريكية أن فريق ترامب باشر فعليًا ببحث الأزمة في سوريا مع المسؤولين الروس لتنسيق الموقف مع موسكو وخلق معادلة جديدة على الأرض، وحتى تكون هذه المعادلة جاهزة على الأرض مع دخول ترامب للبيت الأبيض بداية العام القادم يجري القضاء على أهم معقل للمعارضة السورية في حلب.